أكثر من 20 عملاً تبرز الترابط بين أشكال الفن والتصميم وواقع الحياة

«دبي للتصميم».. مجسمات وتراكيب تروي حكايا من الإرث الثقافي

صورة

في الممرات والشوارع التي تفصل بين مباني حي دبي للتصميم، تتوزع الأعمال التركيبية التي تعرض ضمن «أسبوع دبي للتصميم»، والتي تتطرق عبر لغة الإبداع للقضايا التي ترتبط بالبيئة والحياة والهواجس الإنسانية، إلى جانب الأعمال المستمدة من الإرث الثقافي للخليج العربي والطبيعة الصحراوية.

من المواد المتنوعة بين الخشب والأقمشة والحديد والإضاءة، بنيت الأعمال التي يزيد عددها على 20 عملاً، بطريقة تفاعلية جذبت اهتمام زوار المعرض، ليتفاعلوا معها وتتركهم أمام العديد من التساؤلات من جهة، وتبرز الترابط بين أشكال الفن والتصميم وواقع الحياة.

«القرقور»

تحت عنوان «القرقور»، قدمت المصممة سارة الريس، تصميماً شكّلته من أقفاص الصيد التقليدية بعد أن أضافت إليها بعض اللمسات المعاصرة. عمدت الريس إلى تقديم التصميم ضمن مساحة تبرز نجاح الفن في إعادة صياغة المواد المهملة، حيث تحولت شباك الصيد إلى كراسي وطاولات، ومساحة للجلوس والعمل. عمدت الريس إلى تسليط الضوء على التراث المرتبط بالصيد وأهميته في حياة الأسلاف، وإعادة الوصل بين الجمهور وبين هذه الأدوات التقليدية، في ظل التطور الذي تشهده الحياة المعاصرة، وقد ساندها في تقديم الرسالة أنها شغلت المساحات الداخلية للتصميم بمجموعة من الأشغال المحاكة من سعف النخيل والنسيج. وفي السياق المرتبط بالحياة التقليدية قدم عمل «ذات غابة» والمصمم على شكل شجر الغاف الذي ينبت في الصحراء، إذ من الأخشاب والحبال صمم العمل الذي جمع في شكله ولونه بين الشجر والكثبان الرملية، ويبرز مفهوم الحماية تحت المظلات، ويركز على النظام البيئي الطبيعي في الغابات.

همّ البيئة

هذا الهمّ المرتبط بالبيئة والحفاظ عليها، تبرزه العديد من الأعمال، ومن بينها العمل المصمم على شكل مظلة مستطيلة محملة بما يتجاوز 2.5 طن من مخلفات البناء، والذي يطرح التساؤلات حول مصير المواد وفرص إعادة تدويرها.

وتحدثت الشريك المؤسس في «كوارتز معماريون» الذين صمموا العمل، المهندسة السعودية شهد السديس، لـ«الإمارات اليوم»، قائلة: «أردنا تسليط الضوء على حجم مخلفات البناء والهدم سواء في الخليج أو عالمياً، مع التركيز أكثر على الخليج لأن عملية البناء فيه مستمرة، ففي السعودية تحديداً تم تجديد 32 حياً في مدينة جدة أخيراً، وحجم مخلفات هذا المشروع ضخمة دون وجود خطة لإعادة استخدامها».

مخلفات البناء

ولفتت إلى أن العمل الذي يحمل عنوان «كم يزن حطام مخلفات البناء؟»، صمم من مخلفات البناء التي لم يكن من السهل الحصول عليها، واعتمد شكل التصميم البسيط من أجل التركيز على المظلة ووضع الزوار في تجربة حسية، كي يشعر من يمر تحت الممر بثقل وزن المخلفات. وشددت السديس على أن الفن لا يمكن أن ينفصل عن العمارة، ومن الضروري رفع الوعي حول القضايا البيئية من خلال الفن والتصميم، مشيدة باختيار أسبوع دبي للتصميم لثيمة الأثر والبيئة في العام الجاري.

«سهيل»

أما المصممة الإماراتية ريم البستاني، فعملت على تقديم تصميم من الإضاءة، تحت مسمى «سهيل»، وأوضحت فكرة عملها، بالقول: «بدأت أتوجه لتصميم الإضاءات في الفترة الأخيرة، ولهذا تعمدت من خلال مشاركتي الثالثة في أسبوع دبي للتصميم تقديم تصميم للإضاءة الخارجية المستوحاة من نجم سهيل، ولهذا استخدمت ارتفاع مترين و20 سنتمتراً في ارتفاع التصميم مع قطر ثلاثة أمتار». ولفتت إلى أن التصميم مستوحى من الترددات الصوتية لموج البحر، فمع ظهور نجم سهيل يبدأ موسم الصيد والزراعة، وكذلك يبدأ موسم صيد الصقور، فظهوره في الثقافة الإماراتية مرتبط بالخير، معبرة عن أنها غالباً ما تأتي تصاميمها من البيئة البحرية التي أثرت فيها كثيراً. وشددت على أنها وضعت في التصميم 14 رأساً وزعت فيها الإضاءة بين «ليد لايت»، وبين الإضاءة الزرقاء لمنح العمل لون البحر ولون النجوم. ورأت أن أسبوع التصميم فرصة مميزة للتعرف إلى أعمال مصممين من مختلف دول العالم وتبادل الخبرات.

قضايا حياتية

ولم تغب القضايا الحياتية عن الأعمال التركيبية، إذ عمدت المصممتان هدى بارود وماريا هبري، مؤسستا استوديو «بقجة»، إلى تقديم رسالة إنسانية هدفها التعبير عن الغضب، من خلال «حلبة الحياة» المصممة من منسوجات مطرزة بأسلوب شاعري.

وعمدت المصممتان إلى تصميم الحلبة المأخوذة من شكل حلبة الملاكمة، ومنح الزوار الفرصة لكتابة كلمة تغضبهم وتركها على حقيبة الملاكمة. وقالت هدى: «في الواقع عملنا من خلال «بقجة» على تقديم الأعمال الفنية والتصاميم من المنسوجات المطرزة، ومن خلال هذه الحلبة أردنا أن يعبر الناس عن الغضب، وهناك العديد من الرسائل المؤثرة التي تركت، وكان معظمها رسائل شخصية». بينما أكدت ماريا بأن التصميم نفذ من خلال الأدوات القديمة التي تم أخذها من محل للأشياء المستعملة حيث تم الاعتماد على حقيبة ملاكمة قديمة، وعملوا على إضافة المنسوجات وتطريزها لمنحها الشكل الجديد لها وترسيخ مفهوم إعادة التدوير.

نقوش إسلامية

من عالم التصاميم التي تعنى بالبيئة والحياة يأخذنا جوزيف ماكيفر الى عالم النقوش الإسلامية من خلال العمل المصمم على شكل أبواب وقناطر، تأخذ شكلها الأساسي من الأنماط الهندسية المستمدة من الحقبة الاموية في القرن السابع. ويحمل التصميم عنوان«أمية»، ويجسد رحلته التي دامت أربع سنوات بين دبي والقاهرة والمغرب وقرطبة في إسبانيا، حيث جمع خبرته وثقافته حول النقوش الإسلامية. ونفذ ماكيفر التصاميم من الصلصال، مستخدما الألوان التي تأخذنا في رحلة الى مجموعة من البلدان، كالأزرق السماوي الموجود في أصفهان، والبرتقالي الحاضر في مراكش.

تويتر