رسائل تفاؤل وتجربة حياة في كتابه الجديد

«تأملات» محمد بن راشد تغرّد للسعادة والأمل

صورة

من أساس متين شيّده آباء إيجابيون، ومن منجز حضاري ومسيرة لا تشبه سواها، ينطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في كتابه الجديد: «تأملات في السعادة والإيجابية»، ليبعث مبدع «الومضات» برسائل تفاؤلية لا تنقطع، وتسبح عكس التيار في المنطقة، وتسعى إلى أن تغرّد وتبني أملاً «للسرب العربي»، التي ترى نفسها جزءاً منه.

وكأنه لا كلمة تتقدم على «السعادة» في قاموس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، فصفحات الكتاب وسطوره تحتفي بقيمها وطاقتها الإيجابية، وترسم سبل تحقيقها، كما الحال على أرض الواقع، في دبي التي تعد مرادفاً للبهجة، إذ تبدو السعادة أسلوب حياة، ورسالة نَذر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نفسه وفريق عمله وحكومته لها، معتبراً أن «السعي لإسعاد الناس سعادة بحق ذاتها».

كتاب «تأملات في السعادة والإيجابية» لا يبيع الوهم، ولا يتحدث عن أحلام وردية مازالت في علم الغيب، بل يروي بصدق - وإخلاص لا يتباهى - التجربة الإماراتية، التي لم يكن درب آبائها المؤسسين مفروشاً بالورود، لكنهم تمكنوا من تذليل كل التحديات والعقبات، والسرّ يكمن في إيجابية المغفور لهما زايد وراشد: «من يصدق أن رجلين في خيمة في الصحراء عام 1968 كان لديهما هدف بناء دولة متقدمة عالمية ومتطورة؟ من يتخيل أن رجلين كان لديهما التفاؤل والثقة الكافيان للنجاح في تحويل إمارات متصالحة يسودها النظام القبلي ويتنازعها العوز وقلة العلم، إلى دولة مؤسسات وأنظمة وسلطات وقوات نظامية وتعليم نظامي وجامعات؟ وكل ذلك فقط خلال سنوات، بل أكثر من ذلك، لم يكن طموحهما بناء دولة المؤسسات فحسب، بل كانا يريدان مدنهما أن تكون كمدن العالم الكبيرة التي زاراها مرات قليلة، أليس كل ذلك تفاؤلاً وإيجابية؟ تخيلوا لو أن زايد وراشد كانا قائدين سلبيين، أين ستكون دولة الإمارات اليوم؟ لو أنهما جلسا يعددان المشكلات والعقبات وضعف الإمكانات ويلتمسان العذر في قلة الإنجاز».

مع صاحبَي الهمّة

محمد بن راشد:

«دائماً ابدأ والصورة النهائية في ذهنك، وكن إيجابياً ومتفائلاً وواثقاً بقدراتك على تحويل الصورة إلى واقع، لا شيء أسوأ من أن يهتز يقين القائد برؤيته».

«أكثر ما نفاخر به الناس والعالم عندما نسافر ليس ارتفاع مبانينا.. بل بتسامح دولة الإمارات.. بأننا دولة يعيش فيها جميع البشر بمحبة».

«يقولون إن دبي ابتسم لها الحظ.. وأنا أقول: عندما يريدون التقليل من مجهوداتك فإنهم ينسبون نجاحك إلى الحظ».

«لا توجد منطقة في العالم بحاجة للسعادة أكثر من منطقتنا، ثمة قدر هائل من التشاؤم في المنطقة».

مع صاحبَي الهمّة، زايد وراشد (رحمهما الله)، يعيش قارئ الكتاب طويلاً، إذ يعود إلى سيرتهما كثيراً صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، ويتذكر حينما أراد «زايد الخير» تخضير العاصمة، وزراعتها بالأشجار، لكن الخبراء قالوا: «هذا مستحيل؛ بسبب التربة الملحية وشح المياه، والظروف المناخية الصعبة»، لكن المؤسس الباني لم يقتنع «بالحدود التي يضعها له الآخرون، وهذه إحدى صفات القائد الإيجابي.. أبدع الشيخ زايد حلولاً أخرى».

أما الشيخ راشد فعندما أراد توسعة خور دبي في أواسط الخمسينات لأنه كان يريد استقبال سفن أكبر في موانئه، رأى بعض الخبراء استحالة التوسعة نظراً إلى الكلفة العالية التي بلغت 600 ألف جنيه إسترليني في ذلك الوقت، أي أضعاف دخل دبي بكاملها، لكن لم يصرف ذلك نظر الشيخ راشد عن المشروع الحيوي لمستقبل دبي: «هنا يأتي تأثير الإيجابية في شخصية القائد؛ تأثير الإيجابية في اتخاذ قرارات مصيرية لمصلحة شعب كامل، ومستقبل أبنائه». ونجح الشيخ راشد في ابتكار حلول جديدة، وأنجز مشروعه في نحو عامين ليتغير وجه دبي. وكذلك كانت الحال حينما أراد الشيخ راشد بناء مطار دبي، إذ اصطدم بكثير من العقبات، لكنه نجح في التغلب عليها.

