«طيران الإمارات للآداب» يشهد مشاركة واسعة للكتّاب المحليين

مبدعون إماراتيون: المهرجان ليس بطاقة اعتراف وإنما بوابة للتفاعل والتطوير

صورة

منذ انطلاقته، يُعدّ مهرجان طيران الإمارات للآداب فرصة استثنائية للكاتب والمبدع والمثقف الإماراتي، للالتقاء بالمؤلفين المحليين والعالميين، بعد أن بات يستقطب عدداً لا حصر له من التجارب الاستثنائية، التي كرّست خصوصيته، وفرادته ومن ثم تنوّعه الثقافي. إلا أن المشاركة المحلية للمبدع الإماراتي بشكل عام، وما يقدمه المهرجان من فرص لاجتذابه وتعزيز حضوره في أجندات المهرجان وأهدافه، تظل جزءاً لا يتجزأ من طموحات المبدع الإماراتي، التي نستعرض هنا تجلياتها ونناقش تفاصيلها مع كوكبة من الأسماء الأدبية المحلية.

مشاركة متزايدة

يرى الكاتب والناشر الإماراتي، جمال الشحي، أن الدورة الحالية للمهرجان تشهد مشاركة موسعة للكاتب الإماراتي وللمبدعين في الحقل الثقافي بشكل عام، حيث يضم برنامجه المتنوّع مشاركة مختلفة للكتّاب المحليين في الندوات التي يستضيفها الحدث، وهي مشاركة «تتطور بصورة تصاعدية بعد مضي أكثر من 12عاماً لتصبح أكثر رسوخاً وتعبيراً عن المشهد الثقافي المحلي، الذي يتطوّر بوتيرة سريعة». موضحاً: «كانت البدايات خجولة بالنسبة للكاتب الإماراتي، لكن مع التجربة الطويلة والاهتمام بصناعة الثقافة، استطاع كثير من كتّابنا المحليين أن يكونوا جزاً من هذا الاحتفال السنوي، الذي يوفر لهم الفرصة للتواصل مع مثقفين وأدباء من الخارج وأيضاً جمهور ذواق».

أما صناعة النشر فلها أيضاً حضور ملفت في المهرجان، إذ يصاحب المهرجان معرضاً كبيراً للكتب تُباع فيه الإنتاجات الأدبية للضيوف.

فرصة للتجارب الشابة

ترى الكاتبة الإماراتية، روضة المري، أن «المهرجان مظلة شاملة تنضوي تحتها جميع شرائح المجتمع وحساسياته المختلفة، وكذلك فئاته العمرية المتعددة، إذ يستقطب الكتّاب والمؤثرين المحليين والعالميين»، وتقول: «نحن كإماراتيين نحتفي بوجودنا كل مرة في هذه المنصّة الملهمة والمحفزة على المعرفة والتفاعل. كما أن التجارب الإماراتية في ميدان الآداب بشكل عام، تجارب معظمها حديثة وشابة تحتاج إلى التطوير وتوسيع نطاق تحركها لترتقي بنفسها، وذلك عبر ضم هذا الجمهور الهائل والمتنوّع في مكان صغير هو مساحة المهرجان». وعن تقييمها للوجود الإماراتي الشاب في المهرجان قالت المري: «نفتخر كإماراتيات بمشاركة أصغر كاتبة إماراتية، العنود الهاشمي، في الدورة الماضية، ونجدّد فخرنا اليوم بتزايد استقطاب المهرجان للتجارب الأدبية الحائزة جوائز، مثل ريم الكمالي، وعدد من الشخصيات الإماراتية المرموقة والمؤثرة، التي تستعرض تجاربها الملهمة في مختلف الميادين.»

حيز للتناولات النقدية

في إطار مراهنتها على تجربة كتابة الشعر، الذي ستكرّس بعض تجلياته في فعاليات الآداب هذا العام، طالبت الفنانة والشاعرة الإماراتية، شما البستكي، بمساحة نقد بنّاءة تُعنى بطرح التجارب الشعرية المحلية وتطويرها ،عبر الحوار مع الآخر لطالما كان الشعر منا وفينا منذ آلاف السنين، وهذا كامن وراء تزايد بروزه على أجندة فعاليات الآداب، ولكننا نطمح طبعاً على الدوام إلى مضاعفة التركيز أكثر على الأصوات المختلفة في الشعر الإماراتي واستعراض تجاربهم المتنوّعة، مضيفة: «أنا عضو في مؤسسة (فصول بلا عنوان)، وهي مجموعة أدبية للكاتبات تأسست في 2011 لتستوعب التجارب النسائية المبدعة في مختلف ميادين الكتابة، وقد سبق لنا التفاعل مع المهرجان، سواء عبر زياراتنا لفعالياته، أو مشاركاتنا في نقاشاته وورشه المتعددة التي تقام كل عام». معبّرة عن أملها في توفير مساحة ليس فقط للاحتفاء بالمبدع الإماراتي، وإنما لبناء وتأسيس ثقافة النقد البنّاء الذي يساعد فعلياً على تطوير موهبة المبدع الإماراتي، عبر الحوار والتفاعل مع المبدعين من الكتّاب والشعراء الإماراتيين، وكذلك العالميين.

