‏‏

‏خصوصية «توفو» في ضيافة «كُتاب أبوظبي»‏

نايف عبيد: مترجم الشعر خائن. تصوير:إريك أرازاس

‏إشكالية ترجمة الشعر، والمأزق الذي يقع فيه المترجم خلال محاولته الحفاظ على مضمون النص وموسيقى الأبيات، فرضت نفسها على أجواء الأمسية التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي أول من أمس، وتحدث فيها الباحث الدكتور نايف عبيد، حول الشعر الصيني وبشكل خاص عن الشاعر توفو.

وأجمع الحضور خلال النقاش الذي شهدته الأمسية، وأداره د.سلمان كاصد، أن قصيدة النثر هي الشكل الأنسب لترجمة الشعر، حيث تسمح للمترجم بالحفاظ على روح النص والتحرر من السعي لإيجاد موسيقى أو وزن للأبيات، وهو ما قد يخل بالمضمون، معتبرين أن من أسباب تميز قصيدة النثر في العالم العربي، اتجاهها للاستفادة من الشعر الصوفي والشعر المترجم.

واتفق عبيد مع مقولة «أيها المترجم أيها الخائن»، معتبراً أن مترجم الشعر هو خائن بكل معنى الكلمة؛ «فلكل لغة دلالاتها، ولكل كلمة السياق الخاص بها، ولكن تأتي الترجمة كمحاولات أو تجارب، ولذلك أميل للتعامل معها كتعريب وليس ترجمة للنصوص الشعرية».

وحول الشاعر الصيني الشهير توفو، أوضح عبيد، عبر استعراضه لمقدمة الأستاذ في جامعة بكين الدكتور فنغ شيه، الذي قام بجمع ديوان توفو عام ،1962 أن الشاعر ينتمي إلى عصر أسرة تانغ (618-907)، وهو أزهى عصور الأدب والفن الصينيين، وكان أعظم شعراء ذلك العصر، «حيث لم يؤثر في الأدب الصيني فحسب، بل إنه حاز تقدير وإعجاب الكثيرين من محبي الشعر في العالم، ذلك أن قصائده تشكل تراثاً ثميناً للثقافة العالمية»، مشيراً إلى أن « قصائد توفو التي وصلت إلينا تقرب من 1400 قصيدة، في حين فُقد كثير منها خلال الزمن، وقام الأديب السوري الراحل سلامة عبيد بترجمة 47 من قصائد توفو عن اللغتين الانجليزية والفرنسية».

وتابع عبيد قائلا إن «شعر توفو نموذج للشعر الصيني التقليدي، وحبه لبلاده ولشعبه وإبداعه الفني الرائع، يمتزجان ليجعلا من قصائده انعكاساً حياً للحياة والفكر في عصره».

وفي حديثه عن الترجمة العربية لأشعار توفو استعار عبيد جانباً من مقدمة مترجم الديوان الأديب الراحل سلامة عبيد، وهو شقيق المتحدث، التي أشار فيها إلى أن بعض القصائد المعربة في الديوان تعتمد على «عمود الشعر» حسب الطريقة العربية التقليدية، وهو الأسلوب الذي استخدمه في حالات كان قابلا للتعبير عن الأصل بما يقرب من الدقة والصدق، وفي حالات أخرى اتجه المترجم لإطلاق القصيدة حرة بقدر الضرورة مع الحفاظ على الموسيقى التي يتحول الشعر عند تخطيها إلى نوع من النثر، مشيراً- أي المترجم- إلى حرصه على الالتزام قدر المستطاع بأصل القصيدة المترجمة من حيث الصورة واللفظ، لافتاً إلى أن «الشاعر رومانتيكي، رمزي أحياناً، إنه يوحي بأجواء لامارتين وهوغو، وبهذا يكون قد سبق هؤلاء في نظرته إلى الطبيعة والتعبير عن العواطف الذاتية الوجدانية بألف سنة. وفي بعض ومضات اخرى يذكر بابي نواس والخيام، خصوصاً في تمرده على المعتقدات السائدة في عصره».

وأشار عبيد في مقدمته إلى أن عصر توفو يقابل مطلع العصر العباسي، والملامح الاجتماعية في كلا العصرين متشابهة إجمالاً؛ امبراطورية منهكة في حروب داخلية وخارجية ومنازعات أهلية، وتسلط طبقي، متسائلاً «هل نجد بين شعراء العرب في ذلك العصر من عاش مع الشعب فغنى آلامه وآماله وأحلامه، وتغنى بمفاتن بلاده الطبيعية، وندد بالمساوئ الاجتماعية وبالحروب التوسعية؟».

 

تويتر