آغا: الإعلام كان نادلاً.. وقنديل أيد الإعلام الحكومي

«الشارقة الرمضاني».. حــوارات في قضايا عربية

صورة

اعتبر وزير الثقافة السوري الأسبق الدكتور رياض نعسان آغا، ان الاعلام في عالمنا العربي كان تابعاً، يؤدي دوراً شبيه بدور «النادل»، الذي يقدم المعلومة والرسالة التي يصرح بها أصحاب القرار، في المقابل دافع الكاتب والإعلامي حمدي قنديل عن الإعلام الحكومي قائلاً «لولا الاعلام الحكومي لما تم الاهتمام بالثقافة والموضوعات الجادة».

جاء ذلك، خلال المجلس الرمضاني الثاني لمركز الشارقة الإعلامي الذي ناقش في أولى جلساته أول من أمس، موضوع جدلية الثقافة الاعلامية، والاعلام المثقف، وتبحث الجلسة مدى وعي وسائل الإعلام بأهم أدوارها المتعلقة بنشر الثقافة بين الجمهور المتلقي، وإبراز الفروقات الجوهرية بين الثقافة الإعلامية والإعلام المثقف والحاجة إلى فهم الرسالة الإعلامية، كما تسعى الندوة للإجابة عن تساؤلات عدة لعل أبرزها سؤال حول كيف يمكن للمتلقين أن يحللوا ما يصلهم من رسائل عبر وسائل الإعلام المختلفة إذا لم يكونوا مثقفين وعلى دراية بأساليب التواصل والإقناع.

وأكد آغا خلال حديثه في الجلسة أن «كل شيء يتعلمه الانسان في حياته هو ثقافة التي هي حصيلة التراكم المعرفي للفرد والمجتمع، إذ إنه ما يبقى في الذاكرة بمرور الزمن، غير أن لكل مرحلة ثقافتها، إذ في مرحلة الستينات والسبعينات كان هناك نوع من احترام لكلاسيكية الثقافة، لاسيما مع التطور الحاصل في العالم، ويمكن القول بأن القنوات الفضائية التي لا تقدم ثقافة من وجهة نظر المثقفين إنما هي تقدم ثقافتها الخاصة، حتى الفن الهابط يقدم من قبل قنوات تعتبره ثقافة».

وتابع أنه «في الثمانينات كان هناك اهتمام بالثقافة لدرجة أن القنوات التلفزيونية كانت تعتني بالبرامج الثقافية البحتة التي تركز على الأدب والشعر والنثر والفلسفة الثقافية، وفي الوقت الحالي حل محل تلك البرامج أخرى سياسية تعكس ما يحصل في الوقت الراهن، لدرجة أنك لا تجد قناة إلا وتهتم بالجانب السياسي والاخباري، ومن أبرز نتائج العولمة الثقافية فإن معظم البرامج الثقافية التي تعرض في القنوات ما هي إلا تقليد لبرامج أجنبية بعيدة كل البعد عن ثقافتنا العربية». لافتاً إلى أن «العالم بحاجة إلى ايجاد حالة من التوازن في التلفزيون والتنوع في البرامج، على أمل أن يتسع العالم العربي للبرامج الفكرية التي يفترض أن تقدم من قبل المثقفين أنفسهم وليس كما يحصل الآن، إذ إن هناك من يتكلم بما لا يعرف».

الإعلام القائد

رسالة هادفة

يأتي تنظيم مركز الشارقة الإعلامي للدورة الثانية لمجلسه الرمضاني، انطلاقاً من رسالة المركز الهادفة إلى التواصل مع المجتمع، من خلال اغتنامه أجواء الشهر الفضيل والعمل على تقديم كل ما هو مفيد عبر استقطابه شخصيات بارزة في المجتمع المحلي والعالم العربي لمناقشة موضوعات متنوعة تعمل على تعزيز التواصل خلال الشهر المبارك، كما يمثل المجلس الرمضاني ترجمة واضحة لإيمان المركز بأهمية الحفاظ على إحياء المجالس الرمضانية كجزء وجانب مهم من تاريخ وثقافة الدولة ومظهر اجتماعي رمضاني له دور ثقافي وتوعوي. ويستضيف المجلس الرمضاني المقام في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، ندوات متخصصة في عدد من القضايا الإعلامية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية المهمة في الوطن العربي، التي تتناسب مع خصوصية شهر رمضان المبارك عبر طروحات مختلفة منها جدلية الثقافة الإعلامية، وبناء الإنسان والتنمية في مجتمع الإمارات، إضافة إلى تسليط الضوء على الدراما العربية والتحديات التي تواجهها، وذائقة الشعر العربي وقضايا الشأن الرياضي المحلي.

