عكست الواقع السياسي والجغرافي والاجتماعي

طوابع البريد.. شاهد «مصغر» على تاريخ الإمارات

مكتب البريد في أبوظبي من الداخل الذي أنشئ في مارس 1963. من المصدر

التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971،

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/01/29461_EY_18-01-2015_p30-p31-13%20(1).jpg

الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها، واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن «تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي»، جاءت مبادرة «1971»، التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات. واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة، تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها «الإمارات اليوم»، بالتعاون مع «الأرشيف الوطني»، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها.


في الخامس من ديسمبر عام 1960، أعلنت هيئة البريد البريطانية في لندن، في الإذاعة والصحف، إصدار «طوابع بريد جديدة للإمارات المتصالحة»، وجاء في الإعلان أن ذلك هو الإصدار الأول لطوابع بريد مصورة بتصميم خاص، وستستخدم في دبي.

وأوضح الإعلان أن «سلسلة من طوابع البريد الخاصة بالإمارات المتصالحة ستحل محل الطوابع البريطانية الموسومة، التي تستعملها وكالة البريد البريطانية في دبي، وستطرح هناك في السابع من يناير 1961».

هذه السلسلة لم تكن الأولى، إذ كانت الثانية من نوعها، وتم إصدارها بناء على ما أعلن في نوفمبر 1958، بشأن إصدارات جديدة ستستخدم في وكالات البريد البريطانية، وكانت السلسلة الأولى صدرت للبحرين وطرحت في الأول من يوليو 1960.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/01/29461_EY_18-01-2015_p30-p31-13%20(5).jpg

حركة البريد

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/01/29461_EY_18-01-2015_p30-p31-13%20(4).jpg

كانت الحركة البريدية محدودة جداً في الإمارات المتصالحة؛ بحسب ما ورد في تقرير بريطاني صادر عام 1961، مشيراً إلى أنه يصدر عن مكتب البريد في دبي نحو 13 ألفاً و600 خطاب عادي أسبوعياً، منها 560 خطاباً مسجلاً، و40 طرداً، ويتلقى المكتب ثم يوزع نحو 5100 خطاب عادي، منها 600 خطاب مسجل، و200 طرد. ولما كانت تلك الحركة صغيرة، كان غير اقتصادي إنشاء خدمة بريدية منفصلة في كل من البلدان التي يوجه إليها البريد، لذا كان يقتصر البريد المباشر على الحركة بين دبي وكل من بومباي، ودلهي، وكراتشي؛ إضافة إلى البحرين وغيرها من مكاتب الوكالة في الخليج. أما البريد الموجه لمعظم المقاصد فيتم عن طريق البحرين ـ بومباي. وبالمثل فإن البريد الوارد من معظم المناطق يتم تسليمه من خلال أحد تلك الأماكن.

وكان العاملون في البريد يعينون محلياً، وهم: رئيس البريد، وكاتبان، وفرازان، وساعي بريد، وعامل نظافة، وموزع يعمل بالمكافأة. وكان التوزيع عادة عن طريق الإيداع في صناديق بريد مرقمة موجودة في مكتب البريد، ومازال هذا النظام قائماً إلى اليوم. ولم يكن في أبوظبي ولا الشارقة مكتب للبريد، وإن كان ذلك الأمر موضع نقاش لبضعة أعوام.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/01/29461_EY_18-01-2015_p30-p31-13%20(2).jpg


مجموعات محلية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/01/29461_EY_18-01-2015_p30-p31-13%20(3).jpg

أصدرت إمارة دبي أولى مجموعاتها من الطوابع البريدية التي تكونت من فئات مختلفة في عام 1963، وتلتها إمارة الشارقة في العام نفسه، وفي 1964 أصدرت إمارات عجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة أول إصدار من طوابعها الخاصة، أما أبوظبي فبقيت على استخدام الطوابع البريطانية حتى أصدرت أول مجموعاتها في عام 1964، ولكن بقيت تستخدم العملة (الروبية) حتى شهر يناير 1967، حينما أصدرت أول مجموعة تعكس الاستقلال الكامل، وهكذا بدأت الإمارة السير حثيثاً في طريق استقلالها الكامل، وأصدرت مجموعة طوابع خاصة بمناسبة تولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مقاليد الحكم في الإمارة. وفي الثاني من ديسمبر 1971 كان الحدث الأهم في منطقة الخليج العربي، وهو إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي صاحبته نقلة نوعية، ونهضة شاملة وتنمية متسارعة في شتى الميادين، كقيام الوزارات الاتحادية والهيئات والمؤسسات المختلفة.

