أستادي تدرّب 10 أيام لبطولتها بعد استبعاد حسن يوسـف لشرط السن

«المسرحية» الإماراتـية تُبهر جمهور «الشباب الخليجي» فـي قطر

إبراهيم أستادي وبدور أثناء عرض «المسرحية» على خشبة مسرح قطـــــــــــــــــــــــــــــــــــر القومي. الإمارات اليوم

لم يكن اختيار مسرحية «المسرحية» عشوائياً لتكون عرض الليلة الافتتاحية لمهرجان المسرح الخليجي للشباب في دورته التاسعة التي انطلقت مساء أول من أمس، على خشبة مسرح قطر القومي بالدوحة، وحظي العرض الإماراتي بإشادات واسعة فور ختامه حسب شهادات متواترة من الوفد الإماراتي الذي تواصل هاتفياً مع «الإمارات اليوم».

وقال بطل العمل الذي قام بالدور الرئيس في العرض الفنان إبراهيم أستادي الذي حصل على إجازة من عمله الإذاعي بقناة «نور دبي» من أجل مرافقة الوفد بعد استبعاد الفنان حسن يوسف من أداء الدور بسبب تفاوت شرط السن بين مهرجان دبي لمسرح الشباب والمهرجان الخليجي، «عودتني المشاركات المهرجانية أن استقبال الجمهور واحتفاءه بأسرة العمل بعد عرضه مباشرة مؤشر مهم إلى قيمته الفنية، ودلالة على أن العمل المسرحي مرشح لأن ينافس على جوائز المهرجان، لاسيما أن الإشادة بنضج العمل وفرادته لم تكن مقتصرة على الجمهور أو حتى الفنانين المخضرمين، بل إن زملاءنا في الوفود المنافسة بادروا الى تهنئتنا ونحن مازلنا على خشبة العرض فور إسدال الستار».

حسن يوسف

أكد أستادي الذي فاز قبل أقل من أسبوعين بجائزة أفضل ممثل في مهرجان دبي لمسرح الشباب في دورته الرابعة أن «العرض افتقد بطله الحقيقي الفنان حسن يوسف الذي كان أداؤه المميز أحد أسباب ترشيح العمل للوصول إلى قطر بعد حصوله على جائزة أفضل عمل متكامل في مهرجان دبي لمسرح الشباب في دورته الثالثة، لكنني اجتهدت في حدود الأيام الـ10 التي توافرت لي من أجل التدريب على الدور، بعد أن دعمني نفسياً وفنياً يوسف الذي رافقنا في الوفد بمهام مساعد المخرج».

العرض الذي شهدته خشبة مسرح قطر الوطني تفوق على نظيره الذي أقيم في ندوة الثقافة والعلوم منذ عام، وتابعته «الإمارات اليوم»، متوقعةً حينها جدارته بتمثيل الإمارات في المحافل الشبابية، حسب شهادات الوفد المشارك بالمهرجان الخليجي باسم الدولة، وهو ما رده أستادي إلى توافر مزيد من عوامل النجاح للعرض الأخير، خصوصاً في ما يتعلق بتوفير مساحة زمنية كافية لترتيب عناصر الديكور والإضاءة وتدريب الممثلين على خشبة العرض، مضيفاً «الديكور كان منجزاً قبل العرض بـ24 ساعة كاملة، ومن ثم الإضاءة، وإقامة بروفة كاملة في وقت مبكر من العرض، رغم أن أسرة المسرحية بالكامل انتابتها رهبة كبيرة مدفوعة بهواجس الرغبة الشديدة في التمثيل المشرّف للدولة، منذ أن وصلنا إلى قطر».

وأشاد الممثل الرئيس في المسرحية ايضاً بدور زميلته في العرض، الذي اقتصر على ممثلين اثنين فقط، الفنانة الشابة بدور ومساعدتها له في الإلمام بجوانب الدور، مضيفاً «المخرج مروان عبدالله صالح أيضاً ساعدني على فك الكثير من الشيفرات النفسية والعاطفية لتلك الشخصية التي أجمع زملاؤنا المسرحيون على وصفها بالمعقدة»، فيما وصف توجيهات رئيس الوفد الإماراتي الفنان حبيب غلوم، والمشرف العام على العمل الفنان عبدالله صالح بأنها «هي التي صهرت خبرة وطاقة الدراما المسرحية المخضرمة في أداء مسرحي شاب أمتع حضور مهرجان المسرح الخليجي في يومه الأول».

