أكد أن المعرض نجح لأنه ليس «مجرد استكمال للصورة»

أحمد العامري: «الشارقة للكتاب» قلب الموازين.. ووضعنا بمقدمة المساهمين في المنجزات العالمية

صورة

قال رئيس هيئة الشارقة للكتاب أحمد بن ركاض العامري، إن معرض الشارقة الدولي للكتاب ما كان له أن ينجح على امتداد مسيرة 40 عاماً «لو كان مجرد استكمال للصورة، أو لو كان رسالة مجردة للعالم تقول بأننا نهتم بالكتب وبالثقافة بشكل عام»، مضيفاً أن «النجاح كان ثمرة الإخلاص للرؤية الثقافية والإيمان بأنها شرط أساسي للتطور، والالتزام بفعل كل ما يلزم ليؤدي المعرض وظيفته النهضوية الشاملة».

وأضاف في حوار لـ«الإمارات اليوم» أن المعرض الذي تنطلق دورته الـ40 بعد غدٍ الأربعاء أصبح مصدر فخر للأمة، لأنه غير وقلب الكثير من الموازين، واستعاد الكثير من الاعتبارات.

ومع تأكيد العامري أن الأمة العربية تمتلك القيم والأخلاق والمواقف الإنسانية التي تباهي بها الأمم، لكنه يعتبر أن المعرض «وضعنا في مقدمة المساهمين في المنجزات العالمية الكبرى، وأصبح مصدر فخر لكل عربي ووصل أعلى مراتب معارض الكتب في العالم».

وشدّد رئيس هيئة الشارقة للكتاب على أن المعرض مستمر في ترسيخ هذه المكانة والبرهنة عليها بما يقدمه لصناع الكتاب من منصة عالمية موثوقة يلتقون فيها ويبحثون شؤونهم ويتوافقون على مساراتهم المستقبلية.

وتابع: «نسعى لأن يصبح المعرض مظلة لمجتمع ثقافي متكامل يحتضن جميع أنواع الفعاليات المحلية والإقليمية والعالمية التي تشمل كل أنواع الإنتاج الفكري والفني، وما يتصل بها من صناعات ومهارات».

وذكر أن الدورة الأولى من المعرض عام 1982 سجلت مشاركة ست دور نشر فقط، بينما سيشارك في الدورة الجديدة 1632 ناشراً يمثلون 83 دولة، ويقدمون أكثر من 15 مليون كتاب، ويصاحبهم أكثر من 1000 فعالية.

رفعة البشر تبدأ بثقافتهم

وبدأ العامري اللقاء بالقول: «تبني الأمم مجتمعاتها على أسس مختارة، تعكس رؤية قادتها وطموح أبنائها وتجسد قيمها وثقافتها ومبادئها، ومنذ 40 عاماً وضع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أول هذه الأسس، واختار سموه أن تكون أسساً ثقافية تنموية ومستدامة، وفي هذا الاختيار تأكيد على أن رفعة وسمو البشر تبدأ بثقافتهم ونتاجهم الفكري أولاً، لأن هذا النتاج هو أصل كل نتاج مادي».

واعتبر أن دلالات دخول المعرض عامه الـ40 كثيرة ومتشعبة، لأن مسيرة المعرض تتداخل مع مسيرة مجتمع الشارقة ودولة الإمارات ومجتمعات المنطقة، بل يمكن القول إنها تركت آثاراً في كل شعب ومجتمع في هذا العالم. الدلالة الأولى تنطلق من الجهود الكبيرة خلف المعرض، وأولها دعم وتوجيه صاحب السمو حاكم الشارقة، ثم التعاون المتواصل من مؤسسات الإمارة، هذا التعاون نابع من التوافق على أهمية الكتاب والمعرفة ومكانتهما الجوهرية في مسيرة التنمية والمشهد الحضاري للإمارة ودولة الإمارات والثقافة العربية بشكل عام، وما كان للمعرض أن ينجح على امتداد هذه المسيرة لو كان مجرد استكمال للصورة، أو لو كان رسالة مجردة للعالم تقول بأننا نهتم بالكتب وبالثقافة بشكل عام، النجاح كان ثمرة الإخلاص للرؤية الثقافية والإيمان بأنها شرط أساسي للتطور، والالتزام بفعل كل ما يلزم ليؤدي المعرض وظيفته النهضوية الشاملة. والدلالة الثانية فتتجسد في استجابة المعرض لمساعي وتحديات التنمية محلياً وعالمياً، فهو بذلك يلامس حاجة كل فرد ومؤسسة محلياً، وحاجة كل عربي في المنطقة والعالم، والفعاليات والأحداث تنجح إذا كانت استجابة لحاجة أصيلة، وإذا جاءت استكمالاً طبيعياً لمسار التاريخ، فللمعرض جذور تعود إلى مئات وآلاف السنين، ويستند إلى إرثنا المعرفي الكبير، ويحمل وصايا وبصمات أدبائنا ومفكرينا وعلمائنا ممن صنعوا تاريخ ثقافة المنطقة وشعوبها وأثروا في ثقافات العالم أجمع.