تألفت السلسلة الجديدة من 11 فئة، وشملت تصميمين: أولهما يصور سفينة «الدهو» وطبعت على خمسة طوابع، ذات قيمة مقدرة بالروبية، والثاني يصور شجرة نخيل لسبعة طوابع، قدرت قيمتها بـ«الناي بيسة» (البيسة الجديدة)، وهي عملة كانت مستخدمة في ذاك الوقت، وصمم المجموعة السيد م.سي. فراربيل، والسيد م.غوامان؛ بحسب ما ذكر دوغلاس ن. موير في كتاب «ذكريات الإمارات» الصادر عن الأرشيف الوطني.

وكان مكتب البريد الهندي البريطاني هو الذي يدير مكاتب وكالات تتيح من خلالها هيئة البريد البريطانية خدمات بريدية للبحرين وقطر والإمارات المتصالحة وسلطنة عمان ومسقط. وكان يستعمل طوابع هندية. وفي عام 1948 عندما تولت هيئة البريد البريطانية أمر تلك الوكالات تم إصدار طوابع بريطانية موسومة بما يحدد فئتها المحلية، والقيمة بالنقود المحلية، واسم الإمارة في بعض الحالات.

وتعد الطوابع البريدية انعكاساً مباشراً للواقع السياسي والجغرافي السائد؛ فهي صورة مصغرة للزمان والمكان، وفي الأيام التي سبقت عهد البريد الإلكتروني والحاسوب، كان البريد هو وسيلة الاتصال السائدة عبر المسافات، وطريقة اتصال الناس ببعضهم بعضاً.

كانت وكالة البريد في مسقط أولى الوكالات البريدية البريطانية التي افتتحت في الخليج، وكان ذلك في اليوم الأول من مايو 1864، وكانت تستخدم طوابع بريد هندية من دون أي وسم عليها حتى عام 1947، ثم استخدمت طوابع باكستانية فترة قصيرة حتى 1948، إذ آلت الوكالة إلى هيئة البريد البريطانية، واستخدمت طوابع بريطانية موسومة بالعملة الهندية منذ ذلك الوقت وحتى الاستقلال. بينما كانت المنامة عاصمة البحرين مقراً لثاني وكالة بريدية هندية، وافتتحت في أبريل 1884، أي بعد 20 سنة من وكالة مسقط. واستخدمت طوابع هندية حتى عام 1933، ثم وسم عليها كلمة البحرين.

في الإمارات المتصالحة؛ كانت وكالة دبي الوكالة البريدية الوحيدة حتى 1963، وافتتحت في أبريل 1909، وشأنها شأن وكالة مسقط استعملت طوابع هندية صرفة حتى 1947، ثم طوابع باكستانية حتى 1948، ثم الطوابع البريطانية التي عليها القيمة بالعملة الهندية من 1947 حتى 1961. وبين 1961 و1963 كانت الوكالة الوحيدة التي تستخدم طوابع البريد الخاصة بالإمارات المتصالحة؛ وإن استقلت بريدياً في 14 يونيو 1963، وكان تجار الطوابع هم الذين يقومون بإنتاجها.

كانت الوكالة البريدية في أبوظبي هي الثانية التي أسست في الإمارات المتصالحة، بعد وكالة دبي، وافتتحت في 30 مارس 1963. في البداية استعانت بطوابع بريطانية عليها القيمة فقط حتى 1965، ثم طوابع مصورة من إنتاج هيئة البريد البريطانية حتى الاستقلال البريدي في 31 ديسمبر 1966. وأنشئت مكاتب أخرى في الإمارات المتصالحة الأخرى من 1963، وهي وإن حظيت بالاستقلال إلا أن تجار الطوابع أسسوها بغرض كسب إيرادات من هواة الطوابع، وليس توفير خدمة بريدية، فهي لم تكن وكالات.

وعند إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر 1971، كان البريد من أولى الخدمات التي انصهرت في بوتقة الاتحاد، إذ صدر القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 1972، وتم بموجبه توحيد الخدمات البريدية في الدولة وإنشاء الإدارة العامة للبريد التي تختص وحدها بنقل الرسائل والطرود البريدية، وتقديم الخدمات البريدية في مختلف إمارات الدولة، بالإضافة إلى إصدار الطوابع باسم دولة الإمارات بدلاً من قيام كل إمارة بإصدار الطوابع الخاصة بها. وصدر أول طابع بريد يحمل اسم دولة الإمارات العربية المتحدة في يناير 1973. وانضمت دولة الإمارات إلى اتحاد البريد العالمي، ومقره مدينة برن في سويسرا، عام 1973، إذ يعد اتحاد البريد العالمي من أقدم الاتحادات الدولية وأكثرها كفاءة وتنظيماً، ويضم الآن الأغلبية الساحقة من دول العالم؛ إذ بلغ عدد الأعضاء نحو 189 دولة. وبهدف تحسين الخدمات البريدية المقدمة للجمهور صدر القانون الاتحادي رقم (4) لسنة 1985، الذي تضمن إنشاء الهيئة العامة للبريد. ولمزيد من التطوير ومواكبة العصر وتحديث أساليب تقديم تلك الخدمات والاستفادة من التقنيات الحديثة؛ صدر القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 2001، بإنشاء مؤسسة الإمارات للبريد (بريد الإمارات) اعتباراً من تاريخ 29 مايو 2001.

