تنظمه «أبوظبي للسياحة والثقافة» في «منارة السعديات»

«قصص من اللوفر» يحتفي بالقلم والكلمة والمخطوطات

صورة

«القلم» وما ارتبط به من فنون الكلمة والخط، هو مضمون المعرض الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وافتتح صباح أمس، في منارة السعديات بأبوظبي. ويُعد المعرض الذي يحمل عنوان «قصص من اللوفر: القلم»، الجزء الأول من معرض «قصص من اللوفر أبوظبي»، حيث من المقرر أن يُقام معرض آخر في الفترة من 28 يوليو ولغاية 30 أغسطس 2015، بعنوان «قصص من اللوفر أبوظبي: صور خالدة»، ويضم كل منهما مجموعة من أحدث الأعمال التي ضمّها متحف اللوفر أبوظبي أخيراً إلى مجموعة مقتنياته.

مقتنيات متنامية

تضم مجموعة مقتنيات متحف اللوفر أبوظبي أكثر من 500 عمل فني يُضاف إليها في السنة الأولى من الافتتاح نحو 300 عمل فني مُعار من مؤسسات ثقافية فرنسية. وسيتبنى المتحف طريقة عرض مبتكرة تختلف تماماً عن الطرق التقليدية المتبعة لتصنيف الأعمال الفنية والقطع الأثرية بحسب الأصول الجغرافية أو التسلسل الزمني التقليدي لتاريخ الفن. وبدلاً من ذلك، سيعرض متحف اللوفر أبوظبي الأعمال الفنية من مختلف الثقافات والحضارات جنباً إلى جنب لتسليط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف في طريقة تناول الموضوعات المشتركة.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/06/328722.jpg

يضم معرض «قصص من اللوفر: القلم» الذي يستمر حتى 25 يوليو المقبل، مجموعة قطع فنية بارزة من مختلف حضارات العالم القديم، من أبرزها «صورة من الفيوم» التي تعد واحدة من سلسلة كبيرة من الأعمال الفنية الشهيرة التي تعرف باسم «وجوه الفيوم»، والتي تم اكتشافها في مدينة الفيوم المصرية، التي تقع جنوب الدلتا، ويصل عدد اللوحات التي تضمها 1000 لوحة تقريباً، وجميعها لوحات جنائزية وهي لوحات واقعية للشخصيات رسمت على توابيت مومياوات مصرية خلال الوجود الروماني في مصر، 225-250 ميلادي، وتم فيها الرسم والطلاء على لوحات خشبية بشكل كلاسيكي، ما يجعل هذه السلسلة من أجمل الرسوم في فن الرسم الكلاسيكي العالمي. وتتميز هذه المجموعة بأنها تعكس تأثر الفن الفرعوني في تلك الفترة بالفن الإغريقي- الروماني، وهو ما يظهر في تفاصيل اللوحات والتعابير البادية على الوجوه بوضوح، وفي الملابس وغيرها من التفاصيل. وأهم ما يميز اللوحة، والسلسلة كلها، احتفاظها بحالتها، حتى إن الألوان تبدو كأنها لم تجف بعد.

من المقتنيات التي يتضمنها المعرض، صفحة من مخطوطة للقرآن الكريم بالخط الكوفي، تعود إلى منطقة الشرق الأدنى أو شمال إفريقيا خلال العصر العباسي، أواخر القرن التاسع الميلادي، وهي مصنوعة من حبر وماء الذهب على برشمان. وهي صفحة مأخوذة من إحدى أفخر مخطوطات القرآن الكريم التي تعود للعصر العباسي، وتظهر المهارات الفنية من خلال استخدام تقنية المشق ورسم الزخارف المتشابكة المرسومة بالذهب التي تحاكي الزخارف الدقيقة للمشغولات الذهبية.

ومن العصر العباسي أيضاً، يضم المعرض صفحتين من القرآن الكريم بالخط الكوفي، تعودان إلى أواخر القرن التاسع الميلادي، وخطتا في الشرق الأدنى أو شمال إفريقيا، بالحبر وماء الذهب على برشمان. وتظهر في الصفحتين آيات من سورة القلم، حيث تم إبراز أحرف المد بالنقاط الحمراء، بينما تم تحديد الفواصل بين الآيات بنقاط ذهبية على شكل مثلث، كما استخدمت فيها تقنية المشق في تشكيل الكلمات، حيث يتم مد الحروف أفقياً على برشمان مستطيل الشكل، وهو الأسلوب المميز الذي كان سائداً في ذلك العصر.

ومن العصر العثماني، تُعرض صفحتان مصورتان من سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، تعودان إلى تركيا وتحديداً إسطنبول، نحو 1003 هجرية/ 1594 -1595 ميلادية، واستخدم فيها غواش وحبر وماء الذهب على ورق. وتشكل الصفحتان جزءاً من كتاب يسرد سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي تم إعداده بناءً على طلب السلطان العثماني مراد الثالث لتعليم أبنائه، وتوثّق الصفحتان من خلال الرسم حدثاً مهماً وقع خلال إحدى المعارك التي خاضها الرسول محمد مع قبائل مكة المكرمة. وكتب على الوجه الآخر للصفحتين أسماء الأشخاص الذين تظهر رسومهم في المشهد.

ومن الهند الشرقية، يضم المعرض مخطوطة نادرة كتبت فيها «سوترا الحكمة الكاملة» على سُعف نخيل الكوريفا الطويلة والنحيلة، المجمعة في حزم، ومكونة من 218 صفحة مكتوبة باللغة السنسكريتية التي تضم أربعة ملفات مضيئة بشخصيات مقدسة، بما يجعل المخطوطة المؤرخة بـ1191 ميلادية، مثالاً مهماً ونادراً للمخطوطات المزخرفة التي تعود إلى أديرة الهند الشرقية.

ومن الهند أيضاً، عرضت صفحة ثنائية من ألبوم «بوليير»، وهي تنتمي إلى مدرسة لكنو، 1195 هجرية، نحو 1780 ميلادية، وكتبت بالغواش وحبر وماء ذهب على ورق. وتعود هذه الصفحة ثنائية الوجه إلى الألبوم الذي جمعه الكولونيل أنتونيو لويس هنري دي بوليير (1741-1795)، يصور أحد وجهي الصفحة ثلاث لوحات فنية مخطوطة بالأحرف العربية تحيط بلوحة كبيرة تحتوي على أبيات من قصيدة غزلية موقعة باسم محمد علي ومحمد إبراهيم، ويصور الوجه الآخر «زنانة» (الجناح الخاص بالنساء)، تضم عناصر مستوحاة من الفنون المعمارية لبلاد فارس وحديقة غنّاء.

كذلك تضم المقتنيات مخطوطة باللغة الفرنسية من كتاب «مُختار الحكم ومحاسن الكلم»، تعود إلى فرنسا، نحو 1460 ميلادية، وتمثل أول ترجمة إلى اللغة الفرنسية لكتاب «مختار الحكم ومحاسن الكلم» الذي ألفه الحكيم والطبيب العربي المبشر بن فاتك. ويحمل هذا الكتاب بين طياته سيراً ذاتية وحكم أعظم علماء وفلاسفة اليونان القديمة التي دُرست وطُورت في العالم العربي.

يأتي معرض «قصص من اللوفر أبوظبي» في إطار رؤية الهيئة الرامية إلى تعزيز المشاركة المجتمعية في عملية بناء وتطوير متحف اللوفر أبوظبي، وتعريف الجمهور إلى أحدث الأعمال الفنية التي تضاف إلى مجموعة مقتنيات المتحف الدائمة قبيل افتتاحه.

تويتر