زارت المنطقة وتجوّلت في معالمها التاريخية والثقافية

الشيخة فاطمة: الحصن قلب مفتوح للجميع وفيه ينبض التاريخ

قصر الحصن التاريخي تحوّل إلى متحف يسرد المحطات التي مرت بها أبوظبي عبر التاريخ. تصوير: نجيب محمد

أكدت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أمّ الإمارات»، أن الارتباط بالماضي وتراث الأجداد وفهم التحولات التاريخية تعد ركائز مهمة لتطور ونمو المجتمعات الحديثة، إذ يتم من خلالها العمل على بناء الإنسان والرقي بوعيه من أجل تحسين مستوى الحياة بشكل عام.

«أمّ الإمارات»:

- «وجود موقع تاريخي وثقافي بحجم قصر الحصن في قلب أبوظبي كفيل بتذكيرنا بجذورنا، ونحن نتوجه إلى مستقبل مشرق وإيجابي دون أن ننسى الإرث العريق الذي تركه لنا الأجداد».

جاء ذلك خلال زيارة سموها، أمس، لمنطقة الحصن التي افتتحها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رسمياً، أول من أمس، بعد إنجاز دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، مشروع الترميم والتجديد للموقع.

وتتألف منطقة الحصن من أربعة مكوّنات مترابطة، هي: قصر الحصن، والمجمع الثقافي، والمجلس الاستشاري الوطني، وبيت الحرفيين، ويجيء الافتتاح الرسمي لهذه الوجهة الثقافية احتفاءً بتاريخ إمارة أبوظبي العريق وثقافتها الغنية.

وقالت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك: «من دواعي الفخر والاعتزاز أن نشهد ترميم الصرح التاريخي الأبرز في أبوظبي، والذي شهد التحولات التي عاشها شعب الإمارات، حيث نجد في موقع الحصن ما يذكرنا بتضحيات الأجداد وتاريخهم العريق في صنع المعجزات وتحدي الظروف القاسية من أجل أن ننعم اليوم بحياة عصرية. إن وجود موقع تاريخي وثقافي بحجم قصر الحصن في قلب أبوظبي كفيل بتذكيرنا بجذورنا، ونحن نتوجه إلى مستقبل مشرق وإيجابي دون أن ننسى الإرث العريق الذي تركه لنا الأجداد، وبما يحفظ ذاكرتنا وتاريخنا للأجيال المقبلة».

وأضافت سموها: «أبارك للجميع افتتاح منطقة الحصن، وأدعو المواطنين والمقيمين إلى زيارة معالمه التاريخية والثقافية والتراثية، والتعرف إلى تفاصيل تاريخنا وتراثنا القديم والمعاصر، فموقع الحصن قلب مفتوح للجميع وفيه ينبض التاريخ، وتتجدد فصول من الإنجازات التي عودتنا عليها دولة الإمارات».

وتجوّلت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، في المجلس الاستشاري الوطني، الذي تأسس على يدي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس الدولة، بين عامي 1968 و1970، وجرت فيه العديد من النقاشات المتعلقة بإدارة شؤون البلاد، وكان شاهداً على العديد من القرارات المهمة، كما استضاف النقاشات الاتحادية والوطنية حتى أواخر التسعينات. وجرى فيه تطوير الأنظمة الحكومية الحديثة والعصرية على المستويين المحلي والوطني، والتي كانت لها أساساتها في المفاهيم التقليدية للمجلس والشورى.

كما تجولت سموها في قصر الحصن التاريخي الذي تحول إلى متحف يسرد المحطات التي مرت بها أبوظبي عبر التاريخ، فاطلعت سموها على معرض الحصن الداخلي بغرفه المتعددة التي تؤرخ فصولاً وأحداثاً تاريخية مهمة من خلال تتبع تفاصيل الحياة اليومية في الحصن، وكيفية تحول الحصن الداخلي الذي بُني نحو عام 1795 من برج مراقبة، وأصبح مقراً للحكم وللعائلة الحاكمة، ويسرد المعرض طبيعة الحياة التي عاشها الأجداد وقصة انتقال قبيلة بني ياس من منطقة الظفرة إلى ساحل أبوظبي واستقرارهم فيها، كما يتناول المعرض تاريخ توحيد القبائل على يد الشيخ زايد الأول، الذي كان يستقبل أفراد المجتمع من مجلسه في الحصن، ويعرض مقتنيات للشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان الشخصية، وينتقل المعرض إلى تطور المدينة الحديثة في عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث يُعرض جواز سفره الأصلي وغيره من الوثائق المهمة.

