أزمة المسرح العربي غيّبته عن «الخشبة» 5 سنوات

أحمد بدير: الرقيب العـربي صار أكثر انفتاحاً

أحمد بدير: منعت استغلال «شعبولا» فــــــــــــــــي «مرسي عاوز كرسي». من المصدر

قال الفنان الكوميدي المصري أحمد بدير أن «عقلية الرقيب العربي قد تغيرت، واصبح أكثر انفتاحاً». وأنه حين تطرق في مسرحية «دستور يا اسيادنا» إلى حق المواطن في ترشيح نفسه لانتخابات رئاسة الجمهورية انعكس ذلك على واقع الحياة السياسية من خلال سن تشريعات جديدة، مؤكداً أن «الكوميديا الذكية، وليس فقط الساخرة، قادرة على تمرير قناعات سياسية يفشل الرقيب في إخضاعها لمقصه، وكثيراً ما تكون أكثر صلابة من هذا الأخير».

 تكريم غائب

لم يخف الفنان أحمد بدير أنه بعد تفويت تكريمه على أدائه في «الزيني بركات» رفض الرغبة في التكريم، مضيفاً «شعرت بأنني تفوقت على ذاتي في هذا الدور تحديداً، وتوقعت للمرة الأولى تكريماً لم يأت، لكنني تمكنت بعد فترة وجيزة من التغلب على إحباط غياب التكريم، حيث يظل الجمهور ورضاه وتقبله لما يقدمه الفنان هو التكريم الحقيقي له»، مضيفاً أن «التكريم عبر الدروع والنياشين أضحى الآن بلا حساب ومن دون ترشيد، وبناء على حسابات خاصة، فافتقد الكثير من قيمته، على عكس التكريم من قبل الجمهور».

وكشف بدير الذي حل ضيفاً أثناء زيارته لدبي على الفقرة الفنية لبرنامج «الحرة اليوم» على قناة الحرة الذي تقدمه الإعلامية فاتن زين الدين، عن انشغاله بأربعة مسلسلات جديدة من المتوقع أن يكون اثنان منها على الأقل جاهزين للعرض في رمضان المقبل، هي «مملكة الجبل» إخراج مجدي أحمد علي، و«اختفاء سعيد مهران» إخراج سعيد حامد، و«احلم ولا يهمك»، فيما أشار أنه لم يبدأ بعد تصوير المسلسل الرابع «نداء العشق».

وفيما اعترف بدير بأن هناك تراجعاً في المسرح الكوميدي في مختلف الدول العربية لأسباب مختلفة، أكد في السياق نفسه رفضه ظاهرة استجداء الضحك من أفواه المشاهدين عبر ما وصفه بـ«السخافات والخروج عن النص أخلاقياً ومهنياً»، مؤكداً «رفضت الاستغلال السيئ لشعبان عبدالرحيم في مسرحية «مرسي عاوز كرسي»، وأصررت أن يكون ظهوره بصفته الحقيقية مطرباً شعبياً يساند الدعاية الانتخابية حسب السياق الدرامي للمسرحية»، رغم أن «السائد على الخشبة الآن هو الاستعانة بالمغنين الشعبيين للبحث عن ضحكات إضافية للعرض المسرحي ليصبح الجمهور ضاحكاً عليهم وليس منهم، رغم ذلك حاول البعض قلب الحقائق وتصوير (شعبولا) على أنه ضحية العمل الذي كان من المفترض حتى وقت قريب أن يتم عرضه في الإمارات».

تراجع المسرح

في حديثه لـ«الإمارات اليوم» أثناء زيارته الأخيرة لدبي، عزا بدير غيابه عن المسرح لخمس سنوات متتالية قبل مسرحية «مرسي» بقوله «لم تعد المعضلة مختزلة في وجود نص كوميدي راق وجيد فقط، بل هناك أمور مرتبطة بأزمة المسارح نفسها ككيان ثقافي، وأخرى متعلقة بأزمات المرور وازدحام الطرق التي تجعل الجمهور يفضل التحكم في (الريموت كونترول) أمام التلفاز على التحكم بمقود سيارة في طريق مزدحم»، مضيفاً أن «المسارح الكوميدية في الوطن العربي ليست في أحسن أحوالها وتعيش رغم اختلاف تفاصيلها أزمات متنوعة ينبغي السعي إلى حلها».

وبرر بدير إصراره على تقديم أعماله المسرحية خارج مصر ومدى قدرة العمل الكوميدي خصوصاً على مفارقة بيئته الثقافية، بقوله «هناك مسرحيات نستطيع وصفها بأنها قافزة على حدود نصها الحكائي، مثل (الصعايدة وصلوا)، والمسرحية الكويتية (عائلة 10 نجوم) التي شاركت في بطولتها مع الراحلة سعاد نصر، وهذا النوع من المسرحيات قادر على العرض خارج حدود تلك البيئة المشار إليها، ويستوعب دائماً تعاوناً عربياً، سواء من جهة الطاقم التمثيلي أو الفني أو جهة الإنتاج ومكان العرض».