لن يحقق القائد الإيجابي الإنجاز وحيداً، إذ لابد من فريق عمل متكامل، وموظفين متفائلين يتممون البناء، لا يرون الوظيفة عبئاً، أو مكاناً للتكسب ومحطة وصول للتقاعد، إذ إن أمثال هذا الصنف الأخير: «يعيشون على هامش الإنجاز؛ وهامش النجاح، وهامش الحياة».

أما خير مثال للموظف الإيجابي، فهو الشابة الإماراتية، منار الحمادي، التي كرّمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لتميّزها في عملها. وقال عنها في الكتاب: «هذه الشابة مكفوفة، لم نكرمها لأنها استطاعت النجاح في بيئة العمل، بل كرمناها لأنها متفوقة في عملها، ومتفوقة على أقرانها، تعمل منار محامية عن قضايا الدولة في وزارة العدل، ولم تخسر أي قضية منذ توليها وظيفتها، فكرمناها». ويرى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن سرّ نجاح تلك الشابة في «الإيجابية، وتغيير نظرتها للحياة، وتغيير نظرتها لطاقاتها وإمكاناتها، وتغيير نظرتها لطبيعة التحديات التي تواجهها. هل تتخيلون كيف كان الوضع سيكون لو صرفت منار طاقتها في الشكوى من وضعها والتذمر من حالتها وإلقاء اللوم على الآخرين أو على القدر؟ هل تتخيلون ما كان سيحدث لو استسلمت منار لأول تحدٍّ لها عندما كانت صغيرة في مدرستها؟ هل كانت ستصل إلى ما وصلت إليه؟».

 

الإنسان أمام التحديات لديه خياران: إما أن يقف ويتراجع أو أن يبدع ويتجاوز، نحن في دولة الإمارات لم نتعود أن نقف.


الإيجابية تتعلق بنظرة الإنسان للأمور، هي النظارات التي يضعها الإنسان فوق عينيه عندما يشاهد العالم.

محمد بن راشد

«القائد القدوة»

لا محل للسلبية في مسيرة من يريدون تحقيق غاياتهم، والوصول إلى أحلامهم، إذ يستطيع الإيجابيون تذليل كل العقبات، وتحويل المِحَن إلى مِنَح، والتحديات إلى حلول إبداعية، كما يصنع بشكل خاص «القائد القدوة»، فالشيخ راشد - رحمه الله - كان يومه يبدأ من السادسة صباحاً: «تراه في السابعة صباحاً في الفجيرة، وبعدها بيومين تراه أيضاً في السابعة صباحاً مع مقاولين يشقون طريقاً جبلياً في رأس الخيمة»، يتابع كل شيء بنفسه وسط العمال، حتى إن كثيراً من الشركات كانت تلقبه - كما يروي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في الكتاب - بـ«المهندس» أو «الفورمن» - كبير العمال - لكثرة وجوده معهم ومتابعته اليومية لحجم الإنجاز في جميع المشروعات.

ويؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن العزيمة والمجهودات والطموحات هي التي تبني الإنجازات، وليس الحظ أو المصادفة، كما يدّعي البعض، فدبي صنعت ما وصلت إليه بالإصرار: «نحن صنعنا ظروفنا وصنعنا نجاحنا، ولا أقولها تفاخراً أو رداً على مقالات إعلامية، بل أقولها لتستمر أجيالنا بنفس الروح وبنفس الإصرار وبنفس العزيمة في هذا الطريق. أكبر حظ حصلنا عليه هو الروح القتالية وروح التحدي التي تسري فينا. أقول للشباب وللأجيال: إذا كنا إيجابيين فلابد أن نغير نظرتنا لمفهوم الحظ. الإنجازات والنجاحات ليست ضربة حظ. بل جد واجتهاد واستعداد وإيمان. وأقول لشبابنا: السماء لا تمطر ذهباً، والأرض لا تخبئ لكم كنوزاً، والفرص لا تنتظر من يستيقظون متأخراً. أقول لشبابنا حظكم الحقيقي ليس ما تحصلون عليه من مكافآت، بل ما أعطاكم الله من مواهب وقدرات وطاقات وإمكانات».

اللبنة الأولى

لا يمكن أن نسمح بالكراهية في دولتنا، ولا يمكن أن نقبل بأي شكل من أشكال التمييز بين أي شخص يقيم عليها أو يكون مواطناً فيها، لذلك عيّنا وزيراً للتسامح.

