عبدالله بن زايد حضر جانباً من الأمسية

العميمي يوقّع « الصفحة 79 من مذكراتي »

عبدالله بن زايد فاجأ الجمهور بحضوره ومتابعته الأمسية. تصوير: إريك أرازاس

خرجت أمسية توقيع القاص والباحث سلطان العميمي لكتابه الجديد «الصفحة 79 من مذكراتي»، عن الشكل التقليدي لحفلات توقيع الكتب والندوات، لتتحول إلى صالون ثقافي تفاعلي تبادل فيه الحضور النقاش ليس فقط حول الكتاب الجديد الصادر حديثاً عن دار كتاب للنشر، ولكن حول العديد من الموضوعات والقضايا المطروحة على الساحة العربية حالياً، بينما تمثلت المفاجأة في الأمسية في حضور سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، ومتابعته لجانب من فعاليات الامسية التي اقيمت مساء أول من أمس في ارابيا كافية الثقافي بأبوظبي.

وحول الكتاب الذي يمثل التجربة القصصية الأولى له في مجال القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً، أوضح العميمي ان كتاباته الأدبية تسعى دائماً لطرح اسئلة وإثارة فضول القارئ، ومن هنا كان اختياره لعنوان المجموعة «الصفحة 79 من مذكراتي»، الذي يدفع القارئ للبحث واكتشاف ما يرمز إليه، وما يمكن ان تعنيه هذه الصفحة للكاتب. أيضاً الاهداء الذي تصدر الكتاب والذي يهديه «إلى أمل السنوات السبع»، دون تفسير أو تحديد، تنطبق عليه النزعة نفسها نحو الغموض. مشيراً إلى انه في كثير من قصصه يتعمد عدم تقديم اجابات للتساؤلات التي يثيرها في العمل، وأن يترك القصة مفتوحة مفسحاً المجال أمام القارئ ليشاركه كتابة القصة وتوقع احداثها.

كتابة مفتوحة

وقال العميمي «الكتابة والقراءة بالنسبة لي هي مرادف لطرح اسئلة، وعندما أتأمل قراءاتي أجد ان ما ثبت في ذاكرتي حتى الآن الكتب والاعمال التي تثير الفضول والاسئلة في ذهني، مثل كتابات الشاعر الاماراتي الكبير الماجدي بن ظاهر، التي مازالت ثابتة في وعيي حتى الآن لأنها تطرح الكثير من التساؤلات، اما الاعمال التي تفتقد هذه السمة فلا ترضيني، ونادراً ما تبقى في ذاكرتي».

وأشار العميمي إلى ان جنس القصة القصيرة جداً، الذي قدمه في مجموعته، قد يعد جديداً في العالم العربي، لكنه قديم في العالم حيث يعود إلى ما يقرب من 50 عاماً، ومن بين الكتاب الذين قدموه الكاتب العالمي آرنست همنجواي. معتبراً ان تصنيف الجنس الأدبي للكتابة الإبداعية لا يعتمد فقط على عدد الكلمات او الصفحات التي يتكون منها، فقد تكون هناك قصة لا تزيد على ثلاث كلمات، ورغم ذلك تتوافر فيها مقومات القصة من مقدمة ومتن وخاتمة. لافتاً إلى ان التكثيف الشديد هو قوام القصة القصيرة جداً، التي تستطيع في كلمات معدودة ان تعبر عن حكاية متكاملة، لكنها في الوقت نفسه تختلف عن (التغريدات) التي تستخدم على موقع تويتر، والتي تعتمد هي أيضا على الاختزال والتكثيف. مشيراً إلى ان القصة القصيرة جداً قد تتشابه مع قصيدة النثر في ما تتضمنه من شعرية اللغة.

وأرجع سلطان العميمي النهايات المفتوحة التي تميز مجموعته القصصية إلى اقتناعه بأن نهاية القصة إذا لم تحقق صدمة للقارئ، أو ان تغريه بالمشاركة في تخيل نهاية لها، وقتها يكون، ككاتب، قد عجز عن الوصول إلى المتلقي بالطريقة التي يطمح إليها. مضيفاً «أحب ان أجر القارئ معي في خط سير ليكتشف في نهاية القصة ان هناك ثمة خط سير آخر قد يختلف تماماً، وأحياناً ألجأ إلى النهاية المفتوحة لخلق حالة دائمة من التساؤل لدى المتلقي، وبشكل عام أميل إلى ممارسة اللعب باللغة ومعانيها ومرادفاتها أكثر من اللعب بالأحداث في القصة».

