الإماراتية عوشة بنت خليفة كرّمت بكتاب ضم أعمالها وسيرتها الذاتية
«فتاة العرب».. شاعرة ألهمتهــا الصحراء
لم تكن لتحظى الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي بلقب «فتاة العرب»، الذي أطلقه عليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لولا اسهاماتها الشعرية المميزة، التي قدمتها في زمن كانت فيها المرأة لاتزال يحكمها كثير من المعوقات والظروف والاعراف.
عوشة التي تبلغ اليوم 95 عاماً من العمر، كرمت، أول من أمس، من خلال اطلاق الكتاب الذي يضم اعمالها وسيرتها الذاتية ومساجلاتها الشعرية، ولا سيما تلك التي دارت بينها وبين سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. وقد أمضت الشاعرة حياتها تتغنى بالبيئة المحلية مستلهمة من الصحراء ومياه الخليج صورها الشعرية، ومستخدمة الكثير من العبارات المحلية في وصف مدن الدولة والكثير من مدن العالم التي زارتها.
وقامت الدكتورة رفيعة غباش بتجميع القصائد الشعرية للسويدي، واصدارها بكتاب تحت عنوان «عوشة بنت خليفة السويدي، الأعمال الكاملة والسيرة الذاتية»، اطلق في فندق غراند الحبتور بدبي، بحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الذي أثنى في كلمة له، خلال حفل التكريم، على انجازات الشاعرة التي عبرت من خلال الكلمة عن أرق الأحاسيس وأسمى المشاعر، ووصفت بإبداع كبير ارض الإمارات. ولفت الى ان هذا الكتاب يظهر بوضوح كم هي شاعرة متمكنة ومتميزة بكل المقاييس، ولا سيما من خلال المساجلات التي حدثت بينها وبين فارس الكلمة سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
فقرات عديدة قدم خلال الحفل الكثير من الفقرات التي تشير الى أهمية الشاعرة الاماراتية، والى بعض الجوانب من حياتها، حيث مثل الأطفال حادثة حلم الشاعرة بأنها ابتلعت القمر، كما ألقوا بعضاً من أشعارها. فيما في ختام الحفل قدمت أغنية من كلمات الشاعرة المكرمة. وقد قدمت نسخاً من الكتاب الى الحاضرين وقّعتها الدكتورة رفيعة غباش. |
واعتبر أن الشاعرة تعد نموذجاً رائعاً لابنة الإمارات، حيث يظهر في قصائدها الحرص على القيم العليا والمثل الرفيعة، والتأكيد على صلابة الارادة وقوة العزيمة وإدراك عظمة النفس الانسانية الودودة والمتسامحة. ونوه سموه بأنه يرى نفسه دائما في قصيدة «ربي يا واسع الغفران»، لما فيها من دعوات طيبة وابتهالات عميقة. وأشار الى أن «فتاة العرب» قد حازت أكثر من تكريم من قبل الجهات الرسمية في الدولة، كما اعرب عن تقديره لجهود الدكتورة غباش في إصدار الكتاب، كونه يتيح للجيل الجديد التعرف إلى احدى الشخصيات البارزة في التاريخ الأدبي لدولة الامارات.
ذاكرة
من جهتها، أكدت الدكتورة رفيعة غباش، ان الشاعرة عوشة هي عَلَم من أعلام الإمارات، معتبرة أنه لم يأت احد في مستواها وفي قدرتها على الوصف واستخدام اللغة حتى يومنا هذا. ولفتت إلى أنها عملت على إشراك الأطفال في هذا الحفل، كي يعرفوا من هي عوشة، ويسألون عنها، وبالتالي تبقى شخصية حاضرة في ذاكرة الصغار. ونوهت غباش بأن الاحتفاء بهذه الشخصية أتى نتيجة الكثير من العوامل، منها أنها أدخلت البهجة الى حياة الناس، كما انها تواصلت مع سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على مدى 10 سنوات، وقالت فيه 80 قصيدة. ونوهت بأنه نشر للشاعرة ديوان سابق، ولكن من خلال البحث وجدنا ان هناك مجموعة من القصائد التي لم تنشر، ويضم الكتاب 80 قصيدة لم تنشر من قبل، أما الإضافة الرئيسة في الكتاب فبالنسبة لغباش تتمثل في تفسير المعاني. وأوضحت أهمية وجود التفسير بالقول «فسرنا الكلمات التي كانت تستخدم في القدم في الشعر النبطي، والتي لم تعد موجودة كثيرا في اللهجة حالياً، وكأننا عملنا بذلك على وضع معجم للمعاني الاماراتية المحلية». واعتبرت ان «فتاة العرب» معروفة في الامارات، ولكن لا أحد يعرف تاريخها، وبالتالي الكتاب يلقي الضوء على سيرتها وحياتها ونشأتها وكذلك أعمالها. ونوهت غباش بأن النساء في الإمارات فعلا يحتجن التكريم سواء كان دورهن بسيطاً ومتواضعاً او كبيراً، مشيرة الى موسوعة تعمل على انجازها تختصر فيها ابرز أسماء النساء الإماراتيات، حيث وثقت سيرهن، وعملت على حقبات محددة، وسيصدر بعد الانتهاء من البحث والتوثيق، هذا الى جانب متحف المرأة الذي ستخصص فيه قاعة لأعمال عوشة بنت خليفة السويدي. واعتبرت غباش ان أهمية الكتاب تكمن في كونه يجمع التاريخ، مبينة ان «التاريخ ان لم يجمع ويوثق يختفي مع الوقت، وبالتالي أحاول القبض على مرحلة من التاريخ». وأكدت على ان أشعار عوشة لا تدرس في مناهج الدراسة في الامارات، فهذه الشخصيات لابد ان تكون جزءاً من المناهج الدراسية وحياة اولادنا، واعتبرت ان البطء والتأني في انجاز الكتاب كان متعمداً وذلك بهدف تجنب الأخطاء وكذلك للتعمق أكثر في الكتاب.
أما خالة الشاعرة «فتاة العرب»، الدكتورة فاطمة العتيبة، فقد نوهت بأن الديوان الذي يدشن يشمل المجموعة الكاملة للشاعرة، التي تعتبر من الشاعرات اللواتي لديهن باع طويل في الشعر. ونوهت بأنها امرأة نادرة الوجود بكل ما للكلمة من معنى، فقد نشأت يتيمة الأم في كنف جدها، وبدأت تظهر موهبتها في عمر 12 سنة. وأشارت خالة الشاعرة الى انها حلمت وهي في سن 12 سنة بأنها ابتلعت القمر، وقد فسروا لها الحلم بأنه سيكون لها شأن كبير في مجال ما، وكان نجاحها في الشعر. وأكدت أن الشاعرة تزوجت وانجبت طفلة، وقد عملت في التجارة، منوهة بأنها كانت تعرف باسم «فتاة الخليج» سابقاً نظراً لأهمية شعرها الذي وصل الى كل دول الخليج. وحول حياتها في السابق، أشارت العتيبة الى أن الشاعرة كامرأة كانت تتمتع بكل مقومات المرأة الإماراتية ذات الشخصية المستقلة المعتزة بموهبتها وعصاميتها. ونوهت بأنها وجدت في الأردن بعض أشعارها تدرس في الأدب العربي، وهذا فخر لنا جميعا، منوهة بأن مسيرة سنين من العطاء لا يمكن ان تختصر في سنة من البحث وفي كتاب واحد. أما توقفها عن كتابة الشعر، فبحسب الدكتورة العتيبة، كان منذ ما يقارب 15 سنة، حيث ختمت بكتابة قصيدة «الغفران».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news