تناولت قضايا اجتماعية في «العفشة مون آمور» بدبي

وجيهة الجندوبي.. المسرح يستعيد جمهوره

صورة

بعد عامين على تقديمها في تونس، قدمت الممثلة المسرحية التونسية وجيهة الجندوبي، عرضها المسرحي «العفشة مون آمور» في دبي، أخيراً، بعد أن قدمته في باريس أيضاً. وجاء عمل الجندوبي المسرحي بأسلوب عرض الممثل الواحد، وسلطت الضوء من خلال المسرحية على قضايا المجتمع التونسي، ولامست همومه وما يؤرقه في تفاصيله اليومية، لتحاكي من خلاله أيضاً قضايا وهموم الوطن العربي ككل. وحدثتنا على هامش المسرحية عن العمل، وكذلك عن همومها المسرحية، مؤكدة أن المسرح بدأ يستعيد جمهوره في الآونة الأخيرة، خصوصاً من خلال الكوميديا التي قربت الناس من المسرح بسبب البؤس والألم.

مكاسب الثورة

لفتت الممثلة التونسية وجيهة الجندوبي إلى أن المكاسب التي حصل عليها المسرح من خلال الثورات تكمن في الحرية، التي منحتهم القدرة على تسمية الأشياء بأسمائها. وشددت على أنها حين تنتقد في أعمالها ولا تسمي الشخصيات بالأسماء، بل تتحدث عن ظواهر، وقضايا، وتتجه الى العمق في العرض. واعتبرت الرسالة الأساسية التي تحملها تكمن في توعية الجمهور، وليس في إضحاك الناس وحسب.

وقالت الجندوبي عن المسرحية، إن «مضمون المسرحية يتجلى من العنوان، فهي كوميدية تقوم على الممثل الواحد، والمقصود بـ(العفشة مون آمور)، المرأة غير الجميلة ولكننا نحبها، وما عنيت به من خلال العنوان، هو تونس بعد الثورة، خصوصاً أننا شهدنا بعض الظواهر الحديثة علينا التي لم نعهدها في السابق، ولكن نبقى نحب بلادنا». وأضافت «أعالج في المسرحية مجموعة من القضايا القاسية، واستخدمت الكوميديا السوداء بسبب قسوة القضايا التي أتناولها، فالكوميديا تخفف من وطأتها، ولهذا ابتعدت عن المباشرة، ولجأت الى الرمزية التي تدخل المشاهد في اللعبة المسرحية». وأشارت الى تنوع الموضوعات التي تطرح من خلال الأنثى التي تعاني اضطراباً هرمونياً أفرز لها الكثير من الشعر على الجسم، فحاولت التداوي من خلال جهات متعددة، فتبدأ مع طبيب الجلد، ثم المزينة كي تزيل الشعر، وبعدها الطبيب النفسي، وفي كل مكان يطرح موضوع معين، منها البطالة، والمتخرجون من دون عمل، وأصحاب السلطة وما يقدمونه للبلد، والتطرف الديني، والهجرة السرية، بينما تختتم من خلال حلم، وهو أن يزهر البلد وتحل مشكلاته. الشخصية في المسرحية لا تحمل اسماً، فهي أعمق من أن تكون مجرد شخص، بينما يتفاعل الجمهور مع هذا العمق بسهولة، ولفتت الممثلة التونسية الى أن المسرحية تقدم للسنة الثالثة، وذلك بسبب نجاحها وتفاعل الناس مع الموضوعات الخاصة بها، خصوصاً انها تتخطى التونسي وتصل الى الجمهور العربي كله، لأن التونسي يتقاسم مع العربي المشكلات نفسها، واعتبرت ان طرح هذه الموضوعات حساس وخطير.

يواجه الممثل الواحد على المسرح الكثير من التحديات، ووصفت الجندوبي هذا النوع من العروض، بكونه الأصعب لأن المرء في مواجهة الجمهور وحده، وليس له الحق في الخطأ، وبالتالي يصعب إيصال الإحساس، وهنا تكمن أهمية المسرح بصفة عامة، منوهة الى أن العرض يلزم الجمهور بالتفاعل، وأحياناً قد يفتح الممثل قوساً من خلال كلمة من الجمهور ثم يعود الى سياق العرض والنص. وأضافت «هذا المسرح الذي أقدمه ينتمي الى المونودراما، كونها عملاً مسرحياً له بداية وحبكة ونهاية»، معتبرة العمل فرصة للجمهور كي يفرغ التعب، مشيرة الى كونه يتقاطع مع الستاند اب كوميدي من حيث الشكل من بعيد، ولكن من حيث التركيبة المسرحية هناك اختلاف، لاسيما من حيث الالتزام بالنص. أما كتابة الممثل للنص، فيضع الممثل في صفة الحامل للنص، لأن المسرح ليس كالسينما والتلفزيون، فهو فن حي يتغير بتغيير المكان، فالممثل أحياناً لا يكون سعيداً، لذا هو يتغير ويتبدل، ومع العروض يضيف الممثل على النص. ورفضت تمييزها بكونها امرأة وتقدم هذا النوع من العروض، معتبرة أن التمييز غير جائز، لأنها تبرهن نفسها كإنسانة وليس كامرأة.

ولفتت الى أن المسرح يبحث عن صورة جديدة على مستوى النص والمشهد، فهناك تداخل للفنون الأخرى في المسرح، فنرى الفيديو والانارة، وهناك تركيز على الصورة، وليس على النص بحد ذاته، وهذا يجعل الصورة ذات أولوية، الأمر الذي يسهم في إقناع المشاهد، فالصورة وإن كانت ناتجة عن ديكور خفيف واضاءة مميزة، وكذلك الموسيقى، كلها من الأمور التي تزيد من نجاح العمل المسرحي.

ورأت الجندوبي أن هناك عودة للمسرح، مؤكدة أن المسرح لا يدخل البيت، فهو يتطلب شراء تذكرة، وهذا ما يجعله صاحب هيبة، وقد مرت تونس في مرحلة هجر فيها الجمهور المسرح، خصوصاً بسبب الموضوعات المطروحة، ولكن تناول القضايا الحياتية والسياسية الآن جذب الناس للمسرح، خصوصاً أن السياسة باتت خبزنا اليومي، فالمسرح اليوم مشى للجمهور، وبات عاكساً لحكاياته ومشكلاته، بينما الكوميديا هي التي قربت المشاهد للمسرح، وهذا نتيجة البؤس والألم، فالعربي يبحث عن المتنفس، ويضحك على مشكلاته ونفسه، فالشعب العربي ملّ من الوجع والألم، وبالتالي لابد للمبدعين من تقديم رسالة توعوية وترفيهية.

 

 

 

تويتر