وذكر العميمي الذي قدم من قبل عددا من الإصدارات تصب في معظمها في خانة الأبحاث والدراسات، ان لديه تجربة فاشلة مع كتابة الرواية، تزامنت مع فترة صعبة مر بها كان والده طريح الفراش فيها، قام خلالها بكتابة رواية، لكنه لم ينشرها. معتبراً ان القراءة المتواصلة هي الوسيلة الأبرز امام الكاتب لصقل موهبته، ولذا اعتاد قضاء ساعتين يومياً في القراءة. مشدداً على ان المواقع الالكترونية مثل «تويتر» وغيره ليست مصادر للقراءة، ولا يمكن ان تغني عن الكتب.

ربيع ثقافي

من جانبه، قال الناشر والإعلامي جمال الشحي صاحب «دار كتاب للنشر» إن الإمارات ومنطقة الخليج حالياً تعيش مرحلة «ربيع ثقافي»، وهو ما لمسه من خلال عمله كناشر عبر العديد من الطلبات التي يتلقاها من كتاب إماراتيين لنشر ما لديهم من اعمال. مشيراً إلى ان هناك نقصاً كبيراً في دور النشر في الدولة، وأن هناك الكثير من الآليات المساعدة لعمل الكاتب والناشر غير متوافرة مثل مسؤولي التحرير، والوكيل الأدبي الذي يقوم بدور الوسيط بين الناشر والمؤلف، وهو ما يجعل صناعة النشر مجالاً واعداً لمن يتجه للعمل فيه. وأشار الشحي إلى انه تلقى الكثير من التعليقات من نقاد حول تصنيف مجموعة «الصفحة 79 من مذكراتي» باعتبارها قصصاً قصيرة جداً، رغم ميلها إلى طابع القصائد النثرية، كما تلقى العديد من الكتابات التي يعتبرها أصحابها قصصاً قصيرة جداً، بينما هي لا تزيد على كونها «تغريدات» تشبه تلك التي تستخدم على موقع «تويتر»، وهو ما يشير إلى ان هناك ارتباكاً في التصنيفات الأدبية، أو انه لا توجد معايير صارمة يمكن تطبيقها. معبراً عن سعادته بأن دار الكاتب للنشر لديها قائمة تضم ما يقرب من 25 كاتباً إماراتياً تصدر لهم أعمالهم. وأوضح الشحي رفضه التعامل مع الكتاب وفقاً للأسلوب الذي يتبعه عدد كبير من دور النشر، والذي يقوم على ان يدفع المؤلف قيمة إصدار كتابه. لافتاً إلى ان اختيار الكتب التي يطبعها يتم وفقاً لمعايير معينة من اهمها جودة الكتاب ومضمونه.

الأبيض والأسود

في مداخلة له، أكد الإعلامي السعودي د.سليمان الهتلان، أن «ربيع الكتابة والإبداع» الذي تشهده منطقة الخليج في الوقت الحالي يجب ان يكون محفزاً لتشجيع مناخ الكتابة في مجتمعاتها، والعمل على نشر ثقافة الحوار والتنوع، فلابد ان تختفي النظرة للأمور وفقاً لنظرية الأبيض والأسود. موضحاً انه من الصعب تقييم تجربة الكتابة في الإمارات بشكل كامل. كما اعتبر مجموعة «الصفحة 79 من مذكراتي» تمثل مفاجأة بالنسبة له، لما تقدمه من وجه مختلف للعميمي كقاص، بعيداً عن الوصف المعروف به كباحث ومهتم بالتراث. أتخلل الأمسية قراءات قصصية مختارة للمؤلف من مجموعته «الصفحة 79 من مذكراتي»، ومجموعته المقبلة التي يعمل على اصدارها في وقت لاحق، وأعقب ذلك توقيعه المجموعة.

تويتر