مسرحية فرنسية عرضت للمرة الأولى في عام 1875

«كارمن».. حب غجري على خشبة «أوبرا دبي»

صورة

حول الحب والغيرة والمأساة.. تدور قصة العمل المسرحي «كارمن»، الذي يقدم على خشبة «أوبرا دبي» بدءاً من اليوم حتى الثامن من سبتمبر الجاري. يحملنا العرض الفرنسي، الذي عرض للمرة الأولى عام 1875، إلى حياة الفتاة الغجرية المتحررة المتقلبة المزاج، التي تسعى بجمالها إلى الإيقاع بالرجال. ترتدي فستانها الأبيض والأحمر وترقص بخطوات هادئة على إيقاعات معزوفات العمل، التي كان قد تنبأ تشايكوفسكي، بأنها ستكون في غاية الأهمية بعد سنوات من انطلاقها. ومع الغناء والرقص ندخل إلى حياة طبقة العاملين الكادحة، وإلى المجتمع الذي يشهد التمرّد على العادات والتقاليد.

منذ أن ترفع الستار يقحمك العمل في جدلية الحياة والموت، من خلال الرموز التي وجدت في السينوغرافيا المسرحية، بدءاً من الشاشة التي تعكس الفراشة الملوّنة الطائرة، التي تعرف بحياتها القصيرة، وصولاً إلى كل متعلقات الديكور المرتبطة بميكانيكية صناعة الساعات، التي تشير إلى مرور الزمن.

يقسّم العمل إلى أربعة مشاهد، تبدأ بعرض حياة الفتاة الغجرية التي تعيش بشكل متحرر من القيود الاجتماعية، ومن التقاليد التي تجدها ستحوّل حياتها إلى شكل رتيب، لتطال حياة طبقة العاملين، وما يواجهون في يومياتهم.

تتصاعد الحبكة المسرحية في العمل الأوبرالي، الذي يشارك فيه ما يقارب 25 مغنياً منفرداً، مع الشجار الذي يقود «كارمن» إلى السجن، إذ توقع الشرطي الإسباني دون جوزيه بحبها، وتنسيه حبيبته السابقة، وتجعله رجلاً خارجاً عن القانون، يهرب من واجباته وينشغل بحبها. يتبعها جوزيه، ويتبع أحلامه، لكنها تتركه وتحب مصارع الثيران إسكاميلو، ما يجعل العمل يتصاعد في اتجاه تراجيدي، فتغيب المشاهد الرومانسية التي سيطرت على المشاهد الأولى في المسرحية، لتحل مكانها الغيرة، ومن ثم النهاية التراجيدية مع مقتل «كارمن» على يد الشرطي الإسباني، الذي ينهي حياتها من شدة الحب والغيرة.

العمل المسرحي، الذي يحمل 27 مقطوعة موسيقية، يكسر القيود المجتمعية التي كانت سائدة بفرنسا في العصر الذي كتبت فيه، فمشهد النساء المدخنات، وكذلك تخلي الغجرية عن العادات الاجتماعية وتحررها المطلق، كان مرفوضاً بشكل مطلق. هذا الشكل الذي حمله العمل، إلى جانب النهاية غير المتوقعة بموت «كارمن»، أسهما في إنجاح العمل، حيث استندت كل هذه الأحداث الإنسانية إلى موسيقى شديدة العذوبة، فأبرزت الموسيقى والرقص وانسجام الممثلين مع الحسّ العالي فيها وحدة المشهد والتكامل في العمل.

أخرج العمل المسرحي المنتج من قبل المسرح الأكاديمي الوطني الأرميني الأوبرا والأروكسترا، المخرج أرمن مليكسيتيان، وأتى مخلصاً للموسيقى التي ألفها جورج بيزيه، والكلمات التي كتبها هنري مايلهاك، ولودوفيك هاليفي، بينما كانت هناك مجموعة من التعديلات التي جعلت العمل يأخذ شكلاً معاصراً، سواء لجهة الأزياء التي قدمها أستريك ستيبانيان، أو تصميم الرقصات التي وضعت خصيصاً لتناسب خشبة «أوبرا دبي». أما الديكور الخشبي الذي نصب على المسرح، المستوحى من عالم الساعات، فقد صنع خصيصاً لهذه النسخة من العمل، ما يجعل النسخة التي تُعرض في دبي الأولى من نوعها، بما تحمله من تجديد في الشكل الإخراجي.

وعن العمل المسرحي، الذي يُعرض للمرة الأولى في دبي، قال المدير الفني لمسرح الأوبرا الأرمينية، كونستانتين أوربيليان، لـ«الإمارات اليوم»: «إن العمل المسرحي الأوبرالي يعدّ من الأعمال الأكثر إنتاجاً، ضمن الأعمال المسرحية الأوبرالية، وقد أنتج بشكل خاص لمسرح دبي، وسيُعرض في أكتوبر المقبل في أرمينيا بهذا الشكل الإخراجي الجديد، الذي بلا شك شكل إنتاجه تحدياً كبيراً للمخرج».

وأضاف: «العرض يقوم على فكرة البحث عن الحب في الحياة، فهناك رغبة في اختبار الحياة بكل أشكالها ووجوهها». ولفت أوربيليان إلى أن الشركة تعمل على تقديم عمل «كارمن» منذ 20 سنة، بحيث تقوم بتقديم سبعة عروض في السنة، وقد جالت الكثير من دول العالم، فهي من أعظم الأعمال الأوبرالية التي شاهدها الملايين من الناس على مدى 150 عاماً. ورأى أن الأعمال الأوبرالية القديمة مازالت تحافظ على مكانتها على خشبة المسرح، ولاتزال تنتج من جديد وبشكل مستمر بسبب الموسيقى الرائعة التي تحملها، وكذلك القصص التاريخية التي تروي الحياة بشكل بعيد عن الفنتازية. أما الفريق الذي يقدم العمل فيقارب 200 شخص، فهناك ما يقارب 48 ممثلاً على المسرح، و25 مغنياً منفرداً، و10 راقصين باليه، و54 عازفاً في الأوركسترا، و25 عاملاً على المسرح.


25

مغنياً منفرداً يشاركون في العرض.

27

مقطوعة موسيقية يتكون منها العمل.

200

شخص يضمهم فريق «كارمن».

إطلالة

يعود الأداء الأول لعمل «كارمن» إلى عام 1875، وقد ألّف موسيقاه جورج بيزيه، وكتب كلماته هنري مايلهاك، ولودوفيك هاليفي، وهي مقتبسة عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب بروسبر مريميه. وبدأت قصة تأليفها حين طلب «أوبرا كوميك» في باريس من المؤلف الفرنسي أن يكتب عملاً خاصاً، علماً أن «أوبرا كوميك» كانت تتسم بعرضها الأعمال التي تعرض الفضيلة وتكافئها في نهاية العمل، ما جعل «كارمن» يشكل صدمة ويجابه بالرفض في بداية عرضه، حيث عمد بيزيه التصويب على الطبقات الدنيا في المجتمع. لم يعش المؤلف حياة طويلة ليرى النجاح الذي حققته المسرحية، التي تنبأ لها تشايكوفسكي، بأنها ستكون من الأعمال المتميزة جداً.

تويتر