وحول تنقل الإعلام وتدرجه حتى وصل إلى مرحلة القيادة، قال آغا إن «الاعلام تطور بشكل كبير مع تطور وسائله، إذ أصبح التلفزيون من الماضي مقارنة بظهور قنوات تواصل جديدة لم يكن يعرفها العالم والأجهزة الرقمية والهواتف الذكية التي حولت كل شخص إلى صانع للحدث، لاسيما بعد حصول الربيع العربي الذي اعتبره من وجهت نظري أنه (خرب الدنيا ولم يصلحها) كشف عن أدوات غير تقليدية للتواصل». موضحاً أن «الاعلام العربي في فترات سابقة أدى دور النادل ينشر المعلومة التي تصله من أصحاب القرار دون أن يتجرأ على تغيير أو اضافة حرف واحد، ثم جاءت المرحلة الثانية بظهور الاعـلام المشترك لاسيما مع ازدياد وعي الناس، إذ صار الاعلاميون يجلسون مع أصحاب القرار يشاركون في صنع القرار فتحولوا من تابعين إلى مشاركين، بعدها صار الإعلام يمارس دور القائد، وهو الذي يصنع الحـدث ويتحدث عن المستقبل ويقود العالم».

وتفاءل آغا بمستقبل الثقافة العربية في ختام حديثه قائلاً إن «هناك ثورة ثقافية مهمة علينا الاعتراف بها، إذ إن الحضور الثقافي العربي جعل من الثقافة العربية أحد ست ثقافات مؤثرة في العالم، لاسيما في وجود كم هائل من المثقفين الشباب الذين يعتبرون نتاج الربيع العربي إذ أتوقع أن يجد العرب ظهوراً قوياً في الثقافة لكبار الشعراء والمفكرين والأدباء يحاكي الزمن الجميل للثقافة، خصوصاً أن النقاشات بين الشباب حققت ما عجزت عن تحقيقه السياسة».

فجوة كبرى

إلى ذلك، اعتبر الكاتب الصحافي والإعلامي حمدي قنديل، أن «الثقافة هي محصلة عامة وليست جزءاً من الشيء وهي حصيلة سلوك عام وممارسات وفولكلور، إذ مر العالم بخمس مراحل تطور ثقافية، أولها عندما عرف الكلام ثم الكتابة وبعدها الطباعة ثم الالكترونيات كافة وصولاً إلى الثورة الحقيقية الكبرى في تاريخ الاتصال في العالم وهي إطلاق الأقمار الاصطناعية التي معها بدأت ثورة الاتصال والسياسة، إلا ان هناك فجوة كبرى بين الاعلام في الدول المتقدمة والنامية، إذ لا تستطيع أن تواكب وتلحق بالتغيير الحاصل، الأمر الذي نتج عنه غزو للإعلام الغربي وتحديداً الأميركي لشاشاتنا المحلية فصارت البرامج نسخا عربية لبرامج أجنبية».

لافتاً إلى أن «الاعلام التابع لم ينته، بل سيبقى بوجود الاعلام الحكومي، الذي يقدم رسائل خاصة به، إلا أن الاعلام الحكومي أنصف الثقافة إذ لا توجد قنوات خاصة تعنى بالموضوعات الجادة ولولا الاعلام الحكومي لما تم الاهتمام بالبرامج الثقافية، وإن كان هذا الاهتمام لا يرقى بالثقافة العربية، فعلى سبيل المثال الاعلام الحكومي لا يخصص ميزانيات ضخمة للبرامج الثقافية تحاكي البرامج الفنية الأخرى».

وبخصوص شعار «الجمهور عاوز كده» علق قنديل أن «هذا الشعار طرحته شركات الاعلان التي كانت تبيع وتروج للإثارة والدجل التفاهات في التلفزيون، أما الجمهور فهو يفهم أكثر من المثقفين أنفسهم، وله حرية الاختيار والمقارنة بين برنامج وآخر، إذ يمكنه أن يميز الرسالة التي قدمت له ومدى صحتها، وفي النهاية الجمهور يرغب في انتاج راق وجذاب ضمن مادة تقدم له الفائدة والمتعة». موضحاً أن الاعلام محرض بالدرجة الأولى، فهو يبيع بضاعة ويروج لأمور سلبية وأخرى ايجابية، يحدد طبيعتها الجمهور عندما يقلب القنوات لاختيار البرنامج الذي يود مشاهدته وبحسب ثقافته ورغبته».

تويتر