طبيعة ومنحدرات تعود إلى العصور الوسطى

«غراند كانيون» وديان مخيفة برائحة اللافندر

صورة

تشتهر فرنسا بالمناظر الطبيعية الخلابة، التي تستقطب السياح من جميع أنحاء العالم، منها وادي دو فيردون الذي يقع في جنوب شرق فرنسا، ويمتاز بالمنحدرات الحادة والقرى التي تعود إلى العصور الوسطى والبحيرات التي تشبه أجواء البحر الكاريبي.

ويُعرف هذا الوادي أيضاً باسم غراند كانيون دو فيردون، ويقع في وسط مقاطعة بروفانس جبال الألب والريفيرا الفرنسية، وفي نهاية هذا الوادي يتدفق نهر فيردون في البحيرة الصناعية سانت كروا دون فيردون. ويعتبر وادي دو فيردون من الواجهات الرائعة للتسلق والترفيه والتجول على مجموعة متنوعة من المسارات والطرق الممتدة.

أزقة ومنازل

تقع قرية موستييه سانت ماري فوق البحيرة على ارتفاع أربعة كيلومترات تقريباً، وتعد هذه القرية واحدة من القرى والأماكن الخلابة في مقاطعة بروفانس؛ حيث تنتشر بها الأزقة الضيقة والمنازل الحجرية، بالإضافة إلى نهر جبل صغير يمر بمنتصف القرية، ما يجعلها من الأماكن الرومانسية الحالمة.

وتبدو القرية مع كنيستها الرومانية، التي تم إنشاؤها خلال القرن الـ15 الميلادي، كأنها عش نسر كبير ملتصق بالصخور العملاقة عند النهر، وأعلى هذه القرية تظهر صومعة نوتردام بوفوار، التي يمكن الوصول إليها عبر طريق متقاطع.


صومعة

عندما يصل السياح إلى هذه الصومعة الحجرية التي تعود إلى القرن الـ12 الميلادي، يمكنهم الاستمتاع بإطلالة رائعة على القرية التي يسكنها نحو 700 نسمة، وتبدو المناظر الطبيعية الخلابة، التي تضم الأسقف المغطاة بالقرميد وأشجار السرو والصنوبر.

ويشتهر غراند كانيون دو فيردون باعتباره أكبر الوديان في أوروبا وأكثرها جمالاً، وتالياً تتدفق الأفواج السياحية من جميع أنحاء العالم إلى هذه المنطقة، خصوصاً خلال فصل الصيف؛ إذ يمتاز النهر بلونه الفيروزي الذي يشبه مياه البحر الكاريبي.

وتفوح في أرجاء الوادي رائحة كثيفة لأزهار اللافندر، ما يتسبب في شعور السياح بدوار طفيف، لكن إحساس السياح يختلف عند النظر إلى الهاوية التي يصل عمقها إلى 300 متر؛ حيث تختلط مشاعر الرهبة من المرتفعات بسحر وجاذبية المنحدرات الحادة؛ إذ يقف السياح حالياً على منصة المراقبة ماوجيه، التي تطل على طريق كرتيس، وفي الأسفل يتدفق نهر فيردون.

وأشار سيدريك، المرشد السياحي المرافق للمجموعة، الذي يبلغ من العمر 34 عاماً، إلى أن هذا الوادي يعد الغراند كانيون في فرنسا؛ نظراً لأن نهر فيردون حفر على مدى آلاف السنين بعمق يصل إلى 700 متر في السلاسل الجبلية البديعة.

ويقع وادي فيردون في المناطق النائية التابعة لمدينة نيس على بعد 50 كيلومتراً فقط من المدينة الواقعة على البحر المتوسط، ويعد من أكبر الوديان في أوروبا وأجملها. ويتدفق نهر فيرودن الذي ينبع من جبال الألب الفرنسية على ارتفاع 2500 متر، لمسافة تزيد على 160 كيلومتراً في منطقة دورانس.

وفي المسار من منطقة كاستيلان ولاك دو سانت كروا قام نهر الألب على مسافة 21 كيلومتراً بحفر واحد من أكثر الوديان ضخامة في أوروبا، لكن المنطقة تمتاز بجمال وروعة المناظر الطبيعية، لذلك تم إدراجها محمية طبيعية خلال عام 1997.

ويشعر السياح ببعض الدوار عند النظر إلى أسفل الوادي في منطقة بلفدير ماوجيه؛ حيث يصعب عليهم تصور أن هناك مساراً للتجول في هذا العمق السحيق، لكن روعة هذا الوادي لم يتم اكتشافها إلا مع بداية القرن العشرين عندما قام بعض المغامرون، منهم خبير الجيولوجيا المائية إدوار ألفريد مارتل، بالتجول لأول مرة في الوادي خلال صيف عام 1905. وأوضح المرشد السياحي أن هذه الرحلة الاستكشافية التي امتدت أياماً عدة كانت صعبة للغاية ومحفوفة بالمخاطر.

ويمتد مسار التجول سانتير مارتل لمسافة 14 كيلومتراً تقريباً، ولايزال يزخر بالكثير من المزالق، ويمتاز بوجود الكثير من الممرات المتقاطعة والمنحدرات الحادة. وإذا اتخذ السياح قراراً بالنزول إلى أسفل الوادي فإنه لن يكون بالإمكان الخروج منه في منتصف الطريق، ولابد أن يقوم السياح بارتداء أحذية جيدة واصطحاب الكثير من المواد الغذائية، كما أن المصباح اليدوي يعد من التجهيزات الضرورية عند التجول في أسفل الوادي.

وتستمر رحلة التجول مدة ست ساعات، وفي عام 2005 تم تغيير اسم مسار التجول إلى سانتير بلانك مارتل، تخليداً لذكرى إيزيدور بلان، الذي رافق مارتل في رحلة استكشاف وادي فيردون.

وقد قامت السلطات الفرنسية بترويض نهر فيردون من خلال إقامة خمسة سدود للتغلب على تقلبات النهر وثوراته. وإلى جانب بحيرة لاك دي كاستيلون الموجودة بالروافد العليا لنهر فيردون توجد بحيرة لاك دو سانت كروا، التي تعد ثاني أكبر بحيرة في فرنسا، وتمتاز بأنها أكثر البحيرات الصناعية جاذبية وروعة، وتقع هذه البحيرة عند نهاية الوادي، ويتمكن السياح من الاستمتاع بأجمل إطلالة على البحيرة أثناء الوقوف على جسر سانت كروا، المقام على أعمدة بارتفاع 45 متراً فوق نهر فيردون، الذي يمد البحيرة بالمياه.

وتتمتع بحيرة لاك دو سانت كروا بمناظر طبيعية خلابة وتصلح كمنطقة تصوير الأفلام السينمائية، وتمتاز هذه البحيرة بمياهها الفيروزية الرقراقة، بحيث يُخيل للسياح أنهم في منطقة البحر الكاريبي عند الإبحار في جنوب البحيرة، ولا يخلو هذا المشهد البديع من مناظر التلال الجبلية المرتفعة وحقول اللافندر التي تبعث برائحتها الذكية في الهواء.

وتفتخر بحيرة لاك دو سانت كروا بأنها أجمل بحيرة في مقاطعة بروفانس، وفي سبيل الحصول على هذا اللقب كان لابد من تقديم تضحيات كبيرة؛ حيث غمرت مياه البحيرة أكثر من 2000 هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة، علاوة على تدمير قرية بأكملها، وتم إنشاء قرية ليه ساليس سور فيردون في منطقة أعلى بعض الشيء على ارتفاع 400 متر، على غرار الطراز المعماري القديم.

تويتر