سهيل بدور يرسم «صـدى» المرأة والموسيقى

سهيل بدور: التناغم بين الموسيقى والمرأة قادر على منح كثير من التأويلات.          تصوير: مصطفى قاسمي.

يسعى معرض الفنان سهيل بدور الجديد «صدى»، الذي تستضيفه غاليري «الجدران الأربعة» بمنطقة القوز الصناعية الثانية في دبي، ويستمر 20 يوما، ليكون مفتاحاً لرؤى فلسفية وجمالية وتفسيرات ممكنة للكون والحياة، عبر جسد المرأة تارة، وروحها تارة أخرى.

ليس هنا أغنى من التعددية اللونية التي تجعل مكنونات اللوحات تفيض خارج حدود العمل الفني، أما المضمون فهو صدى لامرأة متعددة الملامح عبر33 لوحة وتسعة أعمال نحتية، لكن الموسيقى والنغم يبقيان حاضرين دائماً في مجملها كأنها جدلية الأصابع الأنثوية والأوتار الموسيقية، أو بصيغة أعم المرأة والنغم اللذان يلتقيان في مستوى آخر من التناغم اللوني الذي يحفل صاحبه بالحياة.

 نهضة فنية 

وصف الفنان سهيل بدور الواقع التشكيلي العربي حالياً بـ«الزاهي»، معتبراً أن الفنان العربي يعيش حالياً واحداً من أزهى عصوره الفنية في ما يتعلق بشكل خاص بموقعه في الثقافات الأخرى، مضيفاً «معظم المعارض الفنية العالمية حالياً تهتم بدعوة عدد من التشكيليين العرب أصحاب التجارب الفنية المميزة، وهو أمر لم يكن موجوداً في السابق، ويدل على أن ثمة تحولاً في المشهد التشكيلي العالمي لمصلحة الالتفات للفنان العربي».

لكن بدور لم يخف في الوقت ذاته حقيقة أن «الفن التشكيلي هو أكثر الفنون تأثراً بالأزمة المالية العالمية»، مضيفاً «بعد أن أصبح التشكيل صناعة عربية مرموقة تدفعها شركات متخصصة وإدارات محترفة تتولى تنظيم المعارض على نحو عالي المهنية، جاءت الأزمة الاقتصادية لتذكر الجميع ببدايات المربع الأول من خلال الركود الرهيب في سوق اللوحات التشكيلية»، مضيفاً «ليس كل إنسان حسب القناعات السائدة يحتاج إلى اللوحة، التي تأتي ربما في أواخر سلم الحاجات الحياتية عندما يتعلق الأمر بأزمة اقتصادية».

امرأة شرقية

بعض اللوحات تحيلنا بشكل مباشر إلى المرأة الشرقية سواء من خلال الملامح المميزة لها، أو احتضانها للعود الشرقي، فإن الرهان على أن السياق اللوني يختزل فقط الآخر الأنثوي عند بدور في المرأة الشرقية لن يكون صائباً بمجرد التمعن في فحوى الأعمال الأخرى، التي يحضر فيها أيضاً الكمان وغيره من الأدوات الموسيقية المرتبطة بشكل أكبر بالآخر الغربي هذه المرة، وهو مشهد تتبدل فيه ملامح ذات المرأة.

ويرى بدور المرأة مفتاحاً وشيفرة إنسانية قادرة على منح البشرية الكثير من التأويلات الفلسفية المهمة. ليس مصادفة إذن أن يحمل المعرض اسم «صدى» عندما تكون مادته المرأة وعلاقتها بالأدوات الموسيقية في مخيلة بدور، الذي أقام منذ نحو شهرين معرضاً آخر استضافته العاصمة أبوظبي، في حين يستعد لمعرض آخر بعد أيام قليلة في العاصمة الأردنية عمان تحمل ذات المسمى، وهو ما يؤشر إلى أنه يُلح على التأسيس لتجربة جديدة ترى المرأة مدخلاً للبوح والتأويل، وهو ما كشف عنه في حديثه لـ«الإمارات اليوم» قائلاً إن هذه التجربة «باكورة لبحث قادم يسعى إلى سبر أغوار العلاقة بين المرأة والموسيقى، من خلال حلول تشكيلية، يمكن أن تنير لنا رؤى جمالية وفلسفية ليست ذاتية فقط، وإنما كونية وكشفية أيضاً، لكن الأمر يلزمه المزيد من البحث والتجريب». غير أن الفعل الموسيقي الذي يتتبعه بدور من خلال الجسد الأنثوي عبر فرشاته وألوانه، لا يتكشف فقط من خلال الأداة الموسيقية التي تحتضنها نساء اللوحات والمنحوتات في مساحات شديدة التبدل حسب حالة الفرح والنشوة والتأمل. فالمرأة حسب تعبير بدور «هي الأجدر باستضافة صدى الموسيقى في جسدها أكثر من أي شيء آخر، بسبب تلك الألفة السحرية التي تُنسج بين الجسد والنغم، بدليل تلك الحالة من الخلاص الأثير الذي يخلفه هذا الجسد وتلك الروح في حالة سمو».

فن التعب

تجاور النحت عبر تسعة أعمال مختلفة مع اللوحات التي بلغ عددها 33 عملاً في «صدى» سهيل بدور الذي قال «أنا اختصاصي نحت فني وهذه علاقتي الأولى بالفن، لكني لجأت بعد ذلك إلى اللوحة بصيغة المرغم التي لم تحرمني من تقديم نتائج مرضية وفق قراءات النقاد والجمهور، لكنني أجد ذاتي مشدوداً دائماً باتجاه «فن التعب».

وتابع بدور تبرير مجاورة النحت للتشكيل «الروح الفنية ورسالة البوح في كليهما تبدو متطابقة، لكن مجاورتهما تمنح مزيداً من الشمولية، لاسيما وأن النحت يمنح مشاعر مكملة لما تخلفه رهافة التشكيل في اللوحات، بسبب ما تمنحه كتلة النحت من مؤشرات مهابة واحترام».
تويتر