حصاد الدراما الخليجية في 2010

«غريب عجيب» عرض في رمضان العام الماضي. غيتي

بعد انقضاء عام حافل بالدراما العربية بشكل عام، والخليجية خصوصاً، قد يكون من المفيد أن تكون هناك وقفة تأمل لما شهد 2010 من أعمال فنية، وما تعكسه من نقاط الضعف والقوة، من أجل تطوير الدراما الخليجية في الفترة المقبلة.

شهد العام الماضي اتجاه بعض الأعمال الدرامية للتمرد على الأفكار المتكررة، فطرحت قضايا وظواهر اجتماعية يمكن أن تندرج تحت عنوان «المسكوت عنه»، ولكن وعلى الرغم من أهمية أن يتعرض الفن لقضايا المجتمع للتوعية بها، حتى وإن لم يقم بتقديم حلول لها، إلا أن أغلبية الأعمال وقعت في فخ المبالغة وتضخيم حجم هذه الظواهر، فكانت النتيجة عدم تقبل المشاهد هذه النوعية من الأعمال، وعدم تعاطفه مع ما تعرضه، واعتبارها تقدم صورة مغلوطة للمجتمع الخليجي تسيء إليه.

مازالت بعض الأعمال الدرامية الخليجية تصرّ على الأجواء القاتمة، واعتماد القصة والسيناريو فيها على الكثير من المشكلات الإنسانية، بل المآسي التي تحيط بأبطال المسلسل ولا يخرجون من إحداها إلا ليقعوا في الأخرى، مع الكثير من البكاء والعويل والصراخ، باعتبار أن هذه الأحداث الحزينة تجذب المشاهد وتستدر تعاطفه مع العمل وأبطاله، ليظل مرتبطاً بهم حتى نهاية الحلقات، لكن سيطرة هذه النوعية من المعالجات الفنية على الأعمال الدرامية الخليجية خلال السنوات الماضية، خلقت ما يشبه صورة نمطية باتت ملتصقة بهذه الأعمال، وشيئاً فشيئاً أدت إلى ابتعاد المشاهد عنها، خصوصاً في شهر رمضان، إذ تكون الخيارات أكثر، ويكون المشاهد ميالاً إلى متابعة أعمال ذات طابع كوميدي أو أقل كآبة وتشاؤماً.

حتى الآن، في نظر كثيرين، مازالت الصورة الحقيقية للأسرة الخليجية غائبة عن الدراما الخليجية التي تصور الأسرة تعاني التفكك والتناحر بين أفرادها، وتغيب قيم المودة والرحمة والتآلف بينهم، بسبب الأطماع المادية والخلافات على الميراث أو غيرها من الأسباب، مع الأخذ في الاعتبار أن العمل الفني غير معني بتقديم النماذج السوية والعادية التي لا تعاني مشكلات أو قضايا، لأنه لا يقدم توثيقاً للمجتمع بقدر ما يهدف إلى تركيز الضوء على ما يعانيه من عيوب ومشكلات، لتنبيه المعنيين ليضعوا حلولاً لها، لكن تظل المعالجة المتوازنة والابتعاد عن التهويل والمبالغة، والتركيز على قضايا محددة بدلاً من محاولة إقحام الكثير منها في عمل واحد، فيأتي مثقلاً بالهموم والمواجع والنصائح المباشرة التي لا يحتملها المشاهد فيهرب منها سريعاً.

كشفت الجماهيرية التي حظيت بها أعمال مثل «غريب عجيب» بجزءيه، واستمرار «طاش ما طاش» للعام الـ،17 وغيرهما من الأعمال الكوميدية، عن تعطش الجمهور الخليجي للكوميديا، وكذلك عن قدرة هذه النوعية من الأعمال على تقديم رسائل اجتماعية وتوعية وسياسية أيضاً في إطار من البسمة والفكاهة، بمستوى فني ناضج ومتميز، هذا النجاح قد يستدعي التفات صناع الدراما الخليجية إليها، باعتبارها أرضاً خصبة تحتمل الكثير من الاجتهاد في الفترة المقبلة.

السلبيات التي ذكرت في السطور السابقة يمكن إرجاعها بشكل مباشر إلى ندرة السيناريو الجيد، والأفكار الجديدة، وميل كتّاب السيناريو إلى التقليد واللعب في المضمون، مع قلة كتّاب السيناريو الخليجيين، وإن كان الموسم الماضي شهد ظهور أسماء جديدة واعدة قد تعد بجديد في الفترة المقبلة.

