نجحت في تكريس صورة الإماراتية الطموحة التي ترسم طريقها بثبات

مريم يعقوب: محظوظون بدولة تتقن استغلال الطاقات

تصوير: أحمد عرديتي

في وقت مبكر أيقنت الإماراتية مريم يعقوب أن التخطيط للمستقبل يحتاج إلى رغبة حقيقية وثقة وإيمان بالنفس، ووعي حقيقي بعقبات الطريق، فقطعت على نفسها عهداً لم تتخلّ فيه عن بناء شخصيتها وتطوير قدراتها القيادية، وتكريس طموحاتها المستقبلية على أرض الواقع، واضعة أهدافها نصب عينيها، ومحاولة استغلال الفرص المتاحة التي تتوافر لها، فما بين دراستها في كليات التقنية العليا بدبي ونشاطاتها الموازية في ميدان الإعلام ومسؤولياتها المتعددة، نجحت يعقوب في تكريس صورة الفتاة الإماراتية الطموحة التي ترسم طريقها بثبات وعزم على بلوغ أهدافها، وتحقيق أحلامها عبر معادلات بسيطة تتقن فيها مريم استثمار السلبيات، وتحويلها إلى معطيات واقعية وتجارب إيجابية تسهم في تطوير ذاتها وتثبيت خطواتها وتفادي الأخطاء.


رغم انشغالها الحالي بدراسة أمن المعلومات في كليات التقنية العليا بدبي وتميزها في الجامعة، تتمسك مريم بطموحاتها في تفعيل دورها الريادي في التغيير الإيجابي الذي تحلم به، فانطلقت من بيئتها الجامعية التي تشغل فيها منذ عام 2016 مهام رئيسة مجلس طلبة كليات التقنية العليا، تجربة ترشحت لها مريم بجدارة من قبل إدارة الكلية نفسها، وتحدثت عنها قائلة «نحاول وبقية أعضاء مجلس الطلبة أن نكون جسر تواصل فعالاً بين الطلبة والهيئة الإدارية، سواء في الشق المرتبط بخدمات الطلبة واحتياجاتهم واستفساراتهم أو في كل ما يتعلق بآليات تواصلهم مع الهيئة الإدارية للجامعة من اقتراحات أو أفكار تساهم في تحسين واقعهم الدراسي، إلى جانب مساهمتنا في التخطيط وتنظيم عدد من الأنشطة والفعاليات الطلابية التي تسهم في خلق حراك إيجابي داخل الجامعة».

- تعلمت اغتنام الفرص الحقيقية والمؤثرة، واكتساب المزيد من الخبرات، ومشوار الألف خطوة يبدأ بخطوة.

- ليس لدينا اليوم أي عذر لعدم تطوير أنفسنا، بعد أن باتت لدينا جهات تقوم بتوفير البرامج والورش المختصة.


نجاحات وريادة

تتصدى اليوم مريم يعقوب لتقديم عدد كبير من المؤتمرات والمناسبات الوطنية المهمة، وجميع الفعاليات الرسمية التي يتم تنظيمها في كليات التقنية العليا، كما كانت لها مشاركات فاعلة في معظم الفعاليات التي نظمتها منطقة دبي التعليمية والحملة الرمضانية التي نظمتها إدارة أمن المتفجرات التابعة للإدارة العامة لأمن الهيئات والمنشآت والطوارئ، ومختلف الفعاليات الأخرى التي تنظمها بعض الهيئات والمؤسسات العامة في الدولة. بالتوازي مع هذه التجارب، شاركت مريم يعقوب في القمة العالمية لرئيسات البرلمانات التي نظمت في أبوظبي، وكانت ضمن أول حوار شبابي يتم عقده على هامش القمة العالمية، فقامت بتمثيل شباب الإمارات وشباب العالم من وجهات نظر مختلفة، بالإضافة إلى انضمامها الحالي إلى برنامج «انطلاق» التابع لمؤسسة محمد بن راشد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو برنامج تعليمي يهدف إلى تزويد الطاقات الشابة بالمهارات الأساسية الخاصة بريادة الأعمال، وآليات تحويل الأفكار إلى مشاريع أعمال من خلال ورش عمل أسبوعية ثابتة للملتحقين بالبرنامج.

وحول مدى مساهمة هذا المنصب في تطوير شخصية مريم القيادية قالت «أكثر ما جنيته على الصعيد الشخصي، أرى أنني تعلمت من هذه المسؤولية الإنصات أكثر إلى حاجيات الطلبة، والاقتراب منهم ومن تفاصيل حياتهم اليومية وواقعهم الدراسي». وتتابع: «كان هذا الدور بصراحة تحدياً حقيقياً بالنسبة لي ولكل أعضاء المجلس، فنحن مطالبون دوماً بأداء دور الوسيط الإيجابي، كما أننا نشكل صوت الطلاب، وملتزمون بالفاعلية والقدرة على تحمل المسؤولية التي يحتاجها هذا الدور، لكنني أبقى فخورة لأنني تعلمت من هذا المنصب معنى الالتزام والعمل الجاد، فأصبحت أكثر صرامة في التعاطي مع نفسي ومع واجبي تجاه الآخرين، كما تعلمت إدارة أولوياتي وتوجيه فريق، وكيفية التحكم في الأزمات المفاجئة واستنباط الحلول».

