أولى اهتماماً كبيراً بالتراث وحرص على لقاء العاملين فيه وتقديم النصح إليهم

مبارك البريكي: زايد أسّـس الإمارات على الخير والعطاء

صورة

قال مبارك سعيد البريكي، إن الكلام يبدو عاجزاً أمام عظمة المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، «فمهما نقل عن زايد لن نوفيه حقه»، مشيراً إلى أن الشيخ زايد استطاع أن يؤسّس لاتحاد قوي متماسك يقوم على المساواة بين الجميع، ومازال «البيت متوحداً» من رأس الخيمة إلى السلع، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

نهج زايد

أشار مبارك البريكي إلى أن نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كان يقوم على أن من ليس له ماضٍ ليس له حاضر، ولذلك كان يولي التراث اهتماماً كبيراً، باعتبار أنه ميراث يجب أن ينتقل عبر الأجيال دون أن ينقطع حتى لا يفقد المجتمع هويته، لافتاً إلى أن هذا النهج لايزال مستمراً في الإمارات.

وقال البريكي إن محبة الشيخ زايد لم تقتصر على أبناء الإمارات أو المقيمين فيها، فقد التقى أسرة عربية، أخيراً، خلال أدائه العمرة، وقال له أفرادها - بعدما عرفوا أنه إماراتي - إنهم يحبون الشيخ زايد ويدعون له بالرحمة، لما قدمه من خير.


- غورباتشوف خلال زيارة له للإمارات: زايد استطاع أن ينشئ شعباً لا خوف عليه في المستقبل.

- زايد اعتبر محبة الناس له رأسمال لا ينفد وحرص على أن يعتاد شعبه العطاء والتسامح والمحبة مع الجميع.

عمل البريكي مديراً لقرية التراث التي أمر الشيخ زايد بإنشائها في أرض المعارض في أبوظبي. كما أشرف على إنشاء العديد من القرى التراثية في الدولة. وشارك في كثير من الفعاليات التراثية داخل الإمارات وخارجها. وهو يشير إلى ما كان يتمتع به الشيخ زايد من اهتمام فائق بالتراث ومفرداته، مؤكداً حرصه على العمل من أجل تكريس الهوية الوطنية.

ويضيف: «كان الشيخ زايد حريصاً خلال وجوده في القرية التراثية أو في المناسبات التراثية المختلفة، على اللقاء بالعاملين في المكان، وإعطاء ملاحظات على العمل، مطالباً إياهم بتقديم التراث في أفضل صورة ممكنة للزوّار والسياح، مشدداً على أهمية التراث وضرورة التمسك به وبالأصالة وبالماضي. كما كان يدعو إلى تنشئة الأجيال الجديدة على قيم الآباء».

ويتذكر البريكي أن الرئيس السوفييتي الأسبق، ميخائيل غورباتشوف، زار قرية التراث خلال عمله فيها، وكان الاتحاد السوفييتي وقتها مازال قائماً. وأضاف أنه قدّم له خلال جولته في القرية معلومات عن التراث الإماراتي. كما تحدث معه عما تقدمه الإمارات لأبنائها، شارحاً أن الطفل يكون تحت رعاية الدولة قبل ولادته، من خلال ما يتم توفيره للأم من رعاية صحية منذ بداية الحمل حتى الولادة. وبمجرد ولادته، يحصل والده على علاوة تُضاف إلى راتبه الشهري. وعندما يلتحق بالمدرسة تتكفل الدولة بمصروفات المدرسة والكتب وغيرهما، إلى أن ينهي المرحلة الثانوية. وإذا رغب في تكملة تعليمه الجامعي، أو ما بعد الجامعي، تتكفل الدولة بذلك. وإذا اختار العمل توفر له الدولة وظيفة مناسبة، فاندهش غورباتشوف من هذه المعلومات، وقال إن هذا الرجل - يقصد المغفور له الشيخ زايد - استطاع أن ينشئ شعباً لا يخاف عليه في المستقبل.

