قدم 20 عملاً في « ميم غاليري » بدبي

أرميص.. حروف بإيقاعات لونيـة

علي أرميص: هناك أعمال فنية فيها تخريب للثقافة وكذلك تخريب للأخلاق. تصوير: مصطفى قاسمي

بين الايقاع الصوتي والرسم الكتابي للحرف العربي، يمنح الفنان الليبي علي عمر أرميص، الحروف إيقاعات لونية مختلفة الشكل والرؤية، توضح جماليات الوجود الموسيقي في هذه اللغة. ويعمل أرميص على الحروف العربية كمادة أساسية تمكّنه من إبراز أفكاره الفلسفية التي تهدف إلى إثبات قوة اللغة العربية أداة للتواصل، في ظل الانجرار الحاصل في عصرنا، وراء الغرب في كل ما يقدمه. كما يحاول من خلال معرضه الذي افتتح أخيراً في «ميم غاليري» في دبي، الذي ضم 20 عملا، أن يؤكد ثباته على الفن الذي يجمع بين الخط والتشكيل، رافضاً الانجرار وراء المدارس التشكيلية الغربية، ومانحاً بريشته اللون أهمية كبيرة في إبراز جماليات الخطوط التي يطرحها.

التشكيل والقرآن

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/333302.jpg

 

يستخدم الفنان الليبي علي عمر أرميص اللغة العربية على نطاق واسع في الفن منذ ما يزيد على 20 سنة. كما أنه يعرف باتجاهه الى الفن الاسلامي، ولكنه على الرغم من ذلك لا يستخدم النصوص القرآنية في كتاباته، إيماناً منه بأن إضافة الآيات القرآنية الى الفن المعاصر قد تدخل في نطاق التعامل مع الدين كسلعة. ولكن كان العمل الفني الوحيد الذي يعد من الاستثناءات في مسيرته الفنية، هو الذي خصصه لمتحف بيت القرآن في البحرين، الذي يمكن مشاهدته ضمن مجموعة من أفضل مجموعات المصاحف التاريخية، والذي استخدم فيه النصوص القرآنية.

ويوازن أرميص في أعماله بين النص والرسم، فإلى جانب الحروف المخططة في لوحاته، يحرص على إدخال مجموعة من الكلمات التي تبدأ بالحرف المرسوم في اللوحة، أو حتى النصوص الادبية. ويكثر أرميص من استخدام الشعر والفلسفة، إذ يعد وجود هذه النصوص إلزامياً، كما أنه يكتب نصوص رواد الشعر والفلسفة والادب، أمثال النابغة الذبياني، وابن سينا، والمتنبي. فيما يمكن باختصار تأكيد أن أعماله لا تقوم على الفن فقط أو الحروف فقط، بل يجمع ما بين أبعاد متباينة، وهي الفن والأدب والتاريخ وكذلك الجمال المتجلي في اللون.

ألوان

يحرص أرميص على أن يكون وقع الألوان متبايناً بين اللوحات، إذ تتباين الخلفيات اللونية المميزة بأبعاد فنية مشغولة من خلال المزج بين الاكريليك والأحبار. وتتميز ألوانه بكونها هادئة، مضروبة بريشة متمكنة من خلق جو يتيح للمتلقي الغوص في أعماق اللوحة، ومحاولة فك رموز أبعادها. وإلى جانب اللوحات التي يقدم فيها حرفاً واحداً، والتي غالبا ما يستخدم فيها خط الديواني والثلث، هناك أعمال يقدم فيها مجموعة من الحروف، ونصوص متناثرة على أطراف اللوحة، ليكون العمل أوسع وأشمل في تقديم فكرته عن اللغة اللامتناهية.

أما السمة الأساسية في أعمال الفنان الليبي الذي يستمر معرضه حتى 27 يناير المقبل، فهي أن الفن يجب أن يقدم رسالة واضحة. وقد شاءها في أعماله أن تكون المحافظة على الإرث الاسلامي، وتقديمه لكل العالم. وبخلاف ما هو معروف عن الفنانين في مجال الحروفية، نجد أن أبرز ما يميز كتابات وحروف أرميص، هي أنها مقروءة، وبالتالي يستطيع من خلال جمالياتها جذب العرب والأجانب، ما يجعل التواصل أسهل.

لغة

قال علي عمر أرميص لـ«الإمارات اليوم»، إن «الهدف في هذه الأعمال التي بدأت من أكثر من 42 سنة، والتي استمررت وغيري في تقديم الإضافات فيها، والتركيز على المقاييس الجمالية للغة العربية، هو أن نرسخ ونوجد مكاناً لنا في الفن العالمي المعاصر». وأضاف«نميل إلى أن يكون لدينا نصيب في ما يحدث في الدنيا، في إطار ما يحدث في الفن عالمياً، لأننا نريد أن نقدم أعمالاً راقية، تتكلم عن قضايا خطرة، وتتوجه إلى العربي وغير العربي». ونوه الى أن فهم العمل يمكن أن يكون من الناحية الجمالية، وليس فقط من ناحية القراءة، لأن العمل يحمل أبعاداً فلسفية ويشتمل على ايحاءات مهمة. وحول الأبعاد الفلسفية التي تأخذها اللوحات، أكد أرميص أن الحديث عن اللغة يكون بجوانب مختلفة لا تنتهي، تماما كما الاعداد الحسابية، وبالتالي إن أوجه التعامل مع الحرف غير منتهية، فالحروف تتألف منها الكلمة، ومن الكلمات الجمل، ثم الكتب. وشبه عناصر لوحته بالعمل المسرحي، إذ اعتبر اللون والحروف والنصوص، من الأمور التي ليس من الضروري أن تكون مترابطة، فهي كأبطال العمل المسرحي، يوجدون معاً ليتعاونوا، وأشبه ما تكون بالجيران الذين يكملون العمل. ورفض ارميص إعطاء تقييم واضح للفن المعاصر، معتبراً أن الفن الجيد يفرض نفسه على الجمهور، ولهذا شدد على أن العمل الفني يقاس بالنية الواضحة، وكل فنان يقصد بناء عمل جيد، سينجح في وقت ما، بينما هناك أعمال فيها تخريب للثقافة وكذلك تخريب للأخلاق، وهي التي لا يمكن أن ندعمها.

تويتر