وتتجسد الدلالة الثالثة في البُعد الاجتماعي للمعرض الذي أصبح جزءاً من ذاكرة الأفراد والأسر وعشاق القراءة بأنواعها كافة، وأصبح جزءاً من الذاكرة العربية والإنسانية المشتركة، حتى بات يمثل مطلباً اجتماعياً وليس نخبوياً، ينتظره جمهوره كل عام، وعلى امتداد 40 عاماً بنى الجمهور ذكرياته في أروقة المعرض حتى أصبح علامة بارزة من الدائرة السنوية لأحداث المنطقة.

مصدر فخر للأمة

وينتقل العامري إلى منجزات المعرض، موضحاً في جملة واحدة: «إنه مصدر فخر للأمة»، ويكمل: «أقول ذلك لأنه غيّر وقلب الكثير من الموازين، واستعاد الكثير من الاعتبارات، صحيح أننا نمتلك من القيم والأخلاق والمواقف الإنسانية ما نباهي به الأمم، لكن اليوم (الشارقة الدولي للكتاب) وضعنا في مقدمة المساهمين في المنجزات العالمية الكبرى، وأصبح مصدر فخر لكل عربي ووصل أعلى مراتب معارض الكتب في العالم، ويستمر في ترسيخ هذه المكانة والبرهنة عليها بما يقدمه لصناع الكتاب من منصة عالمية موثوقة يلتقون عليها ويبحثون شؤونهم ويتوافقون على مساراتهم المستقبلية».

وتطرق رئيس الهيئة إلى «الثقة العالية بمعرض الشارقة للكتاب»، بالقول: «الثقة بالمشاريع الثقافية لا تتحقق بسهولة، بل تأتي استحقاقاً للعمل والجهد الكبير والمتكامل، تتداخل فيه الرؤية مع التخطيط مع جهود المؤسسات والحاضنة الاجتماعية والإقبال الكبير من الكتاب والناشرين في العالم، وهنا يمكنني القول إن من أهدافنا الرئيسة، بناء مجتمع المعرفة الإنساني الذي يشكل ملاذاً وحصناً من ترهل الفكر وتطرفه عن وجهاته التي تخدم وتحقق المصالح العامة المشتركة».

وأكمل: «ما يؤكد الثقة الاجتماعية، أن (الشارقة الدولي للكتاب) كان أول معرض ينظم على أرض الواقع بعد جائحة (كوفيد-19)، ومع ذلك شهدنا إقبالاً كبيراً من الناشرين والجمهور، وحققت دورة العام الماضي مجمل أهدافها، وكان في مقدمتها استعادة نشاط حركة النشر وتوزيع وبيع الكتاب، واستعادة الأمل بالتعافي السريع لصناعة الكتب، لذا أستطيع القول إن الدورة الماضية كانت طوق نجاة للكثير من دور النشر التي عانت نفاد الخيارات بسبب الإجراءات الاحترازية التي سادت بلدان العالم».

وحول طموحات الشارقة للارتقاء بمعرضها للكتاب، يجيب رئيس الهيئة: «ما يحدد آفاق المشاريع الثقافية هو الفهم الدقيق للثقافة من حيث المنشأ والغاية، والإرادة والعزيمة التي تقف خلف المشروع، ومن يقود طموحات مشروع الشارقة الحضاري ومعرض الشارقة الدولي للكتاب صاحب السمو حاكم الشارقة، وهو أفضل من يقدم للعالم الفهم الدقيق للثقافة، وإرادته وعزيمته في هذا المجال يشهد لها القاصي قبل الداني».

ومن حيث النشأة، فالثقافة بشكلها العام هي نتاج لحركة الحياة، وتفاعل الناس مع محيطهم، ونتاج للتأمل في الكون وظواهره المادية والاجتماعية، ومواصلة البحث عن الأسئلة الجوهرية للمفكرين. وهذا يعني أن إنتاج الثقافة والتعبير عنها في الكتب وأشكال التعبير الفني الأخرى لن يتوقف، وبالتالي سيظل المعرض مواكباً لعملية النتاج المستمر هذه.

أمّا من حيث الغاية، الثقافة هي الداعم الرئيس لمسار الحياة، وتتجلى هنا على شكل تجارب الشعوب ومنتجهم الفكري والمادي، التي تحتضنها الكتب بدورها وتقدم للأمم والشعوب الأخرى، وهنا لابد من تأكيد أهمية الكتاب أيضاً في تخليص المجتمعات من التبعية الفكرية والاقتصادية ومن الفقر والبطالة وتراجع المداخيل الوطنية.

