في حلقة تأهل فيها السعودي «أبوشرارة»

«أمير الشعراء» ينبذ العنف والصراعات

صورة

حجزت السعودية مقعدها في المرحلة الثالثة من مسابقة «أمير الشعراء» في دورتها الخامسة، بعد أن تأهل الشاعر محمد أبوشرارة في الحلقة التي اذيعت، مساء أول من أمس، من مسرح شاطئ الراحة على الهواء مباشرة، عبر قناة أبوظبي الإمارات. كما تأهل الشاعر العماني، هشام الصقري، من شعراء الحلقة الماضية بعد حصوله على أعلى نسبة من تصويت الجمهور.

الدعوة إلى السلام ونبذ الحروب والصراعات، كانت حاضرة في بعض القصائد التي قدمت في الحلقة التي جمعت بين خمسة شعراء، هم الشيخ ولد بلّعمش من موريتانيا، وعبدالله آيت الصدّيق من المغرب، ومحمد أبوشرارة من السعودية، ومناهل العساف من الأردن، وهزبر محمود من العراق. كما في قصيدة الشيخ ولد بلّعمش «تراتيل من دم الأحـلام» التي اعتبرها د.علي بن تميم دعوة للسلام تنطلق من رؤية مثالية لدى الشاعر. في حين رأى د.عبدالملك مرتاض أن بلّعمش تناول القتل والقتال والسلام في نص واحد، وأن الشاعر وُفّق في نسج اللغة الانزياحية، وطرز بلغته الشعرية أزهار البنفسج، وأنشد شعراً جميلاً لغة ونصاً ومضموناً. وتوقف د.صلاح فضل أمام التناقض بين العنوان والدم والسلام.

«في وحدة الدار»

في الجزء الثاني من البرنامج، ألقى الشاعر الإماراتي، عبدالكريم معتوق، وهو أول من حمل لقب «أمير الشعراء» في المسابقة، قصيدة المجاراة التي تحدث فيها عن دولة الإمارات وما تتميز به من وحدة، وحملت عنوان «في وحدة الدار» ومن ثم قام الشعراء بمجاراتها، ورفض معتوق التعليق على فنيات القصائد الخمس المرتجلة لأن ذلك من مهام لجنة التحكيم، مفضلاً الإشارة إلى أن الارتجال تطغى عليه الصنعة، وأن الجميع كتبوا بحب بالغٍ عن الإمارات. وأثنت لجنة التحكيم على قصائد الشعراء التي قدم كل منهم فيها الارتجال بطريقته وبمعجمه وبروحه الخاصة، وجاء كل شاعر متميزاً بتجربته، وعلى الرغم من التشابه إلا أن التفرد ميز كل قصيدة، فأتقنوا جميعهم المجاراة.

وتضمنت الحلقة تقديم تقرير مصوّر في اتحاد كتاب الإمارات حول ما قدمه الشعراء، وجاءت آراء المستَطلَعين فارقة، ذلك أنها قائمة على المعرفة بالشعر العربي ومدارسه ومراحله التاريخية وفحوله، فكانت جميعها متخصصة، واعية، استطاعت رصد ما أراده الشعراء من خلال نصوصهم التي قدموها خلال الحلقة الماضي.

وفي نهاية الحلقة أعلن مقدم البرنامج، باسم ياخور، عن شعراء الحلقة المقبلة والأخيرة من المرحلة الثانية من مسابقة «أمير الشعراء»، وهم: خالد بودريف من المغرب، وعبدالمنعم الأمير من العراق، وعلاء جانب من مصر، ومنى الحاج من السودان، ويحيى وهاس من اليمن.

أما الشاعر محمد أبوشرارة فقد سبق قصيدته بالعبارة المأثورة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «ليس النفط العربي أغلى من الدم العربي»، ليقدم بعدها قصيدة «اعترافٌ بينَ يدَيْ أَبي تَمَّام» التي مالت إلى التشاؤم، وتقديم صورة قاتمة للعالم العربي، وهي ما أخذه د.علي بن تميم على النص، مشيراً إلى أن الشاعر أغلق الأمل، في حين أن شعر أبي تمام مليء بالحياة، أيضاً أشار د.عبدالملك مرتاض إلى جنوح الشاعر إلى رسم صور قاتمة. وقال د.صلاح فضل إن رؤية أبوشرارة للوطن العربي بين النيل والفرات كانت هي الوجع الحقيقي، وبينما يستنجد بألواح نوح، تتربص به ألواح موسى، ثم وصف المتسابق بأنه شاعر كبير.

قصص الأنباء، خصوصاً نوح، عليه السلام، حضرت أيضاً في قصيدة للشاعر هزبر محمود التي وجدها د.علي بن تميم «تعانق بين نوح وابنه، لكن الحكايات تصور حالات الشاعر الضعيف الذي يواجه الصباح، ويظل مليئاً بالحزن متجلياً، وكذلك الأرق الذي لا يقل عن أرق المتنبي». في حين اعتبر د.عبدالملك مرتاض انه على الرغم من جمالية الشعر إلا أن هزبر لم يستطع الحفاظ على مستوى واحد في النص. ورأى د.صلاح فضل في النص تراث شعري جميل، كما ان الشاعر عارم في تمثيل الصور الشعرية، وفي بناء جملته الشعرية. وألقى الشاعر عبدالله الصدّيق قصيدة «صورة من تيه الذاكرة»، قال د.علي بن تميم ان الشاعر استخدم قافية مربكة، لكنه أجاد في ذلك، وجاء النص بمجمله جميل. ووجد د.عبدالملك مرتاض ان عنوان القصيدة بدا كأنه عنوان مقالة، أما القصيدة فتحمل قيمة عظيمة، وفيها نفحة من النبوة، وإن كان لا يتفق مع المضمون، وربما يعود ذلك إلى تربية الصدّيق القرآنية. وذكر د.صلاح فضل ان الشاعر وصف الحالة بقوة تصويرية عارمة غريبة وقوية، وقدم صور قوية، مضيفاً: «هذا هو الشعر، تنتقد فيه الحياة وتنقم عليها».

في حين تفردت الشاعرة مناهل العساف بطابع الرومانسية في قصيدتها «دروب الرؤى»، وجد فيها د.علي بن تميم تطبيقاً لمقولة «البساطة ببساطة ليست بسيطة»، مشيراً إلى أن النص بسيط لكن في غاية العمق والرومانسية، إذ تعيش الشاعرة متعة العذاب، وتمزج بين المعجمين الرومانسي الصوفي، كما وازنت بين ظهور الذات الأنثوية واختفائها بين البوح والكتمان.

وأثنى د.عبدالملك مرتاض على الصور الرقيقة في القصيدة، ومستوى الشعرية الرفيع في النص، إلى جانب لغته السلسلة، وبنائه المتماسك، وإيقاعه المتوازن. ووصف د.صلاح فضل القصيدة بأنها غارقة في هذا البحر الرائق الرومانسي الصوفي، فالشاعرة تجيد انشراحاته ورؤاه، وقد استوطنتها هواجسها.

تويتر