وأضاف بدير «مسرحية (داير شنو) هي مسرحية سودانية، ويعني عنوانها الذي جاء باللهجة السودانية «ماذا تريد»، وجاءت مشاركتي فيها بناء على دعوة من فرقة مسرحية سودانية وجدتها مناسبة لتأكيد حقيقة أن هناك الكثير من الأعمال العربية تصلح للعمل المشترك، خصوصاً حينما يدور محتواها الدرامي حول أحد الهموم المشتركة مثل (داير شنو) التي تعالج بقالب كوميدي قضية وحدة أرض وتراب الوطن، بصرف النظر عن هوية الوطن، ليبقى العمل صالحاً للعرض في أي بقعة من المحيط إلى الخليج، لذلك فإن المسرحية حسب إلحاح الجهة المنتجة مطلوبة لـ10 عروض إضافية على الأقل جار الإعداد لها بعد نجاح عروضها الأولى».

وأقر بدير الذي تخطى حاجز النجومية بدور «عبدالعال» في المسرحية الشهيرة «ريا وسكينة» بصعوبة بالغة واجهته بعد انتهاء تلك المسرحية التي شارك فيها البطولة شادية وسهير البابلي والراحل عبدالمنعم مدبولي، مضيفاً «رغم لذة ارتباط أحد أدوارك بك كفنان في مخيلة الجمهور، إلا أن الأمر يتحول إلى درجة عالية من الصعوبة في الأدوار التالية كي تقنع المتلقي ذاته بأنك لست «عبدالعال»، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بلازمة لفظية معينة مثل «هن رحمة لنا» و«هراس جاي»، وغيرهما من العبارات التي يعني ترديدها مؤشراً إلى نجاح العمل، لذلك فإن التحديات التي تعترض الممثل الكوميدي تبدو أكبر بكثير من سواه عندما يفكر في الخروج عن إطار الكوميديا».

ويستطرد بدير «لكل هذه الأسباب شكل نجاح دور (الزيني بركات) في المسلسل الذي حمل الاسم نفسه مفاجأة لكل النقاد والمتخصصين في مجال الدراما، ووجد المشاهد في ملامحي وأدائي سمات الشر مقابل سمات البساطة والسطحية في الأدوار السابقة، إلى الدرجة التي جعلني البعض أقتنع بأن طبيعة أدائي تقترب من هذه النوعية من الأدوار الشريرة وليست الكوميدية».

سيكولوجية الضحك

قال بدير أن «سيكولوجية الضحك في الدراما المسرحية العربية قد تغيرت لتميل بفعل حلول إخراجية فاشلة إلى اللوحات الاستعراضية الراقصة، وموديلات الأزياء العارية»، مضيفاً أنه «في أحسن الأحوال نجد سرداً لنكات جاهزة تبتعد عن كوميديا الموقف، والضحكة التي تخدم السياق الدرامي».

وأضاف بدير «شخصياً أضحك في كل مرة أقـدم فيها موقفاً يستدعي الضحك بالنســـــبة لي، وأحزن كثيراً لو لم يشاركني الضحك جمهور العمل»، مضيفاً أن «الجمهور أصبـح أكثر ذكاء وقدرة على انتقاد العمل، وهو أمر جعل البعض يعترف بهزيمته أمام الجمهور على الخشبة، مستسلمـاً باللجوء إلى أدوات المونولوجســــت والفرق الاستعراضية وليس الفنان الكوميدي والإخراج المسرحي».

وأرجع بدير سيادة الكم على النوع في مجمل الدراما العربية إلى عدم قدرة كتاب الدراما على ملء فراغ كتاب رحل بعضهم، فيما أضحى البعض الآخر مقلاً في أعماله، مضيفاً أن الجمهور أصبح أكثر ذكاء، وبناء عليه يجب أن يتوقع كتاب الدراما والمخرجرن أن الفرصة لقبول أعمال ضعيفة لن تكون ممتدة من دون نهاية».

وطالب بدير رؤساء لجان المهرجانات السينمائية في الوطن العربي بمزيد من التنســـــيق في ما يتعلق بمواقيت انطلاق واختتـــام كل مهرجان، مضيفاً «ليس المطلــوب من التنسيق فقط عدم التداخل في فترات إقامة فعاليات كل مهرجان، بل أيضاً وجود مساحات زمنية كافية بين كل مهرجان، وتاليه تضمن لكل منهما حضوراً جيداً سواء من قبل الجهات الإعلامية أو الفنانين أنفسهم الذين يضطرون في الغالب إلى الاعتذار عن حضور مهرجانين متقاربين».

تويتر