يسهم في الحفاظ على كنوز التراثين العربي والإسلامي
إنجاز مشروع محمد بــن راشد لنشر مخطوطات الأزهـر إلكترونياً
احتفى الأزهر الشريف بإنجاز وإطلاق مشروع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لحفظ ونشر مخطوطات الأزهر إلكترونياً. يأتي المشروع ليؤكد الدور الذي يقوم به الأزهر في الحفاظ على التراث العلمي الإسلامي، وخدمة أبناء العالم الإسلامي ورعايته واحتضانه لهم، وكذلك دوره في الحفاظ على وسطية الإسلام.
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير شؤون مجلس الوزراء محمد القرقاوي، ان «حفظ التراث العلمي الإسلامي ونشره لجميع المهتمين من كل أنحاء العالم يمثل تواصلاً حضارياً وثقافياً يتيح للجميع الاطلاع على سماحة الدين الإسلامي، وعلى الحضارة الإسلامية التي قامت على العلم والعلماء، وانه بالعلم أيضا يمكن أن تستعيد الأمة العربية والإسلامية دورها الحضاري والإنساني العالمي». وعبر سموه عن سعادته بإنجاز هذا العمل، مؤكدا أن هذا المشروع مساهمة بسيطة في تخليد العلم والعلماء وحفظ تراث الأزهر الشريف الذي كان وسيبقى منارة للعلم وقبلة للمتعلمين ومرجعاً للمسلمين في كل أنحاء العالم.
وأشاد المشاركون في الحفل بالدور الذي قام به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بتقديمه الدعم الكامل لإنجاز وإنجاح المشروع الذي تكلف أكثر من 38 مليون جنيه مصري، ورعايته الكاملة لحفظ التراث العلمي الإسلامي ونشره لجميع المهتمين من كل أنحاء العالم، ورعايته للتواصل الحضاري والثقافي بين الشعوب، الذي يتيح للجميع الاطلاع على سماحة الدين الإسلامي وعلى الحضارة الإسلامية التي قامت على العلم والعلماء.
تقنية
أشاد المشاركون في الاحتفال الذي حضره شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، ووزير الثقافة المصري الدكتور عماد أبوغازي، وعدد من كبار المسؤولين من الإمارات ومصر، أشادوا بالتقنية التي تم استخدامها في المشروع، التي ستتيح لجميع الباحثين والدارسين في العالم الاطلاع على المخطوطات الإسلامية النادرة التي تحفظها مكتبة الأزهر، والتي تحفظ في طياتها سماحة ووسطية الإسلام.
من جانبه وجّه شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، الشكر لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على إطلاقه وتمويله هذا المشروع، وقال «إننا في الأزهر نعتبر هذا المشروع التقني المتطور هدية غالية للأمة الإسلامية في هذا الشهر المبارك، إذ سيوفر القدرة للأزهر للوصول إلى أكبر عدد ممكن من طلبة العلم والباحثين والدارسين الراغبين في الاستفادة من علمه ومراجعه في أي مكان من العالم، حيث يصل عدد المعاهد الأزهرية وحدها الى أكثر من 9000 معهد، بالإضافة إلى جامعة الأزهر التي تضم أكثر من 70 كلية». وتضم تلك المعاهد والجامعة أكثر من 2.5 مليون طالب من جميع دول العالم.
من ناحيته، أكد رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف، في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير الثقافة الدكتور عماد ابوغازي، أن المشروع يعد رائدا ويمثل إحدى المحطات في مسيرة طويلة من التعاون والعمل المشترك بين الإمارات ومصر، لما فيه خير الشعبين الشقيقين والأمة الإسلامية.
بدوره، قال وزير شؤون مجلس الوزراء محمد عبدالله القرقاوي، ان «فكرة المشروع جاءت خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للأزهر الشريف، قبل 10 سنوات واطلاعه على المخطوطات وأمهات الكتب المحفوظة في الأرشيف، إذ دفعه ذلك إلى البحث مع الإمام الأكبر شيخ الأزهر حينها في كيفية إتاحة الفرصة أمام جميع المسلمين للاستفادة من هذا الإرث الفكري الإسلامي القيم والكبير، خدمة لطلاب العلم والعلماء وجميع المهتمين».
