فلكلور مصري وجورجي وبرازيلي يلوّن كورنيش الفجيرة

«وصايا الرومي» على خشبة «المونودراما»

صورة

حالة من التنوع الفني والثقافي عاشها رواد ثالث أيام فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، التي تتوزع على مدن ومناطق مختلفة من إمارة الفجيرة، أفرزت بانوراما فنية مزجت بين فنون الشرق والغرب، ليس تحت مظلة مهرجان واحد فحسب، بل في رحاب خشبة واحدة تتسع لكل الفنون كذلك.

هذا ما تحقق تحديداً على خشبة مسرح كورنيش الفجيرة، الذي أصبح بمثابة مقصد يومي للجمهور، خلال فترة فعاليات المهرجان، الذي يمتد حتى 29 من الشهر الجاري، ليفرز تنوع الفنون أيضا تنوعا في شرائح وأذواق الجمهور، بعد أن كان الأمر مقتصراً على جمهور مسرح المونودراما في السنوات السابقة.

وقدمت فرقة «سوهاج للفنون الشعبية»، إحدى أعرق الفرق المصرية في هذا المجال، استعراضاتها عبر لوحات فنية متعددة مستوحاة من قلب صعيد مصر، لتقدم عبر أدوات تقليدية، هي الربابة والمزمار والناي والنقارة والطبل، طقوساً شعبية لاتزال تمارس هناك بشكل معاصر، لكن من خلال لغة الموسيقى والنغم والإيقاع.

«أطفال جورجيا»

كانت فرقة «أطفال جورجيا» هي نجمة ثالث أيام مهرجان الفجيرة الدولي للفنون الشعبية، ضمن الفعاليات المقامة في مدينة الفجيرة، بلا منازع، من حيث قوة التصفيقات التي صاحبت أدائهم.

وبعيداً عن الانحياز الفطري لإبداعات الصغار، فقد قدم الأطفال عرضاً احترافياً متميزاً، متسلحين بتدريبات رفيعة المستوى، وقدرة فائقة على الانسجام، سواء في ما بينهم عبر الأداءات الثنائية والثلاثية والجماعية،أو بين الأداء والموسيقى من جهة أخرى. وجاءت صورة المؤدين والمؤديات الصغار ملائكية مبهجة، في مختلف اللوحات، وتمكن الصغار من تشكيل لوحات متعددة جعلت التصفيق حالة مستمرة للجمهور على مدار استمتاعه بالعرض.


تنوع

تتنوع عروض اليوم ما بين الفلكلور والطرب والعروض المونودرامية، حيث تقدم فرقة المجد للفنون الشعبية من سلطنة عمان، عرضها الاستعراضي مساء اليوم على مسرح كورنيش الفجيرة، وهو المسرح الذي يستضيف أيضاً العرض التونسي «الحكواتي»، ليكون ختام فعاليات هذا المسرح مع فرقة وجدة الألفية المغربية، في أمسية طربية.

وعلى مسرح بيت المونودراما في دبا الفجيرة تعرض المسرحية الايطالية «لا تتحرك»، فيما يستضيف مسرح «الجمعية» في دبا مسرحية «مرثية الوتر الخامس» الإماراتية.

وتفاعل الحضور مع اللوحات الفلكلورية التي عُرضت على التوالي، بدءاً بلوحة «الخلخال» التي مزجت الغناء بالرقص الشعبي، عبر مواويل غزلية رشيقة.

وجاءت لوحة التحطيب، المعروفة في الفلكلور الجنوبي المصري تحديداً، لتتزاوج خصوصية عزف الناي والطبي والمزمار، مع الأداء الاستعراضي الذي يعتمد على المبارزة بالعصا، وهو أداء اختتم بالرقصة الصوفية المعروفة في صعيد مصر، وكذلك في بعض بلدان المغرب العربي.

«يا مصر يا أم الأمم» كان عنوان موال وطني للفرقة، لم ينسَ فيه المنشد أن يعرج على خصوصية منطقته «محافظة سوهاج» التي وصفها بأنها «كتاب مفتوح»، قبل أن تسلمه هذه اللوحة إلى أغنية أخرى أقرب إلى الابتهال الديني، تلاها بابتهال قصير يعكس أشواق حجاج بيت الله الحرام.

ولم ينسَ المؤدي أن يرتجل، من وحي استضافته في إمارة الفجيرة، موالاً عنوانه «إمارات.. وفجيرة.. ودبي» عكس سرعة بديهة مؤلف الأغاني الشعبية، قبل أن يعلن فاصل كبير من التصفيق ختام هذا العرض الذي حظي بتفاعل جماهيري كبير.