إلى جانب نقاط الضعف التي تعود في المقام الأولى إلى السيناريو، شهدت الدراما الخليجية في السنوات الماضية تقدماً واضحاً في استخدام الجوانب التقنية، ولكن لم يصاحبه بالقدر نفسه تطور في العناصر الفنية للعمل الدرامي.

يظل العنصر البشري أي الممثل، في الأعمال الدرامية، في حاجة إلى كثير من الاجتهاد والعمل، فالحماسة الزائدة، والصوت المرتفع، لا يعبران بالضرورة عن أداء متقن، فالفنان المتمكن من أدواته يستطيع أن يختزل الكثير من الكلمات بنظرة واحدة أو إيماءة بسيطة، وأن يصل إلى قلوب الجمهور ببساطة وهدوء، لذا قد يكون من المفيد تنظيم دورات في فنون التمثيل التلفزيوني للفنانين الشباب في الخليج، خصوصاً أن عدداً منهم يعمل في المسرح، بالإضافة إلى التلفزيون، ويتعامل مع الأداء في الحالتين بالأسلوب نفسه، رغم الفروق الفنية بين المجالين، فالحماسة التي قد تكون مقبولة في المسرح، تصبح نقطة ضعف تعيب العمل التلفزيوني.

عام الإنتاج المشترك

أفاد التقرير السنوي لمركز الدراسات والبحوث، التابع لاتحاد المنتجين العرب لأعمال التلفزيون، بأن 2010 شهد أكثر من أعوام سابقة، زوال الكثير من الحواجز بين صناع الدراما العربية الذين قدموا أنموذجاً مهماً لتجاوز الحدود القُطرية بين الدول، ونص التقرير الصادر أول من أمس، على أن «الإنتاج الخليجي كان الأبرز في تجاوز الحدود بين الأقطار، حيث ضمت أغلب المسلسلات عناصر من دول عربية عدة، سواء في التمثيل أو الإخراج أو الكتابة أو الإنتاج»، كما سجلت الكوادر الفنية العربية حضوراً واضحاً في الدراما المصرية، وهو ما مثل خطوة على طريق التكامل الدرامي العربي، خصوصاً أن الجمهور الذي تخاطبه تلك الدراما هو جمهور واحد.

وقال مدير المركز والمسؤول عن التقرير، محمد عبدالعزيز، إن «التشابك المحمود والمطلوب لجنسيات صناع الدراما في الأعمال، دفعه مجدداً إلى تجنب ذكر اسم الدولة التابعة لها الجهة المنتجة في التقرير النهائي، تأكيداً على الفكرة الأساسية منه، وهي الدعوة إلى التعاون والتكامل بين جهات الإنتاج وليس الدول».

وأضاف الباحث المصري عبدالعزيز أن التقرير حصر 253 مسلسلاً تلفزيونياً متنوعاً قدمتها الدراما العربية خلال عام ،2010 وهو رقم أقل من العام الماضي بـ26 عملاً، وبنسبة تراجع بلغت 9٪ تقريباً.

وبلغ عدد المسلسلات الاجتماعية، وفقاً للتقرير، 159 مسلسلاً، بنسبة 65٪ تقريباً من إجمالي الإنتاج، وهي نسبة تزيد على العام الماضي بـ11٪ تقريباً، بينما بلغ عدد الأعمال الكوميدية الخالصة 67 عملاً، بنسبة 26٪ تقريباً من إجمالي الإنتاج، وبلغ عدد الأعمال التاريخية سبعة أعمال بنسبة 2.8٪ من إجمالي الإنتاج، بينما بلغت أعمال السيرة الذاتية ستة مسلسلات، بنسبة 2.6٪ من إجمالي الإنتاج، وهي قريبة من نسبة العام الماضي.

وتناولت 10 مسلسلات التراث المحلي والبدوي، بنسبة 4٪ تقريباً، ووقفت نسبة المسلسلات الدينية عند عملين هما «رايات الحق» و«القعقاع»، وإن صنف الأخير أيضاً ضمن أعمال السير الذاتية، ورصد التقرير تركز الأعمال التراثية والبدوية في الدراما الخليجية، إذ وصلت إلى 10 أعمال، بنسبة تصل 10٪ من حجم الإنتاج الخليجي، بينما رصد تقرير العام السابق 16 عملاً تراثياً وبدوياً على مستوى الوطن العربي.

 

تويتر