رهان رابح

مخرج العمل الفنان مروان عبدالله أثبت أنه رهان شبابي رابح في الإخراج، كما كان حلاً فنياً جاهزاً في التمثيل لدى مخرجين كثيرين في التلفزيون والمسرح، بل إن المتتبع لمعظم العروض الشبابية المتميزة يجد الكثير منها لا يخلو من اسم مروان الذي سبق وأخرج «عنمبر» قبل تمثيلها الإمارات في مهرجان المسرح العربي بالقاهرة، في حين قدم في مهرجان دبي لمسرح الشباب مسرحية «راح ملح» التي حظيت بإشادة من لجنة التحكيم في ما يتعلق بالإخراج، وفي الوقت الذي عكف مروان في التمارين المسرحية على التأكد من انسجام الأداء بين إبراهيم أستادي وبدور فإنه تخلص في قطر من شكواه الدائمة المتعلقة بضيق المساحة الزمنية بين التجهيز للعرض، والموعد المحدد لفتح الستار، لدرجة أنه ألح بشدة على اللجنة المنظمة لمهرجان دبي لمسرح الشباب لإيجاد حلول جذرية لهذه المعضلة العام المقبل.

الفنان القدير عبدالله صالح من جانبه صرح لـ«الإمارات اليوم» بأنه يتعمد دائماً عندما يتعامل مع طاقات شابة أن يظل دوره توجيهياً وإرشادياً أو بمعنى أدق استشارياً، من دون أن يتدخل بشكل ملحوظ في الأطروحات والرؤى الشبابية، مضيفاً «الرؤية الإخراجية أو الفنية تبدو مشوهة حال تنازعها بين أكثر من مخيلة أو مرجعية فنية، فما بالنا عندما يتعلق الأمر بمواهب شبابية لها حق المحاولة والاجتهاد والتجريب الذي يظل مشروعاً أن يحمل جديداً فنياً يصفق له منتمون إلى جيلهم وإلى أجيال سابقة لهم».

وتدور أحداث العمل الإماراتي المشارك بالمهرجان الخليجي حول مسرحية داخل مسرحية، يعيش فيها المتلقي والمبدع على الخشبة حالة تلاحم وجداني خاصة، يعري فيها الممثلان الوحيدان هموم المهنة وأرقها اليومي، لتنكشف الستارة الرئيسة للمسرح في لحظة الكشف المسرحي الأول عن مسرح آخر وستارة أخرى، ومساحة منزوية لاستبدال الملابس، ومجموعة من الكتب المصفوفة بنظام رتيب على جانب آخر، وحقيبة فنان تحتوي على أقنعة متلونة واكسسوارات متباينة تساعده على إقناع المشاهد بتلونات شخوصه، فيما يتسمر هو أمام مرآة عتيقة مستسلماً لفرشاة امرأة تضع على وجهه الماكياج الأنسب لشخصية اليوم.

تلك المساحة الزمنية في الكواليس بين الاستعداد للعرض والعرض نفسه رصدها المخرج من جوانب عدة اهتم فيها بفضح الدقائق النفسية المضطربة للممثل، بين العبقرية والجنون، الضحك والبكاء، الكراهية الشديدة والعشق إلى حد الوله، الاعتداد بالنفس والسخرية الموجعة من انتمائه للمسرح، وعدد هائل من الثنائيات التي دفع بها مروان، من دون أن ينسى الزج بنا في تضادات حسية أخرى، أحدها تعلق بعنصر الإضاءة التي تحولت في لحظة من شديدة الإبهار إلى كاملة العتمة في توقيت درامي مبرر.

ليس كل ما يربط المحتوى الدرامي للعمل ويميزه عن أعمال عالمية مشابهة، هو الإحالة لأسماء النجوم المساهمين في تأسيس المسرح المحلي، كما يمكن أن تشير قراءة اولى، بل إن مخرج العمل يرى أن ثمة تشابهاً بين كل فنان مسرحي إماراتي وبين ملامح بطله النفسية في لحظة الكشف وسقوط الأقنعة داخل الخشبة، وتصريح البطل بأنه ليس بطلاً أو بالأحرى ليس ممثلاً أو مخرجاً أو فنياً بل هو فقط «فرّاش المسرح» الذي اقترب من كل أسرار العمل المسرحي من دون أن يجرؤ على ممارسته، وقرأ كتباً تفصل فنيات كل المدارس المسرحية، من دون أن يتمكن من مجرد إبداء وجهة نظر فنية، يقدم الشاي والقهوة لمن يأمره، في حين أنه يمتلك، حسب اعتقاده، قدرات أكبر بكثير من المخرج والممثلين والأطقم الفنية جميعاً.

وبعد عرض مسرحية «الجبرة» البحرينية أمس، تُعرض مساء اليوم الأحد المسرحية السعودية «السنبوك»، يليها غداً عرض مسرحية «الليلة الحالكة» من سلطنة عمان، في حين خُصص يوم الثلاثاء للعرض القطري «أنا.. أنت.. إنسان»، ليكون العرض الختامي للمسرحية الكويتية «الحضانة»، على أن يكون الخميس حفل الختام وتوزيع الجوائز.

تويتر