رغبة الجمهور في الهروب من الهموم يجعلها تتصدر استطلاعات الرأي

المسلسلات الكوميدية.. نجاح بلا مقومات

في مسلسل «صاحب السعادة» واصل الفنان عادل إمام حضوره في الموسم الدرامي الرمضاني للعام الثالث، وطوال شهر رمضان الماضي تصدر استطلاعات الرأي، رغم أنه بدا واضحاً من حلقاته الأولى أنه يعاني نقاط ضعف فنية عدة، من أهمها «الاستسهال» في الكتابة وعدم ترابط الأحداث أو تقديم جديد فيها، فسارت على وتيرة واحدة دون أن تتصاعد درامياً. أرشيفية

بنظرة سريعة إلى أغلبية استطلاعات الرأي ونسب المشاهدة للمسلسلات العربية، يظهر بوضوح تصدر الأعمال الكوميدية بما يعكس مؤشرات عدة من أهمها رغبة المشاهد في الهروب من واقعه المثقل بالهموم الاجتماعية والاقتصادية، والسياسية أيضاً، والبحث عن ابتسامة تخفف قسوة الواقع، كما يشير إلى أهمية هذا النوع من الدراما، وحاجة الشاشات العربية إليه، والجماهيرية التي يتمتع بها نجوم الكوميديا لدى المشاهد البسيط.

نجاح الأعمال الكوميدية وجماهيريتها قد تمثل العنوان العريض، ولكن تحت هذا العنوان تقبع كثير من التفاصيل التي قد تفرض تساؤلات عن معايير اختيار وتقييم المشاهد للعمل الفني، وتعكس ضعف التوافق بين «الأكثر مشاهدة» و«الأفضل أو الأكثر جودة وتميزاً»، وهي إشكالية لا تعانيها الدراما فقط، ولكن العمل الإبداعي ككل، فطالما عرفت دور العرض السينمائي أعمالاً لم تحقق أي عائد أو نجاح تجاري يذكر، وفي الوقت نفسه حصدت جوائز عالمية. الأمر نفسه ينطبق على سوقي الكتاب، العربي والعالمي، اللذين يعانيان كثيراً تصدر كتب متواضعة المستوى من الناحيتين الفنية والإبداعية لقائمة «الأكثر مبيعاً».

الخلل في العلاقة بين ثنائية (الأكثر مشاهدة - الأفضل) ظهر في أعمال درامية عدة استحوذت على اهتمام الجمهور هذا العام، من أبرزها مسلسل «صاحب السعادة»، الذي واصل به الفنان عادل إمام حضوره في الموسم الدرامي الرمضاني للعام الثالث على التوالي، بعد أن قدم في العامين الماضيين «فرقة ناجي عطا الله» و«العراف». فطوال شهر رمضان الماضي تصدر العمل استطلاعات الرأي رغم أنه بدا واضحاً من حلقاته الأولى أنه يعاني نقاط ضعف فنية عدة، من أهمها «الاستسهال» في الكتابة وعدم ترابط الأحداث أو تقديم جديد فيها، فسارت على وتيرة واحدة دون أن تتصاعد درامياً، واعتماد المسلسل بشكل كبير على شخصية عادل إمام وتعبيراته الخاصة التي عرفه بها الجمهور، دون تجديد، وغاب حضور المخرج رامي إمام بشكل كبير في العمل فلم يترك بصمة تذكر.

هناك أيضاً مسلسل «الكبير قوي» بطولة الفنان أحمد مكي، الذي واصل حضوره الجماهيري هذا العام في الجزء الرابع، وواصل كذلك اجترار نجاح الأجزاء السابقة، حيث لم يقدم الجزء الرابع جديداً يذكر ووقع في مشكلات عدة من بينها محاولات أسرة العمل التحايل على غياب بطلته دنيا سمير غانم في جزء كبير من الأحداث والحلقات بسبب الحمل والولادة، فاعتمدت في كثير من الأحيان على شخصية «حزلقوم» والمط والتطويل في المشاهد التي ظهر فيها ليروي مغامراته في إفريقيا، كما أفرد العمل عدداً من الحلقات لقصة جد الكبير التي قدم فيها مكي محاكاة شبة كاملة لفيلم «شمس الزناتي»، الذي قدمه الفنان عادل إمام في السينما في أوائل التسعينات، وهو أمر غريب ويدعو للتساؤل: هل هي وسيلة لمط الحلقات وسد فراغ الأحداث الحقيقية بها، أم هي محاولة لكسب تعاطف محبي عادل إمام وأفلامه؟

