بمناسبة يومي «الوطني» و«الشهيد»

أكاديمية الشعر تُصدر ديواناً حول الجزر المحتلة وشهداء الإمارات

غلاف الديوان. من المصدر

صدر عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، بمناسبة يوم الاتحاد الـ44 و«يوم الشهيد» أول ديوان شعري حول جزر الإمارات المحتلة: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، وشهداء الدولة في «عاصفة الحزم» باليمن الشقيق، وذلك للشاعر الجزائري عياش يحياوي، والديوان من القطع المتوسط ويضم 20 قصيدة فصيحة عصماء على الأوزان الخليلية المعروفة.

11 كتاباً لليحياوي

حرص الشاعر في هوامش الديوان على شرح المفردات المتعلقة بالموروث المحلي والكلمات القديمة وذكر الأسماء الكاملة للشهداء، وسيجد القارئ متعة جمالية في هذه النصوص التي أبدعها المؤلف وهو يستغرق في جراحات الإمارات وأمجادها.

وجدير بالذكر أن عياش يحياوي من أبرز الباحثين في تراث الإمارات، وقد صدر له حتى الآن 11 كتاباً منها: «الناقة في الشعر النبطي بالإمارات، شعراء من الغربية، سلمى جدة شعراء الإمارات، العلامة والتحولات: دراسات في المجتمع والكتابة في الإمارات، ابن ظاهر شاعر القلق والماء، العادات القولية في الشعر النبطي بالإمارات».

 

ولا يتميز الديوان بكونه أول ديوان لشاعر عربي يدافع عن حق الإمارات في جزرها الثلاث فقط، ويُمجّد أبطال الدولة في الذود عن هوية الأرض العربية اليمنية، بل إنّ المؤلف وظّف في قصائده الموروث الشعبي والطوبوغرافي الإماراتي كأسماء الأشجار والنباتات البرية والرياح والجبال وأسماء الأماكن لوسم النصوص بروح الهوية الإماراتية، وحرص على أن تنتمي لغة الديوان إلى بنية الشعر العربي في أزهى عصوره القديمة. كما حرص على أن يستمد من روح فلسفة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، جماليات القيم السمحاء التي نادى بها الوالد المؤسس وأشاعها في مفهوم بناء الدولة كالسلام والتسامح والولاء لهوية الأجداد.

ومن أبرز عناوين قصائد الجزر المحتلة: «ثلاث حمامات»، «طنب في حضرة زايد»، «سلاما إلى جزر في السماء»، «شيخ الجبال»، «معزوفات لأحلام العودة»، «طنب بين الليل والنهار»، «يا غاف».

واسترجع في أول قصيدة في الديوان قصة الشاعر الإياديّ لقيط بن يعمر الجاهلي، الذي كان ترجماناً في البلاط الساساني، وحين علم بأن كسرى ينوي الهجوم بجيشه على قبيلة إياد العربية أرسل قصيدة إلى قومه يحذرهم فيها ويدعوهم إلى الاستعداد للذود عن أرضهم، غير أن الوشاة أبلغوا كسرى بفعلة الشاعر فقطع لسانه ثم قتله، ومما جاء في توظيف هذه القصة التاريخية:

أنا ابنُ يعمرَ كسرى ينتوي كبدي وبؤبؤ العين والصغرى وما شبعا

هنّ الثلاثُ عزيزاتٌ صرخنَ ولم أشهد عزيزاً على ضيم الغريب رعى

تلك الحماماتُ أطياف تغيم على روحي سحابا إذت شاكيتُهُ همعا

مُصفَّداتٌ وكفّ الغول تحرسها مُسهَّداتٌ تناجي النجمَ لو سطعا

وجاء في آخر القصيدة:

وفي الإمارات أطوادٌ جحاجِحةٌ إذا أغاروا تبدَّى الصبحُ مُمتقعا

لكنَّ زايدَ خير الناس في زمني يستمطرُ السحُبَ الخضراء والورعا

في كفّه السيفُ عبدٌ للسلام وكم سيفٍ بكفّ جيوشٍ تعبدُ الطمعا

وفي قصيدة «سلطانة البحر» صوّر الشاعر حواراً درامياً بينه وبين جزيرة دلما، التي ما فتئت تعبّر عن شوقها لشقيقاتها الأسيرات طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، وتحلم بعودتها إلى تراب الدولة:

فقالتِ الدرة العرباء: ما خفقتْ في الكون أجنحةٌ إلا بأحزاني

هنّ الثلاث شقيقاتي وقوتُ دمي وفرحة الروح في سري وكتماني

يا كوسُ يا حامل الأخبار خذ رمقي واعطفْ عليهنّ واذكرْ صهدَ وجداني

وحاور الشاعر جبل حفيت «شيخ الجبال» وراح يسأله عن الجزر المصفّدات ويصور لحظة الغزو والبطش الفارسي:

فهل رأيتَ على موج المدى جزرا مصفّداتٍ ترجّ السجن عصيانا

في تُرْبها الغاف مصفرٌّ، يمدّ يداً لدار زايد مكلوما وأسيانا

وهل لمحتَ بطنبٍ وهي نائمة دموع من هُجّروا شِيباً وفتيانا

ومن على قارب المنفى قد التفتوا وطنبُ تُضرمُ تقتيلا وشنآنا

ومن قضوا تحت جُنح الغزو قد سكرتْ نيران كسرى بهم بطشا وعدوانا

وفي قصيدة «رحلة إلى الأسيرات» يبرز الشاعر حواراً جميلاً بينه وبين طنب الصغرى التي أبدت تفاؤلاً بالعودة إلى الأرض الأم، وأشارت إلى حوار دار بين الجزر الثلاث وأبي خالد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان:

وقالت ليَ الصغرى وقد فاح دمعها خُذِ الوردَ واقصدْ دار من أدّب الصَّعْبا

أبي خالد المغوار صقر عشيرتي وصقر جيوشٍ في الوغى تخرق الحُجْبا

فرشنا له الأكبادَ لو جاء آمراً ولو جاء مأمورا فرشنا له الهُدْبا

ذكرناه والأصفاد تزحم بعضها وكسرى على الأبواب يسلبنا سلبا

فقال لنا خيرا وفي كلماته قرأنا نسيما من أبوظبيَ قد هبَّا

شممنا به عطر الإمارات دارِنا ودار الألى بالسلم قد سطّروا الكُتْبا

وقلنا له غيبا: فديناك قائداً وقال لنا ما سَرّ أرواحنا غيبا

وفي الجزء الثاني من الديوان تتجلى أسمى معاني الشهادة في الدفاع عن الأرض العربية من خلال قصائد تزخر بأجمل الصور الشعرية وأسماء الشهداء مثل «شهداء الإمارات»، «يوم الشهيد»، «طائر الجنة»، «الترحيب بالجرحى». ومما جاء في القصيدة الأولى:

أحسدُ الدمعَ في عيون الخِرادِ أحسدُ الغافَ باكيا في الوادي

أحسدُ الأمّهات كفكفن دمعاً وهتفن: الشهيدُ مجدُ البلاد

أحسدُ الحزنَ في وجوه رجالٍ همْ وريث الجبال والآساد

أحسدُ الدهرَ سالما وغباشا وهزيم الجميل والحمّادي

والزعابيّ ما حييتُ وسيفًا والحمودي وخالد الأمجاد

وأغني لفاهم القرْم شعري وأغني لطارق الجوّاد

ولعبد العزيز في الصبح حتى تستفيق النجوم عند السواد

إنهم مشغل الإمارات في الدنـ يا وفخر الأجيال والآباد

صدقوا في الجهاد حتى تفانوا وسقوا بالدماء أرض الجهاد

يُدفن الناس في الثرى وقليلٌ دفنهم في الضلوع والأكباد

 

 

 

 

 

 

تويتر