أعمالها الأخيرة معروضة في «أيام غاليري» بعنوان «انهيار»

سما الشيبي.. حالة اللجوء هي التي صنعتني فنانة

صورة

تحت عنوان «انهيار»، قدمت الفنانة، سما الشيبي، مجموعة من أعمالها التصويرية والتركيبية في «أيام غاليري»، التي تستعرض فيها الجسد في تجاوزه للأماكن والأزمنة، ولاسيما في تناولها للهجرة والإنسان وارتباطه بالأرض.

الفنانة العراقية المقيمة في أميركا أكدت، خلال الحوار على هامش معرضها، أنه يصعب عليها تحديد مفهوم الهوية من خلال ربطها بالأرض، مشيرة إلى كون حالة الهجرة واللجوء هي التي جعلت منها فنانة.

سيرة فنية

ولدت الفنانة سما الشيبي في البصريةـ من أب عراقي وأم فلسطينية، وانتقلت إلى العيش في أميركا، وهي اليوم بروفسورة بجامعة أريزونا في الولايات المتحدة الأميركية لتدريس التصوير وفن الفيديو. اقتنيت أعمالها في مجموعات خاصة وفي المتاحف، ومنها متحف الفنون الجميلة في هيوستن، ومجموعة بارجيل في الشارقة، ومجموعة رامي فاروق، ومتحف الفنون المعاصرة والحديثة في تونس. وقدمت أعمالها في مجموعة من المعارض الفردية والجماعية، ومنها فينيسيا، وفيينا، وباريس، وأميركا، ولندن ودبي.

وحول المعرض، الذي يستمر في أيام غاليري حتى 14 يناير، قالت الفنانة الشيبي «أقدم من خلاله مجموعة من الأعمال التي تعكس الفكر المفاهيمي لمفهوم التكرار في الوقت، وهذه الأعمال تعود لسنوات طويلة، كما يحمل المعرض مشروع سلسلة، وهو عبارة عن فيديو وصور، وكذلك قدمت فيديو تصويرياً، وعملاً تركيبياً مؤلفاً من النحت والصوت والتصوير، ويقوم على التكرار في الوقت». ولفتت إلى أن الأعمال تحمل قضية الجسد وعلاقته مع الأرض بالاعتماد على الهوية، مشيرة إلى كون هويتها، التي هي عراقية وفلسطينية الأصل، تشكلت من هذا النسيج، ثم بعد ذلك تأثرت بتركها للعراق وعيشها في أميركا، ما جعل الهوية تعادل اللجوء في أعمالها، ولهذا تعكس ما يحدث في المجتمعات وما يشعر به المرء حيال المكان الذي ينتمي إليه.

أشارت الشيبي إلى أنها اختارت الأعمال التي تعود إلى حقب متعددة، ومنها التي قامت بها في المغرب وفي الشرق الأوسط. أما اعتمادها على التركيب في المعرض، ومنها عمل الذبابة التي تحمل الهيكل الخاص بالإنسان وأجنحة الذبابة، فقد لفتت إلى أنه أتى نتيجة سعيها الدائم إلى استخدام الاستعارة في العمل، فيصبح العمل قابلاً للتأويل، مشيرة إلى أن مفهوم الهجرة يقابل مفهوم الطيران لديها، بينما دلت الأعمدة، التي تحيط بالذبابة، على النبات، فهي تمثل الذكريات لأشياء لم تعد موجودة.

