أحد المواقع المدرجة على قائمة «اليونسكو»

بيت محمد بن خليفة.. شاهد على حقبة التحولات في العين

صورة

تحفل مدينة العين بالعديد من المواقع والمعالم التاريخية، التي تروى قصصاً من تاريخ الإمارات والمنطقة، وتكشف ملامح الحياة الاجتماعية في فترات سابقة، ومن بين هذه المعالم بيت محمد بن خليفة، الذي يمثل أحد المواقع الثقافية التي أدرجتها منظمة «اليونسكو» على قائمة مواقع التراث العالمي في مدينة العين، خلال الفترة الماضية، بعد أن قامت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي بترميمه وإعادة تأهيله، ليصبح مركزاً مجتمعياً ومنصة إبداعية للزوار من المواطنين والمقيمين والسياح.

يرجع تشييد البيت إلى عام 1958، ليكون داراً للشيخ محمد بن خليفة بن زايد آل نهيان (1909-1979)، والد زوجة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو جد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة. وكان المغفور له الشيخ محمد بن خليفة آل نهيان يتمتع بشخصية مؤثرة وتاريخية ارتبطت بأحداث مهمة في تاريخ إمارة أبوظبي، ودولة الإمارات بشكل عام، فضلاً عن دوره المحوري الفاعل في مجتمع العين.

رمز

إلى جانب أهميته التي اكتسبها من مكانة صاحبه في مجتمع الإمارات والعين، اكتسب بيت محمد بن خليفة أهمية إضافية لمواكبته حقبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية في تاريخ دولة الإمارات، ما بين ثلاثينات وستينات القرن الماضي، في الفترة التي شهدت الاكتشافات النفطية الأولى، والتي أحدثت تغيرات اجتماعية وثقافية تدريجية في البلاد.

لذا، أصبح البيت رمزاً لتلك الحقبة، بما يحمله من دلالات معمارية تمتزج فيها أصالة التصميم بحداثة مواد البناء وأساليب التنفيذ العصرية، ورغم أن طابع البيت ووظيفته كانا مختلفين عن مفهوم السكن في القلعة والحصن التقليدي، إلا أنه حافظ على تقاليد ذلك الزمان، في أن يكون مفتوحاً دوماً لجميع أفراد المجتمع، فكان معلماً بارزاً ومقصداً لأهالي العين.

هندسة معمارية

من جانب آخر، يسلّط البيت، الذي يقع بقلب المواقع التراثية في العين، المدرجة على قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي، الضوء على جمالية وندرة نمط الحياة والهندسة المعمارية خلال الفترة الانتقالية التي شهدتها المنطقة، وعلى الرغم من كونها فترة صغيرة إلا أنها محورية في تاريخ أبوظبي، إذ برزت حينها الأساليب المعمارية الهجينة التقليدية والحديثة، نتيجة انتعاش اقتصاد البلاد بعد الاكتشافات النفطية في خمسينات القرن الماضي، ليمثل مصدراً قيماً للتعرّف إلى التقاليد الاجتماعية والتاريخية والمعمارية التي شهدتها دولة الإمارات.

المعرض الدائم

يضم بيت محمد بن خليفة أقساماً عدة، من أبرزها المعرض الدائم الذي يقدم لمحة عامة عن تاريخ المنزل العريق، ومواقع التراث العالمي في منطقة العين، مع التركيز على مدينة العين خلال الفترة الانتقالية، إذ يطّلع الزوار على قصة بيت محمد بن خليفة وتطوره، كما يكتشفون أيضاً التغيرات التي طرأت على المدينة المحيطة به على مدار الـ60 عاماً الماضية.

وتعرض التجربة التفاعلية «حياة وعهد الشيخ محمد بن خليفة» مقدمة إلى حياة الشيخ محمد وسيرته، ونبذة عن حياته اليومية، واهتماماته والهوايات التي مارسها، مثل البستنة وإدارة مزارع النخيل وفن الصقّارة، تكريماً له باعتباره شخصية بارزة من عائلة آل نهيان، العائلة الحاكمة في أبوظبي.

كما يمكن للزوّار اكتشاف الجوانب المعمارية للبيت، والاستماع إلى أعمال موسيقية مختلفة، لفنانين اشتهروا في زمن تشييد المنزل، أمثال الشاعرة الإماراتية عوشة السويدي، الملقبة بـ«فتاة العرب»، والمغنّي الإماراتي علي بن روغة، وأم كلثوم، فضلاً عن الاستمتاع بمجموعة من القصص التي يرويها كبار السن من سكان العين، والتي تدور حول حياتهم وأعمالهم في المنطقة على مدى عقود من الزمن.

ترميم وإحياء

في الفترة من 2007 إلى 2017، شهد بيت محمد بن خليفة عملية ترميم قادتها دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، حرصت خلالها على المحافظة على السمات الرئيسة للهندسة المعمارية الخاصة به، ضمن استراتيجية الدائرة لإعادة إحياء ماضي أبوظبي، وصون تراث المجتمع الإماراتي، بما يضمن حفظ التقاليد والمورث الثقافي للدولة ونقله إلى الأجيال المقبلة، ويسعى البيت في حلته الجديدة إلى تحقيق التوازن في الحفاظ على القيم المادية وغير المادية، ليستأنف إرثه بكونه مركزاً حيوياً يرحب بجميع سكان منطقة العين.

يمكن للزوّار اكتشاف جماليات البيت، والاستماع لأعمال موسيقية لفنانين اشتهروا في زمن تشييده.

المعلم يروي قصته وتطوره، وأيضاً التغيرات التي طرأت على المدينة المحيطة به.

تويتر