وانتقلت سموها إلى القصر الخارجي الذي شُيّد في أربعينات القرن الماضي على يد الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، ويضم غرفاً متعددة منها مجلس الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، الذي أعيد تصميمه، ومن خلال المقتنيات والصور والمواد الفيلمية يتم شرح أساليب العمارة التي كانت متبعة في ذلك الوقت، وإنجازات الشيخ شخبوط وبراعته الدبلوماسية في إدارة شؤون البلاد وتحدي المحن العصيبة، كما يعرض مقتنيات أثرية اكتشفها علماء الآثار في موقع الحصن.

واطلعت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك على الغرف الخاصة بالعائلة الحاكمة، التي تضم قطعاً أثرية تستحضر الفترة، والتي عاش فيها الشيخ شخبوط في قصر الحصن، بما فيها الغرف الشخصية لكل من الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، والشيخة سلامة بنت بطي، ومجلس النساء، حيث تروي هذه الغرف سير من سكنوا القصر والعادات والتقاليد التي ميزت ذلك العصر، بما فيها الحياة الاجتماعية والمناسبات المختلفة للاحتفال والموارد الطبيعية والغذائية التي كانت متوافرة عندها.

وانتقلت سموها بعد ذلك إلى «بيت الحِرفيين»، الذي يضطلع بدور ريادي في حماية وصون التراث الإماراتي المعنوي العريق، والترويج له. وتحقيقاً لهذا الهدف، يقدم بيت الحرفيين برنامجاً شاملاً تتخلله مجموعة من المعارض وورش العمل والبرامج التدريبية التي تركز جميعها على الحرف الإماراتية اليدوية، مثل السدو (النسيج البدوي) والخوص (تجديل سعف النخل) والتلي (التطريز)، بما يضمن نقل المعارف والمهارات المتعلقة بها للأجيال المقبلة.

والتقت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك بمجموعة من الحرفيات اللاتي يمارسن حرفاً تقليدية مختلفة، ويعملن على نقل المعارف والتقاليد المختلفة المرتبطة بهذه الحِرف إلى الأجيال المقبلة.

واختتمت سموها جولتها بتفقد المرافق الخارجية حول موقع الحصن، والتي أعيد تصميم مناظرها الخارجية لتوفر مساحة مريحة للاستمتاع بمشاهد المدينة البانورامية والمساحات المزروعة بأشجار النخيل والغاف، إلى جانب القنوات المائية التي تم تصميمها لتحاكي نظام الري بالأفلاج في الواحات. ورافق سموها في هذه الجولة عدد من الشيخات والوزيرات وقيادات العمل النسائي.

وتحتفي الحِرف اليدوية الموجودة في «بيت الحِرفيين» بالعلاقة الإبداعية والفنية التي طورها الأجداد مع الموارد الطبيعية المحيطة، فقد تمكن الحِرفيون من تطوير مهاراتهم لتلبية احتياجاتهم الوظيفية والاقتصادية مستفيدين من البيئة الطبيعية التي تتميز بثرائها وتنوعها؛ حيث توجد فيها ثلاثة أنواع من الأنظمة البيئية، بما في ذلك النظام الصحراوي، والجبلي، والبحري. وتعكس الحِرف اليدوية بفضل هذه المهارات إحساساً فنياً عالياً. ولا يقتصر دور هذا التراث غير المادي الذي تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل على الحفاظ على المهارات العملية فقط، بل يسهم أيضاً في تعزيز القيم الاجتماعية المشتركة المرتبطة بالهوية الإماراتية.

يُذكر أن منطقة الحصن ستفتح أبوابها للزوار والجمهور عامة بدءاً من اليوم الجمعة الساعة الرابعة عصراً، ويتزامن مع ذلك تنظيم أسبوع حافل بالفعاليات الثقافية.

تويتر