وصفت مريم يعقوب الإنجازات التي حققتها للطلبة في هذه الفترة بالمتواضعة مقارنة بالمدة التي تولت فيها إدارة مهامها، وبالأهداف التي تطمح إلى تجسيدها، «نحاول دوماً أن نكون فاعلين عبر محاولاتنا المتواصلة لتحسين واقع الطلبة من خلال التواصل والاتصال المباشر معهم، ومتابعة احتياجاتهم وتحويلها للإدارة، كما نرمي إلى تطوير واقع الحياة الاجتماعية عبر عدد من المشاريع والمبادرات المتواصلة بشكل أسبوعي داخل حرم الجامعة».

مهارات ذاتية

لتكريس طموحها في تطوير مهاراتها، انطلقت مريم يعقوب مبكراً في تجربة تطوير الذات، وانضمت إلى برنامج حمدان بن محمد للتطوير الشخصي للطلاب، وتخرجت في دفعته الأولى ما بين عام 2012 و2014، ويهدف البرنامج إلى تأهيل ما يقارب 200 ملتحق من الطلاب والطالبات من المدارس الحكومية والخاصة في دبي بأسس التطوير الشخصي، ما يعمل على دعم تنمية الذات وتطوير المهارات، وتحفيز التخطيط المدروس للمستقبل، وتفعيل عملية الإرشاد المناسب لطلاب المدارس من خلال خريجي برامج إعداد القادة المتطوعين الذين يشغلون مناصب قيادية في الحكومة الاتحادية وحكومة دبي والقطاع الخاص، فكانت من أوائل الطلاب المتخرجين في الدفعة الأولى للبرنامج، ووصفت تجربتها بالقول «كان انضمامي لهذا البرنامج نقطة تحول فعلية في حياتي، وسظل تأثيره متواصلاً وممتداً إلى اليوم، لأنني تيقنت فيه كيفية دراسة الشخصية وآليات تطوير الذات، إلى جانب درايتي بسبل تحقيق الأهداف والتخطيط المحكم لها». وتابعت «كما تعلمت كيفية الاختيار وتحديد المسارات سواء في مجال الدراسة أو المجالات الوظيفية أو حتى في مجالات الحياة اليومية بشكل عام، وكيفية تجاوز مختلف التحديات والعقبات».

تؤمن مريم بالحظوظ الكبيرة التي باتت متوافرة اليوم للشباب الإماراتي لتفعيل دوره في خدمة المجتمع وبناء مستقبله، ولا تخشى التصريح بمسؤولياته تجاه الوطن قائلة: «نحن محظوظون كشباب بتواجدنا في دولة تتقن استغلال الطاقات وتوفير البيئة الملائمة للإبداع من خلال تقديم كل أشكال التحفيز المادي والمعنوي». وتتابع «ليس لدينا اليوم أي عذر في عدم استغلال الفرص المواتية لتطوير أنفسنا، بعد أن باتت لدينا جهات تقوم بتوفير البرامج والورش المختصة في تطوير الذات، مثل مركز الشباب الذي يفتح أبوابه الآن لنا لتطوير قدراتنا على الاتصال والتواصل مع أقراننا، وتبادل الأفكار وتطوير القدرات». وتلفت إلى أنه «يجب علينا أن نتعلم سبل استثمار الفرص المتاحة، مهما كانت ضئيلة الأهمية، وعدم الانتظار والتواكل، وأنا عن نفسي تعلمت هذا الأمر وتعودت على روح المبادرة واغتنام الفرص البسيطة والقادرة على تكريس تجربتنا وتطويرنا على نحو إيجابي، ومشوار الألف خطوة يبدأ بخطوة، والأهم من المهارات تبقى رغبتنا الحقيقية في اكتسابها».

تجارب خلاقة

عشقت مريم مبكراً الإعلام، وحجزت له مكاناً أثيراً في قلبها وفي حزمة اهتماماتها ومشاريعها المستقبلية، فبدأت تكرس هذا الميل بالالتحاق ببرنامج تطوير المواهب الإعلامية الطلابية الذي نظم في منطقة دبي التعليمية في الفترة ما بين 2013 و2014، «في هذه الفترة تمكن البرنامج من صقل مواهب الطلبة الملتحقين بدروسه وتطوير مهاراتهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم، وقد كنت من بين طلبة المدارس الثانوية الذين استفادوا بشكل واضح من هذا البرنامج، فكانت تجاربنا تفوق عمرنا، وأتذكر أنني تجاوزت في هذا البرنامج التوقعات بعد أن أهلني البرنامج لخوض تجارب إعلامية كانت تبدو آنذاك أكبر من عمري، فقد كنت أشارك في تقديم وإدارة حوارات خارج إطار المدرسة، أذكر منها مشاركتي في فعاليات نظمت في أكاديمية شرطة دبي، وتقديم حفل اليوم الوطني في منطقة دبي التعليمية، وعدد من الملتقيات التابعة لهيئة الصحة بدبي التي قدمتها بالتوازي مع جملة من المشاركات الأخرى في تقديم فعاليات كانت آنذاك تبدو صعبة في تلك المرحلة العمرية المبكرة».

وتابعت «كما تأهلت أيضاً من خلال هذا البرنامج لخوض تجربة المتدربة في مؤسسة دبي للإعلام، ومن ثم اشتغلت في إذاعة (دبي إف إم)، وشاركت في تقديم البرنامج التراثي (خطار) مع الأستاذ جمعة بن ثالث، وكانت تجربة المباشر في سن الـ17 تحدياً كبيراً ومثيراً تواصل على مدى عام كامل، وترافق بمشاركتي في تقديم برنامج (عساكم من عواده) في عيدي الفطر والأضحى على إذاعة (نور دبي)».

تويتر