وأضاف البريكي، الذي التقى الشيخ زايد مرات عدة خلال زياراته، رحمه الله، إلى قرية التراث، وفي فعاليات تراثية أخرى، كما كرمه الشيخ زايد مع فريق عمل القرية، إن «الشيخ زايد كان يحرص على الاجتماع بنا، ويتحدث مع الجميع كأنهم أبناؤه، وكان يقدم الكثير من النصائح في العمل و الحياة الاجتماعية. كما كان ينصح النساء بألا تتركن أطفالهن بين أيدي الشغالات، ويتابعنهم بأنفسهن. وفي مجال العمل كان يؤكد دورنا في الحفاظ على التراث وتعريف الجمهور به، وينصحنا بالإتقان في العمل، ويهتم بالتفاصيل، وبمتابعة كل شيء بنفسه. وكان، رحمه الله، يقول: إذا سويت شي سويه صح أو لا تسوي شي».

عطاء

وأشار البريكي إلى أن «الشيخ زايد كان دائماً ما ينبه الناس إلى أن المال ليس كل شيء في الحياة، وأن المودة والخير هما الأساس الذي يجب أن تقوم عليه العلاقات الإنسانية في المجتمع»، لافتاً إلى أن «زايد روى له كيف كان وهو في عمر الـ12 يخرج من العين إلى أبوظبي وفي حوزته نحو 6000 روبية، وعندما يصل لا يبقى معه شيء، لأنه يوزّع المبلغ على الناس، لأنه كان يعتبر محبة الشعب له رأس المال الحقيقي الذي لا ينفد. وكان يحرص على أن يعتاد شعبه العطاء ويتحلى بالكرم والتسامح والمحبة مع الجميع».

ويتابع: «أخبرني أحد المقربين من الشيخ زايد أنه كان يجلس معه، ويسأله عن السر في تفاؤله، وأنه دائماً يضحك في وجه الآخرين، فأجابه الشيخ زايد بأنه اعتاد ألا يحمل في قلبه وزن ذرة حسد لأحد، وأنه عندما يعطي يحاول أن يرضي الجميع حتى لا تكون هناك غيرة أو حسد إذا أعطى البعض وتجاهل البعض. وقال: عندما أعطي أحدكم 10 تودون لو أعطيته 5، وأنا أود لو أعطيته 50».

ويؤكد البريكي أن «زايد كان دائماً مصدر خير وبركة للمحيطين به، حتى الذين لا يعرفهم، فقد كانت سياسته قائمة على الخير والعطاء، وهي السياسة التي أقام بها وعليها دولة الإمارات. بل لا توجد دولة في العالم إلا له فيها بصمة خير وعطاء، وهناك آلاف المدارس والمدن والمستشفيات والمباني الخدمية التي تحمل اسمه».

تواضع وكرم

ويروي البريكي الذي شارك وأشرف على ما يقرب من 60 معرضاً داخل الدولة وخارجها، موقفاً يعبر عن تواضع الشيخ زايد وكرمه، فقد كان يشارك في معرض تراثي بالمغرب، وزارهم الشيخ زايد هناك. وعقب الزيارة أصرّ على دعوة كل أفراد الوفد الإماراتي المشارك، وكان العدد وقتها يزيد على 200 شخص من مؤسسات مختلفة في الدولة، وجلس لتناول العشاء معهم، ووجه لهم الشكر على الدور الذي يقومون به في تقديم صورة مشرفة عن الدولة أمام العالم باعتبارهم سفراء للوطن وتراثه، لافتاً إلى أن «حب زايد للناس انعكس بوضوح في حبهم وتقديرهم له، حتى الذين لم يعرفوه بشكل مباشر أو عن قرب، وهو ما لمسه مجدداً خلال مشاركته في مسيرة شعلة الاتحاد التي شارك فيها عام 1996 مع ستة من زملائه، كما يقول، فقد انطلق وزملاؤه على ظهر سبعة جمال في رحلة تجوب إمارات الدولة كافة، ابتهاجاً بتعافي الشيخ زايد، طيب الله ثراه، من جراحة أجريت له في ذلك الوقت، وانطلقت المسيرة من مبنى المجمع الثقافي في قلب أبوظبي متجهة إلى العين، ومنها إلى بقية الإمارات».

وأضاف: «في كل مكان كنا نذهب إليه كان الناس يستقبلوننا بحفاوة كبيرة وفرحة حقيقية، صادرة من القلب، كأن الشيخ زايد معنا، وهو أمر طبيعي لأنه أحبهم فأحبوه. وعقب انتهاء المسيرة تلقينا رسالة شكر من الشيخ زايد على المسيرة التي وصفها بأنها تعبير حي وصادق لحب ووفاء أبناء الوطن تجاهنا وتجاه وطننا الغالي».

تويتر