كما أشارت البستكي: «عادة ما نرى الشعر حاضراً في المناسبات جزءاً من الاحتفاءات العامة المتصلة بالافتتاحيات أو حفلات الاختتام، لكننا يجب أن نعي بأن الشعر له ثقل تاريخي وعمق ثقافي مثله مثل أي شكل أدبي آخر يحتاج إلى التحليل والتمحيص والنقد».

مشروعات حقيقية

عن مشاركة الكتّاب الإماراتيين في المهرجان، قالت الكاتبة صالحة عبيد: «سنة بعد سنة، بدأ المهرجان في استقطاب تجارب أدبية عربية ومحلية لامعة والتفاعل معها بشكل أفضل، وأتوقع أن المهرجان يحاول هنا تجنب التكرار ويميل نحو التنويع، ما يسهم في تقليل عدد الكتّاب الإماراتيين وعدم التفاعل مع الأسماء نفسها. كما أن نقص تواصل الكاتب الإماراتي في وقت ما مع معظم فعاليات ومحاضرات المهرجان، لا تجعله حاضراً بالقدر المطلوب، إلا إذا كان جزءاً من فعالياته، لكن الأمر شهد تحسّناً في السنتين الأخيرتين، بعد أن سجل المهرجان تفاعلاً أكبر مع خريطة الفعاليات». وتضيف: «من جانبها مازالت إدارة المهرجان باحثة عن قنوات للتواصل مع الكاتب الإماراتي، ومعتمدة على الصحف والمواقع الاجتماعية التي أراها سلاحاً بحدين، إذ تطرح أحياناً كثيرة إشكالية المحتوى ومستويات جودته، ومن ثم أسئلة الإبداع، فسؤال الكتابة يتجلى دوماً في جودة المحتوى، ويتصل بجاهزية الكاتب وأحقيته في أن يسلط عليه الضوء في المهرجان، مع مراعاة عدم استهلاك أصحاب المشروعات الحقيقية في كل الفعاليات». أما سؤال التطوير الذي تطرحه الإبداعات الصاعدة وحاجتها إلى الارتقاء بتجاربها، من خلال المهرجان، فوصفته عبيد بالقول: «إذا افتقد الكاتب أسئلة الكتابة وهاجس التطوير، فسيكون المهرجان بالنسبة له بطاقة اعتراف أكثر من كونها بطاقة للتفاعل، إلا أنني أتمسك بقناعة واحدة وهي أن الأمر مرتبط بالوقت، والمشهد متحول بشكل سريع، ما يجعل أمر حضور الكتّاب الإماراتيين متوقفاً على الأسماء التي تطرح مشروعات حقيقية، وترغب في تطويرها».


تعزيز مشاركة الشباب

عن الحضور المحلي وما يقدمه المهرجان للمثقف الإماراتي وللتجارب الشابة، قالت مديرة مهرجان طيران الإمارات للآداب، أحلام البلوكي، إن «المهرجان يستضيف هذا العام عدداً أكبر من الكتّاب الإماراتيين الحائزين جوائز، ويستعرض العصر الذهبي للأدب العربي. كما يسعى عبر استضافة جلسات خاصة مع الكتّاب العرب البارزين، إلى توفير منصّة تنظم نقاشات بين الكتّاب والقرّاء لاستكشاف القصص التي تحدد ملامح الأدب الإماراتي».

وأضافت: «فضلاً عن ذلك، نسعى إلى تعزيز مشاركة جيل الشباب عبر المسابقات الخاصة به، التي تتضمن أربع مسابقات: مسابقة كتابة القصة، جائزة «تعليم» للشعر، كأس شيفرون للقرّاء، مسابقة بنك الإمارات دبي الوطني - الشعر للجميع، وجميع هذه الجوائز مصممة خصيصاً لتناسب جيل الشباب، وتستعرض مواهبهم الأدبية في مجالات القراءة وكتابة القصة والشعر».

ما يقدمه المهرجان من فرص لاجتذاب المبدع الإماراتي وتعزيز حضوره، يظل جزءاً لا يتجزأ من طموحات المبدع.

تويتر