وأضاف أن «المشروع يهدف إلى الحفاظ على كنوز الثقافة الإسلامية والإرث العلمي للأزهر باستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية المتطورة، بما يسمح بالاحتفاظ بمحتوى تلك المخطوطات النادرة والقيمة لقرون مقبلة من دون تلف». كما يهدف المشروع الذي شمل وضع مكتبة الأزهر الشريف على الإنترنت الى توفير تلك المادة العلمية التي لا تقدر بثمن، إذ تضم مكتبة الأزهر أكثر من 50 ألف مخطوط تقع فى ثمانية ملايين ورقة يرجع تاريخ بعضها لأكثر من 1000 سنة، بالإضافة إلى 53 الفا من أمهات الكتب وأوائل المطبوعات طبع أحدثها قبل 60 عاماً لأكبر شريحة ممكنة من المتخصصين والباحثين في الدراسات الإسلامية وجعلها متاحة حول العالم.
وأوضح القرقاوي أن القائمين على تنفيذ المشروع أولوا اهتماما بالغا بمعايير أمن المعلومات والمحافظة على خصوصية المخطوطات وحقوق الأزهر.
نقلة نوعية
أكد المشرف العام على المشروع جمال بن حويرب، ان «مشروع الأزهر الشريف يمثل نقلة نوعية في مجال حفظ المخطوطات، حيث يعد الثالث من نوعه في العالم، كما تعد مخطوطات الأزهر من نوادر المخطوطات الإسلامية، وهي نتاج علمي لكثير من العلماء وطلبة العلم الأزهريين وغيرهم ممن رفدوا المكتبة بإبداعاتهم منذ إنشاء الجامعة، التي تعد أول جامعة في العالم، وهو ما يكسب مشروع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أهمية استثنائية في الحفاظ على التراث الحضاري الإنساني».
وأضاف «يتولى فريق مؤهل من مكتبة الأزهر الشريف مهمة تغذية الموقع بالمعلومات باستمرار، وإجراء الصيانة اللازمة بالإشراف والمتابعة، وتم التعاقد مع شركة متخصصة للقيام بمهام الحماية والحفاظ على محتويات الموقع، كما ان هناك نظاما أمنيا كبيرا يتم اتباعه خلال عملية البرمجة وإدخال المعلومات من حيث جلب المخطوط والمحافظة عليه أثناء تصويره».
واشار بن حويرب الى انه لضمان أعلى المعايير العالمية في حفظ المخطوطات وأرشفتها وتبويبها، فقد تم التعاقد مع شركة «اي بي ام» لإنجاز البنية التقنية للمشروع، وتوفير أحدث التجهيزات والتقنيات المتطورة، لافتاً الى ان اختيار الشركة جاء نظراً لخبرتها في هذا المجال وعملها على مشروعات كبرى مشابهة حول العالم مثل مشروع أرشيف الفاتيكان ومكتبة الكونغرس.
وقال رئيس الإدارة المركزية لمكتبة الأزهر مهدى شلتوت إن «مراحل المشروع المختلفة تضمنت إعداد مبنى خاص لاستقبال أجهزة المسح الضوئي وهي أجهزة مخصصة لمثل هذا العمل، وهي عالية الوضوح وفائقة الحساسية، والأجهزة الخادمة لحفظ البيانات (سيرفرات) ثم تدريب الكوادر في الأزهر للقيام بمهام المسح الضوئي وحفظ المخطوطات وتحويلها للأرشيف الإلكتروني تمهيداً لتوفيرها عبر الإنترنت».
وتم نسخ أكثر من 16 ألف مخطوط حتى الوقت الحالي، ولايزال العمل جاريا لاستكمال نسخ وحفظ بقية المخطوطات التي يبلغ عددها 50 ألف مخطوط».
وأضاف شلتوت أن «العمل بالمشروع يتم وفقاً لدورة عمل تتيح متابعة المخطوطات منذ استدعائها من أماكن تخزينها إلى أماكن العمل على تحويلها من الشكل الورقي إلى الشكل الرقمي ثم عودتها لأماكن حفظها مرة أخرى، وذلك بأيدي العاملين بالمكتبة بعد تدريبهم تدريباً عالياً».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news