رأى أن نجيب محفوظ ظاهرة استثنائية في أدبنا العربي

بدر الدين عرودكي: في الترجمة من يدفع هو من يختار

صورة

يرى الكاتب السوري بدر الدين عرودكي، أن «أعمالاً أدبية عربية متواضعة المستوى تترجم إلى الفرنسية، لأنها تقدم نموذجاً عن صورة نمطية تكونت في الوعي الغربي عن شخصية العربي، ولكن الغرب أيضاً أولى اهتماماً كبيراً بأعمال أدباء عرب، في مقدمتهم نجيب محفوظ، الذي يعتبره (ظاهرة استثنائية) في الأدب العربي».

وأكّد أن «ما يحكم ترجمة الأدب العربي للغرب بصورة عامة، هو أن يكون النجاح التجاري (شبه مضمون)، لأن دور النشر مؤسسات تجارية تعمل وفق قانون العرض والطلب، ما لم تحصل على مساعدات حكومية أو غير حكومية».

 

«معك».. امرأة عاشقة

ترجم بدر الدين عرودكي من الفرنسية أكثر من 25 كتاباً في علم الاجتماع والتاريخ والفكر الأدبي، ونشرت في دمشق وبيروت والدار البيضاء والقاهرة ومنها: «الآخر مثلي» لجوزيه ساراماغو، و«العدو الأمريكي.. أصول النزعة الفرنسية المعادية لأمريكا» لفيليب روجيه، و«روح الإرهاب» لجان بودريار، وثلاثية حول فن الرواية لميلان كونديرا، و«الإمبراطوريات الجديدة: هل هي نهاية الديمقراطية؟» لآن سالمون، و«لابد من قتل شاتوبريان» لدومينيك بوديس، و«معك» لسوزان طه حسين.

وعن حماسته لترجمة كتاب «معك» قال إن «سوزان طه حسين كان من الضروري أن تكتب هذا الكتاب، كي نعيش معها قصة حب استثنائية في القرن الـ20، وفي عالمنا العربي تحديداً.. كانت (الترجمة) انعكاساً عفوياً لأسلوب سلس عميق الدلالات غني الإشارات لامرأة عاشقة لم يتوقف حبها يوماً لعميد الأدب العربي طوال أكثر من 50 عاماً».

وكان عرودكي مديراً للعلاقات الثقافية في معهد العالم العربي بباريس، حين حصل محفوظ على جائزة نوبل للآداب عام 1988.

وقال عرودكي، المقيم في فرنسا: «إن محفوظ (ظاهرة استثنائية) في أدبنا الروائي العربي، تشبه في فرادتها ظواهر روائية غربية، مثل بلزاك وإميل زولا في فرنسا، ودستويفسكي وتولستوي في روسيا». وأرجع ذلك لأسباب، منها أنه خط لنفسه منهجاً في الكتابة لا يثنيه عنه شيء، كما لم يكن رجل علاقات عامة فيروّج لرواياته شأن كثير من الروائيين، بمن فيهم بعض الكبار في العالم العربي وخارجه.

ويسجل أن ترجمة روايات محفوظ إلى الفرنسية بدأت قبل حصوله على جائزة نوبل، ففي عام 1985 نشرت «بين القصرين» في 4000 نسخة نفدت خلال أشهر، فاضطرت دار النشر إلى طرح طبعات أخرى.

وأضاف أن «الرواية حظيت بما لم تحظ به رواية غابرييل ماركيز (مئة عام من العزلة)، عندما ترجمت إلى الفرنسية». ويرى أن «جائزة محفوظ أتت في الوقت المناسب، لا لخلق الحركة، بل لزيادة سرعتها أضعافاً مضاعفة، إذ يكون النجاح الجماهيري لرواية مترجمة إشارة إلى أن الطريق إلى انتشار الأدب العربي الحديث باللغات الأخرى ممكن التحقيق».

وذكر أن «ما ترجم من أعمال روائية عربية للفرنسية، خلال 30 عاماً، لقي اهتماماً نقدياً ومعرفياً وفنياً»، مشيراً إلى أن «روايات صنع الله إبراهيم والغيطاني، حظيت أيضاً بمراجعات نقدية مهمة في مختلف الصحف الفرنسية». ولا يرى في ندرة السير الذاتية لدى الكتّاب العرب ما ينتقص من مكانتهم، «فالأعمال الأدبية التي يتركها الروائي أو الشاعر وراءه هي أجمل وأصدق وأعمق سيرة ذاتية تنبئنا عنه، لو أمعنا النظر فيها من هذه الزاوية ملياً».

ويسجل عرودكي أن «أول من اهتم بالأدب العربي الحديث في فرنسا (منشورات سوي)، حين كان على رأسها ميشيل شودكيفيتش - أحد أبرز المختصين الفرنسيين في أعمال المتصوف ابن عربي - الذي كان وراء نشر ثلاثة مجلدات، تضمنت مختارات عربية معاصرة في بداية الستينات، وكانت المدخل باللغة الفرنسية إلى الأدب العربي المعاصر، الذي لم يكن معروفاً، ولا موضع اهتمام من قبل الجامعة الفرنسية».

وقال: «إنه إلى جانب قانون العرض والطلب، توجد أيضاً ذائقة المترجم، فمثلاً جان فرنسوا فوركاد، ترجم رواية (الزيني بركات) لجمال الغيطاني، (لأنه أحبها)، ونشرها لدى شودكيفيتش في (منشورات سوي)». وذكر أن «السائد في الغالبية العظمى من الكتب العربية المترجمة للفرنسية، هو تلقي دور النشر دعماً مالياً من وزارة الخارجية الفرنسية، بناءً على مقترحات من مديري المراكز الثقافية الفرنسية في بلدان عربية، لاسيما في مصر ولبنان، ولا يقدم هذا الدعم المالي إلا لروايات أو كتب يتم اختيارها من قبل هذه المراكز، أو توافق عليها عند تلقيها اقتراحات بها من قبل دار النشر الفرنسية».

وأضاف: «القاعدة هنا: (من يدفع هو من يختار). ولابد من التذكير والإشارة إلى أن ترجمة أوائل روايات نجيب محفوظ، أو إميل حبيبي، على سبيل المثال، لم تتم إلا بفضل الدعم المالي للناشر الذي قدمه معهد العالم العربي بباريس».

تويتر