كثير مما سبق ينطبق على حلقات «فيفا أطاطا» الذي قام ببطولته الفنان محمد سعد وقدم فيه شخصيتي أطاطا واللمبي، في محاولة لإعادة استثمار نجاح الشخصيتين اللتين سبق وقدمهما سعد في أفلامه. ولم يقدم محمد سعد جديداً في اسلوب أداء الشخصيتين، فجاء حضوره مكرراً واعتمد تقريباً على «الافيهات» نفسها المعتادة، رغم محاولات كاتبي السيناريو محمد النبوي وسامح سر الختم الدخول بالعمل إلى أجواء مختلفة بتوظيف فكرة الانتقال بين العصور المختلفة.

 توازن

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/10/206869.jpg

استطاعت بعض الأعمال الكوميدية هذا العام أن تحقق قدراً كبيراً من التوازن بين الأكثر مشاهدة والأفضل، لاعتمادها على كوميديا الموقف، أوتناقش قضايا يلمسها المواطن في حياته اليومية بأسلوب غير مفتعل، ومن هذه الأعمال المسلسل المصري «أنا وبابا وماما»، والسوري «ضبوا الشناتي»، وكذلك «بقعة ضوء»، ومن الأعمال الإماراتية مسلسل «حبة رمل»، إلى جانب حلقات «طماشة 5»، الذي واصل فيه الفنان جابر نغموش مع فريق العمل طرح قضايا معاصرة وهموم الإنسان العادي التي يقابلها في حياته اليومية.

سيطرة النجوم

 

مازال كثير من الأعمال الكوميدية بعيدة عن لمسة التجديد والتطوير، في انتظار مواهب شابة تنفخ فيها روح التجديد، وتسعى للتمرد خارج القوالب المألوفة و«الإفيهات» المستهلكة، لتطرق أبواباً أكثر رحابة، كما حدث مع الدراما البوليسية والدراما القائمة على الأحداث التشويقية والفانتازيا أحياناً. كما عليها أن تتحرر من سيطرة النجم الأوحد الذي يراهن المنتج وكل فريق العمل عليه، فيتحول إلى محور للعمل يدور الآخرون في فلكه، وهي واحدة من أبرز مشكلات الأعمال الكوميدية العربية.

 

 

عنوان عريض

 

نجاح الأعمال الكوميدية وجماهيريتها قد يمثل العنوان العريض، ولكن تحت هذا العنوان تقبع كثير من التفاصيل التي قد تفرض تساؤلات عن معايير اختيار وتقييم المشاهد للعمل الفني، وتعكس ضعف التوافق بين «الأكثر مشاهدة» و«الأفضل أو الأكثر جودة وتميزاً»، وهي إشكالية لا تعانيها الدراما فقط، ولكن العمل الإبداعي ككل، فطالما عرفت دور العرض السينمائي أعمالاً لم تحقق أي عائد أو نجاح تجاري يذكر، وفي الوقت نفسه حصدت جوائز عالمية. الأمر نفسه ينطبق على سوقي الكتاب، العربي والعالمي، اللذين يعانيان كثيراً من تصدر كتب متواضعة المستوى من الناحيتين الفنية والإبداعية لقائمة «الأكثر مبيعاً».

وغالبا ما تقابل الكثير من الإحصاءات السنوية بالإستهجان والإستغراب والبعض يشكك بها ويعتبرها مرتبطة بغايات تسويقية بحته ولا علاقة لها بدقة المعلومة.

 

تويتر