أرقام وأحداث

2014

أصدرت مجموعة بريد الإمارات في أكتوبر 2014 طوابع تذكارية بمناسبة نجاح دولة الإمارات في الحصول على حق استضافة معرض إكسبو العالمي 2020 في دبي.

1958

طرحت المعتمدية السياسية في دبي مقترحاتها بشأن تصميم أو تصميمات عدة لطوابع الإمارات المتصالحة، لعرضها على الحكام، وانصبّت المقترحات على أن يتضمن التصميم رموزاً مثل اللؤلؤ وأشجار النخيل.

1932

تم في 10 يوليو 1932، إرسال أول رسالة من بريد دبي عن طريق مطار الشارقة.

1961

كان يتم نقل البريد عبر الطيران، إذ كانت تحضر طائرة دوف، تابعة لطيران الخليج، الرحلة: البحرين، الدوحة، أبوظبي، مرتين أسبوعياً حاملة البريد، وكان مطار أبوظبي مسطحاً رملياً في الصحراء، ومبنى من عريش.

مجموعة دولة الاتحاد

في عام 1972 تم إصدار المرسوم الاتحادي بإنشاء الهيئة العامة للبريد، كهيئة تابعة لوزارة المواصلات، لتُعنى بالخدمات البريدية، التي أصدرت في أول عام 1973 أول مجموعة من الطوابع البريدية التي تحمل اسم دولة الإمارات. ونالت المجموعة إعجاب المهتمين في مختلف أرجاء الدولة الشابة؛ لأنها تناولت موضوعات مختلفة عبرت في مجملها عن فكرة واحدة فقط، وهي وحدة الإمارات السبع تحت علم واحد وشعار واحد وقيادة واحدة قوية متماسكة.

تكونت المجموعة من 12 طابعاً تحمل معالم مختلفة من الدولة، كان أبرزها الطابع الـ12 في هذه المجموعة، الذي كان يمثل أم القيوين، إذ تم سحبه بسبب خطأ فني في الطباعة، وهو يباع بقيمة عالية بسبب هذا الخطأ الفني.

أنواع الإصدارات

يعتقد كثيرون أن الطوابع البريدية نوع واحد لا يختلف، ولكن الحقيقة أن هناك أنواعاً مختلفة منها، وهي: الطوابع العادية التي تستخدم كثمن مسبق عن الرسم البريدي، وتطبع بكميات كبيرة وتكون متوافرة في المكاتب البريدية كافة؛ بالإضافة إلى الوكالات البريدية. والطوابع التذكارية / الخاصة، ويتم إصدار هذه الطوابع لإحياء ذكرى أو حدث معين، أو بمناسبة الأعياد السنوية، وحول العديد من الموضوعات المحلية وهي الأكثر شيوعاً. ويكون إصدار هذه الطوابع بكميات محدودة، وهي متوافرة لفترة معينة في المكاتب البريدية والمكاتب التي تقدم خدمة هواة الطوابع.

وهناك مواد أخرى مرتبطة بالبريد وإصداراته، يعرفها هواة جمع الطوابع، منها: مغلف اليوم الأول للإصدار؛ إذ يتم ترتيب الطوابع أو البطاقات التذكارية على مغلف جميل، ويكون مختوماً بختم إلغاء خاص، ويصدر المغلف خصيصاً في اليوم الأول للإصدار. وكتيب الطوابع: وفيه ترتب الطوابع بشكل مناسب وترفق بغلاف جذاب. وهناك أيضاً ألبوم الطوابع السنوي، وفيه يتم جمع كل الطوابع الصادرة خلال العام بشكل مناسب في هذا الألبوم، بما يجعل منه هدية جذابة. ومن الإصدارات: البطاقة التذكارية التي تصدر للموضوعات الخاصة والتذكارية بكميات محدودة لهدف محدد، وهي أكبر من حجم الطابع العادي بحيث يطبع منها نحو 5000 بطاقة.

للإطلاع على صور تاريخية، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر