«الكرتون العربـي».. حلم قريب

طلبة الأكاديمية يؤكّدون أهمية الاستثمار في إنتاج الرسوم المتحركة. تصوير: إريك أرازاس

يؤكد كثيرون أن برامج الأطفال، خصوصا الرسوم المتحركة، نقطة ضعف أساسية في وسائل الإعلام العربية، ورغم الإجماع على سلبية محتوى كثير من الرسوم المتحركة التي تقدم للطفل العربي، وهو محتوى غالبا ما يكون من إنتاج أميركي أو ياباني تتم «دبلجته» باللغة العربية، إلا أن التحركات العربية لتصحيح هذه الصورة السلبية مازالت محدودة، وتقتصر على مبادرات فردية لا ترقى لأن تؤسس لإقامة صناعة عربية للرسوم المتحركة. ولكن يبدو أنها كافية لأن تمهد الطريق أمام خطوات أكثر تنظيما واستمرارية، وأيضا أن تمنح الشجاعة للموهوبين في هذا المجال، للبحث عن فرصة مناسبة تحتضن إبداعاتهم وتصقلها، وهو ما أشار إليه طلبة الدورة الأولى من دورة إنتاج الرسوم المتحركة الجديدة، الموجهة للطلاب العرب التي تنظمها أكاديمية كرتون نتورك في أبوظبي، بالتعاون مع «توفور 54» للتدريب، والذين أوشكوا على الانتهاء من دراستهم في الأكاديمية.

دورة جديدة

أعلنت أكاديمية كرتون نتورك للرسوم المتحركة في أبوظبي، بدء قبول طلبات التسجيل لدورة إنتاج الرسوم المتحركة الجديدة الموجهة للطلاب العرب في «توفور 54» للتدريب. وتبدأ الدورة في 15 مايو المقبل وتستمر لمدة عام، وتقدم مقرراً مكثفاً ليكتسب المشاركون فيها المهارات الضرورية للعمل في عدد من المجالات المرتبطة بإنتاج الألعاب الإلكترونية والتلفزيون والأفلام.

كما صممت الدورة لتكون الأولى من نوعها عالمياً، بالتعاون مع المركز الوطني لصور الكمبيوتر المتحركة في جامعة بورنموث البريطانية، وشركة «تيرنر برودكاستينغ سيستم». وقد تمت صياغة محتويات الدورة بما يتناسب مع الواقع والثقافة المحلية، لتوفر أساساً لابتكار إنتاجات فنية جديدة، تعبر عن روح الدعابة والثقافة والقيم والتراث المنبثقة في المنطقة. وتوفر الأكاديمية عددا من المنح الدراسية التي تمنح للطلاب فوق 18 عاما، ومن جميع الجنسيات وفقاً للكفاءة، وذلك للذين يرغبون في تطوير مهاراتهم في قطاعي الإعلام والترفيه.

وقال الطلبة إن التجارب المحلية، وفي مقدمتها «شعبية الكرتون»، و«فريج»، فتحت لهم الطريق، ولفتت الانتباه إلى مجال الرسوم باعتباره صناعة واستثمارا يجب الالتفات إليه ودعمه. بينما يرى المدرب بالأكاديمية بدرالدين محمد بدرالدين أن «هناك فرصا لا تعوض باتت متاحة لأي شاب عربي يسعى إلى دخول عالم الرسوم المتحركة، ولديه فكرة يرغب في تنميتها وتحويلها إلى عمل فعلي»، في مقدمتها تلك الفرص التي تتيحها «توفور 54»، والتي تلعب دورا مؤثرا في الفترة المقبلة في صناعة وتطوير المحتوى العربي من الرسوم المتحركة، التي يجب أن تكون ذات هوية عربية وصناعة عربية أيضا.

وقال بدرالدين إنه بالمقارنة مع دولة متقدمة في صناعة الرسوم مثل بريطانيا التي عمل بها من قبل، يتمتع الوطن العربي بتراث وثقافة غنيين بقصص خيالية تفوق ما لدى البريطانيين بكثير، بالإضافة إلى الثقافة الدينية التي يمكن أن تكون رافدا مهما لأعمال كرتون متميزة، خصوصا أن كثيرا من هذه الأفكار لم يتم استغلاله بعد. وأضاف «كل ما علينا الآن أن نبدأ، فلا فائدة من وجود الخيال والفكر دون ترجمتهما إلى عمل، ومن الجيد أن لدينا رغبة حقيقية، ما نحتاج إليه هو بعض الوقت، لتتحول إلى صناعة قائمة بذاتها».

وأفاد بأنه يجب معرفة الفرق بين الرسوم التي تخاطب الأطفال، وتلك التي تتوجه للكبار والصغار على السواء، والتي تندرج تحتها الأعمال المحلية التي تقدم في شهر رمضان على سبيل المثال، مشددا على ضرورة ان تتميز الرسوم الموجهة للأطفال بالتشويق والجمع بين المتعة والفائدة، رافضا الصورة التقليدية التي ارتبطت بأعمال الكرتون لدى الذهن العربي، التي تجعل منه مرادفا للسخرية و«الخبل» في بعض الأحيان، وفق وصفه.

من جانبها، اعتبرت خلود علي، الحاصلة على بكالوريوس الهندسة من الجامعة الأميركية، وقادها شغفها بالرسوم المتحركة إلى الالتحاق بالدورة، ان قنوات الأطفال العربية «سيئة جدا»، وباتت فاقدة لأدبيات المجتمع، بعدما تحول اهتمامها إلى التسويق للألعاب، ولم تعد تقدم ما يمكن ان يتعلم منه من معانٍ سامية أو مبادئ اجتماعية وأخلاقية. وقالت إن «فريج» و«شعبية الكرتون»، خطوة شجاعة لفتت الانتباه إلى الرسوم المتحركة، باعتبارها مجالا للاستثمار على المدى البعيد، وإن هناك قنوات محلية مثل «دبي» و«سما دبي» وغيرهما، ترحب بالإنتاج المحلي في هذا المجال، بل وتبحث عنه وتدعمه، على أن يتميز بالإعداد الجيد للفكرة وبراعة التنفيذ.

وأوضح خالد الرايحي، الذي يعمل في مجال الإخراج الفني في مؤسسة دبي للإعلام، أن الدورة استطاعت أن تمنح المشاركين أساسا قويا، للانطلاق نحو احتراف العمل في مجال الرسوم المتحركة، كما أسهمت في تطوير عمله، إذ تتضمن الدراسة التي تمتد لمدة عام منهجا مكثفا، يدرس في جهات أخرى في ثلاث سنوات. وأشار إلى أن الأكاديمية هي الوحيدة المتخصصة بشكل كامل في مجال الكرتون، في حين تدرس كليات أخرى الرسوم المتحركة، ضمن مناهج وأقسام فرعية. وقال إنه يعمل على تنفيذ مشروع كرتون بعنوان «الصدام الأخير»، يمثل بالنسبة له بطاقة تعريف، تعبر عن قدراته في هذا المجال، لافتا إلى أن الرسوم المتحركة يمكن توظيفها في مختلف مجالات التوعية الاجتماعية والدراسية وحتى العمل. من جانبها، تسعى آمال محمد الطنيجي، عبر التحاقها بالدورة، إلى تطوير موهبتها في المجال. وأشارت إلى تطبيق ما تعلمته في تقديم المسلسل الإذاعي «يوميات هادي وبوزعل»، في حلقات كرتونية تلفزيونية. كما تأمل باستكمال دراستها في الولايات المتحدة الأميركية. وعلى الرغم من اتجاه كثير من الأعمال الكرتونية، في الوقت الحالي، إلى أن تكون ثلاثية الأبعاد، إلا أن الطنيجي تميل إلى الرسوم ثنائية الأبعاد (التقليدية)، إذ تجدها أكثر مرونة وجاذبية للأطفال والكبار على السواء.

تويتر