هذه الهجرة وتركها لبلدها كانا سبب دخولها الفن، حيث أشارت الشيبي إلى أن فنها هو نتيجة الحياة التي عاشتها، وأن الحياة في أميركا مع المزيج العراقي - الفلسطيني، تحمل الكثير من الصعاب، فهناك الكثير من الاختلاط في الهويات، وهذا الصراع بين كل الهويات يطفو على السطح وينعكس على الشخصية، ولهذا فالجسد لا يغيب عن أعمالها. وأضافت «اضطررت إلى العمل بشكل غير قانوني، وواجهت الكثير من الأمور التي أثرت في أعمالي، ولهذا كنت أطرح دائماً السؤال حول تأثير الانتماء والهوية في المرء وعمله والوضع الذي يعيشه». وحول الهويات المتعددة التي تحملها، لفتت إلى أنها تجمع الهويات الثلاث، وهي الفلسطينية والعراقية والأميركية، فهي كل هذا المزيج، وليست واحدة بحد ذاتها، فهذا المزيج الذي يحمله اللاجئ هو الذي يجعله غير قادر على الشعور بالانتماء إلى مكان محدد، منوهة بأنها تعمل كما لو أن العمل شعر مرئي، ولهذا تعدد الطبقات في العمل، وتضع الكثير من علامات الاستفهام، والأجوبة، وتؤمن بأن هناك مساحة في العمل الفني تترك للمتلقي أيضاً. أما فكرة الحرية، فهي من الأشياء الأساسية في عملها، معتبرة أن كل الناس يستحقون الحياة الكريمة، وإن بدأ الحديث عنه يأخذ الطابع الإنساني، لكن ليس هناك من ضرورة للحروب والقتل بسبب المصالح، مشيرة إلى أن ما تسعى إلى إيصاله، هو أنه من الممكن أن يكون الإنسان أسيراً، ولكن الفكر لا يصلح للأسر، فالروح هي ملك للإنسان وحده، وهنا نعود إلى الأرض التي تجمع الإنسان وروحه. واعتبرت الشيبي الترابط بين الأرض والهوية من الأمور التي يصعب الإجابة عنها، مشيرة إلى أنها حين زارت فلسطين للمرة الأولى شعرت بالانتماء للمكان، فبدت كما لو أنها تحمل ذاكرة المكان، معللة الأمر باحتمالية سماع الكثير من الكلام عن المكان من أمها الفلسطينية، ولافتة إلى أن الهوية تأتي من أماكن متعددة ومصادر متنوعة.

واعتبرت الشيبي التاريخ هو ما يغربل الأعمال، فيترك المميز، منوهة بأنه ليس من الضروري أن يؤخذ الفن بشكل جدي، أو أن يحمل القضايا السياسية أو الحياتية، ولكن لابد من أن يعيش المرء من أجلها. أما الميزة الأساسية للفنان فهي الحقيقية، إذ يجب أن يكون الفنان حقيقياً مع فنه، وأن يدرك ما بداخله. أما العرض في دبي فرأته مميزاً لخصوصية المدينة التي تحتضن الكثير من محبي الفنون، وكذلك الهوية الخاصة، ولاسيما في مجال الفن.

تعمل الشيبي على التصوير بشكل أساسي، ورأت أن التصوير يتداخل مع الكثير من الأعمال في هذا العصر، حيث تستخدم الكثير من الوسائط إلى جانب التصوير، ومنها الأعمال التركيبية والفيديو آرت، ولاسيما في الفن المفاهيمي الذي تعمل به وتدرسه أيضاً. ولفتت إلى أنه على المتلقي أن يأخذ وقته في فهم الفن المفاهيمي، وليس أن يرفضه بشكل مباشر، فلابد من استيعاب الفن، ولاسيما أنه ليس هناك من صح وخطأ في الفن، فهو يعتمد على مداخلة الملتقي، ولكن إن أرادوا أن يفهموا تحديداً مفهوم العمل فلابد من السؤال، لأن ما هو مهم في العمل هو الجمال وليس القصة أو المعنى بشكل دقيق. ورأت انه لابد من أخذ الكثير من الوقت، فالفن لا يجب أن يكون سراً، بل يجب أن يكون مفهوماً للمتلقي، ولابد من وجود دلالات ما، معتبرة أنه يصعب وضع الصيغة المباشرة في الفن، لأنه حتى الكلمات تحمل المفهوم والدلالة أيضاً، وليس هناك من ثبات في المفهوم والمعنى بشكل دقيق، فأحياناً تحمل المفردة الواحدة تأويلات عديدة.

تويتر