وعلى المستوى المحلي تسعى دولة الإمارات إلى ترسيخ أسس مجتمع واقتصاد المعرفة، المجتمعات القارئة تدرك جيداً معنى الانتماء والمواطنة الإيجابية والعلاقات الاجتماعية المتينة، وتدرك جيداً دورها في مسيرة البناء والتطوير. أما على صعيد الاقتصاد، فنحن ذاهبون إلى مرحلة تعتمد على الأفكار والمواهب والمخيلة البشرية، أكثر من اعتمادها على الموارد المادية، وهنا أيضاً تبرز أهمية الكتاب، بل أهمية المجتمع القارئ الذي يسهم في تشكيله معرض الشارقة للكتاب.

ويضيف: «هذه القراءة تؤكد أن الكتاب حاجة ملحة للارتقاء بشكل الحياة وبمكانة الأمم ودورها ومستوى التقدير الذي تحظى به، ومن أجل ذلك كله نحن حريصون على استمرارية المعرض بمقدار حرصنا على مكانة الأمة ودورها الإنساني، وحرصنا بشكل رئيس على استقرار مجتمعاتها وازدهارها».

وبالنسبة للطموح في ما يتعلق بالمعرض، فهو كبير جداً، اليوم يحتضن المعرض مؤتمر الناشرين، ومؤتمر المكتبات، وسينظم للمرة الأولى قمة للمكتبات الوطنية، وهذا تحقق بعد أن كان المعرض مجرد حدث لعرض إصدارات دور النشر.

نحن نسعى أن يصبح المعرض مظلة لمجتمع ثقافي متكامل يحتضن جميع أنواع الفعاليات المحلية والإقليمية والعالمية التي تشمل كل أنواع الإنتاج الفكري والفني وما يتصل بها من صناعات ومهارات. المعرض هو مجتمع الثقافة الإنساني المصغر في قلب الشارقة، لذا نحن نعمل دوماً على دراسة وتقييم العديد من المبادرات لإطلاقها ضمن فعاليات المعرض ولتصبح جزءاً من حضوره السنوي.

1000 نشاط

وينتقل العامري للحديث عن تطور معرض الشارقة للكتاب، موضحاً أن الدورة الأولى في عام 1982 سجلت مشاركة سست دور نشر فقط، بينما سيشارك في الدورة الأربعين 1632 ناشراً يمثلون 83 دولة، ويقدمون أكثر من 15 مليون كتاب موزعة على 1.3 مليون عنوان، بينها 110 آلاف عنوان جديد.

واختتم بالقول: «لأننا حريصون أن يكون المعرض وجهةً شاملة وفضاءً للتفاعل الاجتماعي، سينظم المعرض هذا العام أكثر من 1000 نشاط، تتنوّع بين ندوات وورش عمل وجلسات حوارية، وأنشطة ترفيهية، بحيث سيكون لكل عائلة وفرد من كل الجنسيات سبب لزيارته وبناء الذكريات في أروقته».

• المعرض يُشكل جزءاً من ذاكرة الأفراد والأسر وعشاق القراءة بأنواعها كافة.

• الدورة الماضية كانت طوق نجاة لدور النشر التي عانت نفاد الخيارات.


رئيس هيئة الشارقة للكتاب:

• «نسعى ليكون المعرض مظلة لمجتمع ثقافي متكامل يحتضن الفعاليات المحلية والعالمية للإنتاج الفكري».

• «الدورة الأولى من المعرض عام 1982 سجلت مشاركة ست دور نشر فقط، واليوم نستقبل 1632 ناشراً».


بصمات إسبانية عربية

أكد رئيس هيئة الشارقة للكتاب أحمد العامري، أن معرض الشارقة الدولي للكتاب ملتزم بضيف شرف سنوي للمعرض، تقديراً للمساهمات الفكرية لكل شعب في مسيرتنا الحضارية الشاملة.

وأضاف: «يأتي اختيار إسبانيا لتكون ضيف شرف الدورة الجديدة من المعرض، للتاريخ الطويل والتأثير المتبادل بين الثقافة الإسبانية والعربية، ولأدبهم بصمات واضحة في أدبنا والعكس صحيح، وتمثل إسبانيا اليوم مركز ثقل ثقافي أوروبي وعالمي، يتجسد في روائييها وشعرائها ومفكريها البارزين، لذا تأتي استضافتنا للثقافة الإسبانية بمثابة تأكيد على تواصل الفعل الثقافي التاريخي وحضوره في واقع الثقافة الحالي».

وسيشارك في فعاليات هذا العام، 41 كاتباً وفناناً ومبدعاً إسبانياً عبر 25 نشاطاً وفعالية تتوزّع على الأدب، والفنون بأنواعها، وستشكل هذه المشاركة فرصة لجمهور ورواد المعرض للتعرف إلى عراقة هذه الثقافة وآخر منتجاتها في الفن والمعرفة.

تويتر