مبدعون يؤكّدون أن الميدان يتسع للريشة واللوحة وأفكار من خارج الصندوق

الفن التقليدي في مواجهة «الديجيتال آرت».. إثراء للساحة أم استسهال

صورة

هل بات الانتشار الكبير في السنوات الأخيرة للفن الرقمي «ديجيتال آرت»، ثم ظهور الرموز غير القابلة للاستبدال «NFT»، يشكلان تهديداً على استمرارية الفنون التشكيلية التقليدية؟ وهل أسهم هذا النوع من الفنون في ازدحام الساحة بأشخاص لا يمتلكون الموهبة بقدر ما يتقنون استخدام البرامج الحديثة في مجال الرسم؟ وما مستقبل الريشة واللوحة والألوان والتشكيل عموماً في ظل ثورة التطبيقات الحديثة المتخصصة في الإبداع؟ تلك الأسئلة وسواها حملتها «الإمارات اليوم» إلى مبدعين إماراتيين أكّدوا في إجاباتهم أن الساحة الفنية يمكنها أن تستوعب مختلف الأشكال وأساليب التعبير الفني، مشيرين إلى أن الفن التقليدي سيظل له مكانته ومحبوه حتى مع انتشار الفن الرقمي.

قال الفنان جلال لقمان، وهو صاحب أول معرض للفن الرقمي نظم في المجمّع الثقافي عام 1996، وكان الأول من نوعه في الشرق الأوسط، إن «الفن الرقمي هو مكمل لكل الفنون التشكيلية الأخرى ولا يتضارب معها، فالساحة تحتمل العديد من الأساليب الفنية، وهو ما يمنح الفنان فرصة للتعبير عن أفكاره بأكثر من طريقة».

وأوضح أن «الفن الرقمي استطاع أن يثبت حضوره في جميع المجالات، ومن المتوقع أن يشهد خلال السنوات المقبلة مزيداً من الانتشار»، لافتاً إلى أنه انتقل إلى تقديم عمل فني «آنيمشن» يجمع بين الصورة والصوت والحركة، وهو ما يمثل خطوة جديدة خارج إطار الفن الرقمي التقليدي، وأكثر حداثة من الفن الرقمي المعروف.

تشجيع

من جانبها، أوضحت الفنانة والقيّمة الفنية، سمية السويدي، التي أشرفت على أول معرض ينظم في أبوظبي لعرض رموز «NFT» (الرموز غير القابلة للاستبدال)، وهو معرض «الحياة سيرك» المقام في المجمّع الثقافي وتستمر فعالياته حتى الثاني من فبراير 2023، أن «المعرض يتيح للزوّار شراء الأعمال عبر الإنترنت، بهدف تشجيع الفنانين الرقميين المقيمين في دولة الإمارات على استكشاف تقنية (البلوك تشين)، وهو ما يؤكد دور المجمع في تبني الأساليب الفنية المختلفة، إذ يطلق الآن أول معرض للرموز غير القابلة للاستبدال، كما كان سبّاقاً لتنظيم أول معرض فني رقمي أقيم في دولة الإمارات عام 1996، من خلال أعمال جلال لقمان».

وأضافت: «تأتي خطوة تنظيم معرض (الحياة سيرك) لشعورنا بأن هذا النوع من الأعمال يكمل جزءاً ناقصاً في الحراك الفني على الساحة، فكان من الطبيعي أن يواصل المجمّع الثقافي دوره، باعتباره من المؤسسات الرائدة في تبني مختلف أشكال الفنون».

إيقاع الحياة السريع

بينما اعتبرت الفنانة الشابة أميرة العفيفي، أن «الفن الرقمي يتناسب مع إيقاع الحياة السريع في الوقت الحالي، إضافة إلى سهولته، إذ يتيح للفنان مساحة واسعة للتعبير وتناول أفكار مختلفة، خصوصاً التي يمكن وصفها بأنها خارج الصندوق، ولذلك شهد السنوات الماضية انتشاراً ملحوظاً له»، مشيرة إلى أنها تجمع بين الرسم التقليدي بألوان «الأكريليك» وكذلك بالرصاص، وبين الفن الرقمي، كما تهوى الرسم على الجلود، دون أن تشعر بأن هناك تعارضاً بين هذه الأساليب الفنية المختلفة، فطبيعة الفكرة التي تتناولها هي التي تحدد أسلوب تنفيذ العمل.

زيادة تقدير

من ناحيتها، توقعت الفنانة رفيعة الخييلي، أن «يشهد الفن الرقمي مزيداً من الانتشار لفترة، ولكن سيظل الفن التقليدي موجوداً، بل بالعكس سيزيد تقدير المهتمين بالفنون للأعمال التقليدية وأصحابها لأن هؤلاء الفنانين سيكون أقلية مقارنة بممارسي الفن الرقمي».

وأضافت الفنانة رفيعة، وهي خريجة هندسة ميكانيكية وتمارس الرسم منذ طفولتها وتجمع بين الفن التقليدي والرقمي: «يتميز الفن الرقمي بأنه يتيح للفنان طرح أفكار مختلفة بأسلوب جديد، كما يسهل تنفيذ العمل الفني عبر تقنيات وتطبيقات تتطور بشكل سريع، وهو ما يشجع عدد كبير على ممارسة هذا النوع من الفن دون الحاجة إلى التعمق في الفنون أو العمل على صقل موهبتهم الشخصية كما في أساليب الرسم التقليدية، التي تتطلب مجهوداً كبيراً لتنفيذ عمل فني، ولذلك مع انتشار هذا النوع من الفن سيكون عدد الفنانين القادرين على ممارسة الفن التشكيلي التقليدي قليلاً، ما يزيد من قيمتهم وتقديرهم».

ووصفت إقامة معارض فنية للرموز غير القابلة للاستبدال، بأنه أمر إيجابي لتعريف الجمهور بهذه التقنية، بم يساهم في الإقبال على هذه الأعمال في ما بعد.

واتفقت الفنانة زينب الهاشمي، التي تدرس فنوناً بصرية في جامعة زايد بأبوظبي، مع الآراء التي لا ترى تعارضاً بين الفنين التقليدي والرقمي، مشيرة إلى أنها تركز على الفن التقليدي، خصوصاً الزيتي وفن البورتريه، الذي يمثل شغفاً كبيراً لها، وفي الوقت نفسه تنفذ بعض أعمالها باستخدام الفن الرقمي، لأنه يتسم بطابع شبابي يصل بسهولة إلى جمهور الشباب.

عودة بالزمن

قالت الفنانة سمية السويدي: «إن معرض (الحياة سيرك) في المجمّع الثقافي يفتح المجال لعرض رموز (NFT)، وفي الوقت نفسه يمنح الزائر فرصة العودة بالزمن للاطلاع على معلومات حول أول معرض للفن الرقمي في الإمارات، من خلال مجموعة من الأخبار والموضوعات التي نشرتها الصحف المحلية باللغتين العربية والإنجليزية عن المعرض، وتعكس عناوينها كيف تعامل المجتمع مع تقنية الفن الرقمي وتوظيف الكمبيوتر في الرسم، باعتباره حدثاً غريباً يثير الدهشة، وهو ما يشير إلى أن الاتجاهات الجديدة دائماً ما تثير الجدل، ولكن مع الوقت يظهر أنها لا تتعارض مع القديم ولا تسعى لإقصائه».

سمية السويدي:

«خطوة تنظيم معرض (الحياة سيرك)، تأتي لشعورنا بأن هذا النوع من الأعمال يكمل جزءاً ناقصاً في الحراك الفني على الساحة».

أميرة العفيفي:

«الفن الرقمي يتيح للفنان طرح أفكار مختلفة بأسلوب جديد، كما يسهل تنفيذ العمل الفني عبر تقنيات وتطبيقات تتطوّر سريعاً».

رفيعة الخييلي:

«تنظيم معارض فنية للرموز غير القابلة للاستبدال، أمر إيجابي لتعريف الجمهور بهذه التقنية، بما يسهم في الإقبال عليها».

زينب الهاشمي:

«أركز على الفن التقليدي، لاسيما البورتريه الذي يمثل شغفاً كبيراً لي، وفي الوقت نفسه أنفذ أعمالاً باستخدام الفن الرقمي».

تويتر