محمد بن راشد


151

صفحة، يقع فيها كتاب «تأملات في السعادة والإيجابية» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

بلا تكلّف أو تصنّع، يصحب مبدع «تأملات في السعادة والإيجابية» القارئ، ويعرّفه على محمد بن راشد الإنسان والشاعر والفارس والقائد، يسرد بعض يوميات الحاضر والماضي، ويعود إلى ما يعتبره مصنع الإيجابية الأول، حيث البيت، وتحديداً الأم، ويروي بدايات شغفه بالخيول، ورسالة إيجابية تلقاها الفارس حينها من أمّه: «مازلت أذكر بداية شغفي بالخيول حين كنت صغيراً، وبداية العلاقة بيني وبينها التي أوصلتني لأن أصبح من أكبر ملاكها وأكثرهم فوزاً بسباقاتها. البداية كانت حبي لفرس كانت تملكها العائلة. لاحظت أمي أنني كنت أرجع من مدرستي جائعاً رغم أنها كانت تصنع لي وجبتي كل صباح. وعندما واجهتني أخبرتها بأنني أتقاسم الوجبة مع فرسي، نصفها لي والنصف الآخر لها. لم تعنفني أمي ولم تلمني أبداً بل ابتسمت، وبدأت تصنع لي وجبتين كل يوم، واحدة لي وواحدة لفرسي. ووصلتني رسالتها بأن الخيل تستحق أن نتقاسم معها وجبتنا وطعامنا ووقتنا وأيضاً حبنا».

بين الخاص والعام، تتنقل «تأملات» صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، لتبعث برسائلها إلى الجميع، وتراهن بشكل خاص على الشباب وأجيال المستقبل، ترى في 200 مليون شاب عربي 200 مليون طاقة إذ أحسن توظيفها، وبث الأمل فيها، وعدم تركها فريسة للإحباط.

فلسفة مختلفة

«هدية» في وقتها

في وقته يأتي كتاب «تأملات في السعادة والإيجابية»، إذ يعد بمثابة هدية من مؤلفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إلى المكتبة العربية، تزامناً مع شهر القراءة، ورسالة تدعو الجميع إلى استهلال هذا الشهر بتلك التأملات الإيجابية، والانطلاق نحو آفاق أخرى مع القراءة، التي تجعل العالم أكثر سعادة.

24

من التأملات يضمها الكتاب؛ تهيمن عليها السعادة والإيجابية من الاستهلال وحتى الختام، فالبداية مع: لماذا السعادة؟ أما الختام فمع: وزراء للتسامح والسعادة والمستقبل، لماذا؟ وما بين السؤالين تأملات وفصول: السعادة والإيجابية.. هل نغرد خارج السرب؟، خياران أمام التحديات، الإيجابية في نظري، إيجابيون منذ البداية، اغمض عينيك لترى، الموظف الإيجابي، الإيجابية في بناء فريق العمل، العرب الإيجابيون، القدوة الإيجابية، كن إيجابياً وابتسم، إيجابية الأزمات، صناعة الحظ، هادم المعنويات، الحكومة الإيجابية سعادة للمجتمعات، شكراً لكم أيها الشعب، 200 مليون طاقة إيجابية، الإيجابيون العظماء، رسالة التسامح، الأسرة الإيجابية، تجديد الإيجابية.. تجديد الطاقة، الروح الرياضية الإيجابية، وهل يمكن أن تكون السياسة إيجابية؟

أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، كتاب «تأملات في السعادة والإيجابية»، أمس، بهدف صناعة الأمل ونقل التجربة والإسهام في استئناف الحضارة.

وقال سموه «نهدف من خلال الكتاب إلى طرح رؤية إدارية وتنموية قائمة على التفاؤل والإيجابية.. حاولت في الكتاب الإجابة عن الكثير من التساؤلات التنموية العميقة مما تعلمته وخبرته في حياتي، وبأسلوب قصصي بسيط، ليكون الكتاب قريباً من الشباب».

وأضاف: «كتاب تأملات في السعادة والإيجابية يضم دروساً ونماذج وقصصاً قائمة على فلسفة مختلفة في الحياة.. الإيجابية كمنظور وإسعاد الناس كغاية وأسلوب حياة.. نحاول المساهمة عبر الكتاب ولو بشيء بسيط في نقل تجربتنا وصناعة أمل لمنطقتنا واستئناف الحضارة في عالمنا العربي».

وتابع سموه في الكتاب: «لعل ما تمرّ به منطقتنا العربية من نزاعات سياسية وصراعات مذهبية ودينية وتراجعات اقتصادية وتحولات اجتماعية، يجعل الحديث عن مفهوم الإيجابية كأحد الحلول التنموية مستهجناً، ولكن في هذه العجالة أحببت أن أقول لإخواني العرب: لم لا نجرب أن نغير نظرتنا لبعض الأمور ونتحلى بقليل من الإيجابية في تعاملنا مع التحديات التي تواجهنا، ونبقي قليلاً من التفاؤل تستطيع الأجيال الجديدة أن تعيش عليه وأن تحقق ذاتها من خلاله».

تويتر