العرض الثاني انتقل بالجمهور من قلب صعيد مصر إلى قارة أوروبا، وتحديداً من جورجيا، من خلال فرقة «أطفال جورجيا للفنون الاستعراضية»، وهو العرض الذي جاء مختلفاً شكلاً ومضموناً عن تقليدية العروض الشعبية، ليس لجهة أن جميع أعضائها هم من الأطفال الذين تبدأ أعمارهم من سن العاشرة، ولكن لتنوع اللوحات الاستعراضية المقدمة، التي حازت ثناء كبيراً من قبل الحضور، انعكس في تصفيقهم الحاد، عقب انتهاء عرض كل فقرة.

وظهر الأطفال على المسرح بثقة كبيرة بالنسبة للفتيان، ووجوه ملائكية ناعمة بالنسبة للصغيرات، حيث بدت الدقة والمهارة والإتقان الشديد واضحة عبر لوحات راقصة مستوحاة من التاريخ والتراث الثقافي الجورجي بلغت ثماني لوحات، شملت الجوانب الاجتماعية والترفيهية والقتالية، كالفرسان المحاربين، وتفاعل معها الجمهور بصورة كبيرة نظراً إلى الرشاقة والدقة والحيوية التي أظهرها الراقصون والراقصات الصغار علي المسرح.

وقال رئيس الفرقة، غيا دافياتتشي، منسق «أطفال جورجيا»، تأسست الفرقة في عام 1995 كمؤسسة وطنية تهتم بالفنون الشعبية وتدرس وتدرب الأجيال اليافعة، وتضم المدرسة 360 طفلاً أعمارهم ما بين ستة و14 عاماً، يتم اختيارهم سنوياً لبرنامج التدريب الوطني. قدمت الفرقة أول عروضها عام 1998 ولاقي تقديراً وإعجاباً كبيرين، ولفت إليهم الأنظار، وشاركت في المهرجانات الدولية المختلفة، حيث أثبتت المهنية العالية ومنحت الجوائز المختلفة.

وأضاف: «تتنوع تصميمات الرقص الشعبي الجورجي من حيث عدد الراقصين المشاركين (فردي أو ثنائي أو جماعي) وجنسهم (رقصات الرجال أو رقصات النساء أو الرقصات المختلطة)، وكذلك من حيث موضوعاتها (الزواج والحرب)، وأخيراً من حيث المناطق الجغرافية المختلفة من مدينة حضرية أو بلدات ريفية أو مناطق جبلية».

وجاءت الحفلة الفلكلورية الثالثة، أول من أمس، على مسرح كورنيش الفجيرة، بنكهة «السامبا البرازيلية»، من خلال فرقة امويا من البرازيل التي اختتمت العروض الاستعراضية الفلكلورية لهذا اليوم. وفي مدينة دبا الفجيرة، استقبل مسرح جمعية دبا الفجيرة للفنون، المونودراما التركية «جلال الدين الرومي»، التي تطرقت إلى وصايا ونصائح الشاعر والعالم والفيلسوف والمتصوف، ومنها «كن كالنهر في السخاء والمعونة»، و«كن كالشمس في الرحمة والشفقة» و«كن كالليل في ستر عيوب الآخرين»، و«كن كالموت في الغضب والعصبية»، و«كن كالبحر في التسامح» و«كن كالتراب في التواضع».

وعبر أداء تمثيلي، رافقه تلون وتنوع الموسيقى التركية المستحدثة، ومرونة الأداء وبساطته، جاء العرض برسالة تؤكد التنوع والاختلاف وقبول الآخر المختلف ثقافياً ودينياً.

وحول مشاركة فرقة سوهاج للفنون الشعبية للمرة الأولى بعرض يزور الإمارات، قال مدرب الفرقة ومصمم الرقصات، محمد حمدي «(رنة خلخال) رقصة فلكلورية يشارك فيها الرجال والنساء بالأزياء الشعبية التقليدية علي موسيقى المزمار ودقات الإيقاع، كما قدمت الفرقة العديد من اللوحات الراقصة، أبرزها رقصة التحطيب التي تميزهم وتعكس التراث الفلكلوري المصري في مناطق الجنوب، حيث يتبارز الراقصان بالعصي مستعرضين عناصر المهارة والقوة».

ولفت حمدي إلى أن أن فرقة سوهاج للفنون الشعبية تأسست عام 1976 وتضم 60 عضواً بين راقصين وموسيقيين، وخلال مسيرتها التي دامت 30 عاماً قدمت العديد من الرقصات الفلكلورية التي تعبر عن ملامح التراث السوهاجي ومفردات الثقافة الشعبية في صعيد مصر.

تويتر