باحثة إماراتية تقود مشروعاً لتوثيق وإحياء اللهجة المحلية الأصيلة

«محلاها رمستنا».. لمياء الشامسي تستعيد 2000 مفردة إماراتية قديمة

أكثر من 9 أعوام أمضتها لمياء الشامسي في توثيق المفردات المحلية. تصوير: يوسف الهرمودي

أكثر من تسعة أعوام أمضتها الباحثة اللغوية الإماراتية، لمياء الشامسي، في السعي لتوثيق بعض أوجه الموروث المحلي لبلدها وإحياء كنوزه اللغوية النفيسة، منقادة في مسارها البحثي الشائك الممتد لسنوات، بشغفها بالتاريخ الإماراتي الذي تخصصت فيه ودرّسته للأجيال، وبرغبتها في إيصال مفردات اللهجة المحلية الأصيلة إلى جيل الشباب، مراهنة على معارفها ونشاطها الملحوظ على منصّات «الرقمي»، وعلى طرق طرحها «الفريدة» المغايرة للمحتويات اللغوية التي تتناولها، والتي أسهمت بشكل كبير في جذب الاهتمام بتجربتها، ودفعها إلى إصدار كتاب جامع يتناول المفردات الإماراتية ودلالاتها الاجتماعية والحضارية الفريدة.

شغف التاريخ

وكشفت لمياء الشامسي، لـ«الإمارات اليوم»، عن ظروف انطلاقة مشروعها الذي بدأت فكرته بالنضوج، بعد انصهارها في تخصص التاريخ ونيلها درجة البكالوريوس من جامعة العين، مروراً بتجربة التدريس وقرار التفرغ، واصفة هذه المرحلة بالقول: «كنا مجموعة من الأقارب الذين اجتمعوا على حب المفردة الإماراتية، لكن بعض الظروف الخاصة حالت دون استمرارنا في التجربة نفسها، فقررت شق الطريق لوحدي وبدأت الفكرة عبر إنشاء مجموعة (واتس أب) للتشاور مع الأهل والمساعدة وتبادل الرأي، وصولاً إلى إنشاء حساب خاص حمل اسم (محلاها رمستنا)».

أول كلمة

وقالت الشامسي: «كانت أول كلمة إماراتية عمدت إلى نشرها عبر منصّة (إنستغرام) كلمة (قشارة)، وتعني باللهجة المحلية (الأغراض)، لتتوالى من ثم تجارب المفردات المحلية المتنوّعة التي بدأت بطرحها كل مرة مع صور تجسيدية تسهل استيعابها، وصولاً إلى إدماج تجربة الرسوم المتحركة والحوارات الصوتية، التي حظيت فيها بالمساعدة التقنية للدكتور أبوبكر التوم، الباحث في قضايا الاستدامة».

إحياء المفردة الإماراتية

وحول العلاقة بين تخصصها في تاريخ دولة الإمارات وشغفها بإعادة إحياء المفردة الإماراتية، أكدت الشامسي، أن ملاحظتها لعلاقة أطفالها «المحدودة» بالمفردة المحلية الأصيلة المتأثرة بتداعيات دراستهم للغة الأجنبية في المدارس الخاصة، ما دفعها نحو هذا الاتجاه، مشددة على ضرورة إدراك الأهل لمخاطر التواصل بلغات أجنبية داخل البيوت، وبمخاطر التخلي عن اللغة الأم أثناء التواصل اليومي: «أعتبر نفسي محظوظة بالنشأة والعيش في منزل إماراتي كبير يضم جميع أعضاء الأسرة، مثل الجد والجدة وبقية أفراد العائلة، الأمر الذي حتم على الأبناء الصغار التعرف إلى اللهجة الإماراتية الأصيلة، التي مازال جيل (الشواب) محافظاً عليها والغوص في تفاصيلها من خلال السؤال عن معاني الكثير من المفردات، التي كانت غير مألوفة في بداية الأمر».

خصوصية

وحول خصوصية طرحها لمحتوياتها على الفضاء الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، أشارت (ام عبيد) إلى حرصها على تقديم المفردة الإماراتية في سياق حوار يومي يسلط الضوء على معانيها وما يقابلها من المفردات العربية الأخرى، قائلة: «من خلال حساباتي على مختلف منصّات التواصل الاجتماعي، استطعت توسيع آفاق تجربتي من خلال التواصل المباشر مع شرائح الجمهور، الذي لم يتردد في السؤال عن كثير من معاني المفردات المطروحة، التي وصلت اليوم إلى أكثر من 2000 مفردة إماراتية أصيلة»، مشيرة إلى سعيها لتوسيع أفق بحثها وتنويع مصادر معلوماتها عبر التواصل مع مجموعة من المعارف والأصدقاء، لتزويدها بمزيد من المفردات القديمة التي تخشى عليها من الاندثار، في الوقت الذي لاتزال مجموعة من الشباب المحبين للهجة الإماراتية يدعمون جهودها، إما عبر تسجيل الأصوات والحوارات، أوالبحث عن الصور والرسوم التي تناسب محتويات «محلاها رمستنا».

روح المكان

وأكدت الباحثة لمياء الشامسي، حرصها الكبير على الصدقية والأمانة العلمية في طرح مختلف محتوياتها، واهتمامها بمراجعة مختلف المفردات التي تقدمها بالاعتماد على مراجع تاريخية وتراثية مختصّة، وذلك بهدف التمييز بين المفردة الإماراتية والخليجية، وبقية المفردات الدخيلة عليها، مضيفة: «أقدر تماماً المسؤولية التي أحملها تجاه الجمهور، خصوصاً أن لدي شريحة واسعة من الشباب المهتم ليس فقط بالتعرف إلى المفردات القديمة فحسب، وإنما بحمايتها وصونها من الاندثار».

• «أول كلمة إماراتية عمدت إلى نشرها عبر منصّة (إنستغرام) كلمة (قشارة)، وتعني باللهجة المحلية (الأغراض)».

• «أقدر تماماً المسؤولية التي أحملها تجاه الجمهور، خصوصاً أن لدي شريحة واسعة من الشباب».


إصدار مرجعي

كشفت لمياء الشامسي، عن مشروعها الإبداعي الجديد، المتمثل في انشغالها بوضع اللمسات الأخيرة على إصدارها المرجعي الجديد بأجزائه المتعددة، الذي ستتناول فيها تجربة المفردات الإماراتية القديمة، مؤكدة انكبابها على هذا المشروع منذ ما يزيد على خمسة أعوام، أمضتها (أم عبيد) في النبش في تفاصيل المجتمع المحلي القديمة ومظاهره الحضارية، وصولاً إلى تفاصيل ومسميات المجوهرات النسائية وأدوات المطبخ وأنواع السمك المختلفة، وغيرها من تفاصيل الحياة اليومية للناس، في الوقت الذي تنشغل باستكمال الصور والرسوم التوضيحية الخاصة بكتابها المقرر طرحه ضمن فعاليات معارض الكتب في الدولة العام المقبل.

مشاركات متعددة

بنبرة فخر واعتزاز تحدثت لمياء الشامسي، عن قائمة الفعاليات والأنشطة التراثية التي شاركت فيها بالدولة، لافتة إلى المقابلات الإعلامية العديدة التي أطلت من خلالها على جمهور التلفزيون، بداية من الموسم الرمضاني من برنامج «محلاها رمستنا» على قناة الشارقة، الذي استوحى فكرته الأساسية من مشروعها البحثي في اللهجة المحلية، وصولاً إلى مشاركتها الناجحة على مدار خمسة أشهر في الدورة الخاصة بالمهن والفنون التراثية، التي أقيمت في منطقة «الشندغة» بدبي العام الماضي.

تويتر