من أغلى المسلسلات في تاريخ الصناعة

«يلوستون» تحفة تلفزيونية أعادت «الكاوبوي» إلى الواجهة

صورة

ارتبطت كلمة «كاوبوي» بالهوية الأميركية، وهي ثقافة وأسلوب حياة بدأت من بداية القرن الـ19 وموجودة إلى اليوم في ولايات الوسط والشمال والجنوب الأميركي، كتصنيف فني تُسمى Western أو قصص الغرب الأميركي، والمقصود بالغرب أي ما يقع غرب نهر مسيسيبي.

ارتبطت هذه القصص بحملات توسع المهاجرين الأوروبيين لاستكشاف أراضي القارة الأميركية الشمالية وصولاً إلى كاليفورنيا وولايات الساحل الغربي لاستيطانها. معظم تلك القصص تتميز بطابع ملحمي وتغلفها أسطورة الإنسان الأبيض الذي قهر العرق الأميركي الأصلي واستولى على أراضيه.

اليوم وبالنسبة للجيل الأميركي الحالي المهووس بموجة التصويب السياسية wokeness فإن ثقافة «الكاوبوي» شيء من الماضي المخزي، وانتشرت ثقافة العار من «الكاوبوي» في فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما. لكن لا يمكن لأحد إنكار أن أسلوب الحياة هذا موجود، ومهما حاول اليساريون تشويه صورته والسخرية منه إلا أنه يبقى راسخاً داخل الوجدان الأميركي، خصوصاً لمن يعيش في تلك المناطق من أميركا.

من هنا يستقي مسلسل Yellowstone (يلوستون) موضوعه وأفكاره، فهو مسلسل «كاوبوي» حديث من تأليف وكتابة تيلر شيريدان، يطرح الأزمة الوجودية لأسلوب الحياة ذلك في وسط قصته المتمثلة في العجوز جون داتون (كيفن كوستنر) وعائلته المشتتة وصراعهم ضد العناصر المجاورة لحماية أرضهم الضخمة «مَربع يلوستون» في ولاية مونتانا.

تتكون عائلة داتون من ابنه ليي (ديف أنابيل) الأكثر إخلاصاً لوالده، وجيمي (ويس بينتلي) المحامي واسع الحيلة، وبيث (كيلي رايلي) الابنة الوحيدة لجون صاحبة اللسان السليط والفم القذر من كثرة استخدامها لأقذع الألفاظ وأسوأ الشتائم.

ثم يأتي الابن العاق كيسي (لوك غريمز) المحارب في الجيش الأميركي والذي يعيش مع زوجته مونيكا (كيلسي أسبيل) من السكان الأصليين في محمية مجاورة. الابن العاق هذا سيصبح أهم شخصية في القصة والأقرب لوالده. وبالطبع هناك زعيم عمال المزرعة ريب ويلر (كول هوزر).

مواسم

تدور أحداث الموسم الأول حول صراع عائلة داتون ضد زعيم المحمية الهندية المجاورة توماس رينووتر (جيل برمنغهام) الذي يؤمن بإمكانية عودة أراضي أجداده المسروقة - أي مَربع يلوستون نفسه - ويشن حرباً ضد داتون متحالفاً مع المطور العقاري دان جينكنز (داني هيوستن - ابن صانع الأفلام الأميركي الأسطورة جون هيوستن). يريد جينكنز الاستيلاء على أرض جون داتون لاستثمارها لخدمة السياحة في مونتانا.

أما أحداث الموسم الثاني فتقلب معادلة تحالفات الموسم الأول رأساً على عقب، إذ نرى أعداء الأمس متحالفين ضد العدو الجديد: الأخوان الشرسان مالكوم وتييل بيك (نيل مكدونوه) و(تيري سيربيكو). ديناميكية العلاقات بين شخصيات المسلسل تكون في منتهى الروعة في هذا الموسم تحديداً.

الموسم الثالث يضع عائلة داتون في مواجهة ضد المليشيا العنصرية البيضاء (نازيون جدد) في أحداث تتفجر آخر الموسم بانفجار قنبلة ومحاولة اغتيال متبوعة بمطاردة رهيبة تتوقف آخر الحلقة، وتستأنف في الموسم الرابع بمشهد إطلاق نار شديد يجعل المشاهد يتصبب عرقاً، وهو جالس على حافة كرسيه.

الموسم الخامس بطيء نوعاً ما، ويركز على فرد مساحات أكبر لشخصيات جانبية لكنه ينتهي بالتلميح بمواجهة بين جيمي ووالده. الحلقة الأخيرة من الموسم بثت في الأول من يناير هذا العام، وصرح المؤلف شيريدان أن المتبقي لديه ست حلقات فقط لإنهاء المسلسل ستبث في نوفمبر المقبل، لكن خرجت أنباء مؤكدة بخلاف بين نجم المسلسل كيفن كوستنر وشيريدان، جعلت الأول يغادر موقع التصوير ولم يعد قط.

أسباب الخلاف هي طريقة إنهاء المسلسل التي لم تعجب كوستنر وهو منتج تنفيذي للعمل، والذي صرح بأن شيردان لم يخبره أن الموسم الخامس هو الأخير. ومن حقه كبطل للقصة ونجم له باع طويل في أفلام «الكاوبوي» تحديداً أن يكون له رأي في تحديد مصير شخصيته.

مصاب بعقدة

شيريدان - حسب تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» - مصاب بعقدة الألوهية، أي إنه صاحب القرار الأول والأخير ولا يسمح لأحد بالتدخل في كتابته. كان شيريدان ممثلاً هامشياً في مسلسل Sons of Anarchy منذ 15 عاماً، ولم ينجح في التمثيل كثيراً فقرر دخول مجال الكتابة، وهنا بزغ نجمه، وظهرت موهبة غير عادية.

كتب شيريدان فيلم «سيكاريو» عام 2015 ثم «هيل أور هاي ووتر» في العام التالي وهو فيلم «كاوبوي» حقق نجاحاً كبيراً. ثم فيلم «ويند ريفر» 2017 وهو «كاوبوي» حديث كذلك كان تجربته الإخراجية الأولى، ثم الجزء الثاني من «سيكاريو: يوم الجندي» عام 2018 والذي تعرض لهجوم من الصحافة اليسارية لتطابق وجهة نظره مع توجهات الرئيس السابق دونالد ترامب، ما أثر على أدائه في شباك التذاكر.

في العام نفسه كتب شيريدان «يلوستون» وأخرج الحلقات الـ10 الأولى منه، وكانت نيته عدم الاستمرار، لكن النجاح المفاجئ للمسلسل جعله يغيّر رأيه، ويستمر في كتابة كل حرف منه حتى الحلقة الأخيرة.

جماهير غفيرة

عندما عرضت «باراماونت» على قناتها الكيبل الموسم الثالث من «يلوستون» بدأت إجراءات الإغلاق ضد فيروس «كورونا» في أميركا، تورطت «باراماونت» لعدم امتلاكها منصّة بث على الإنترنت مثل «نتفليكس»، وهي بحاجة إلى الوصول لجمهور تلك المنصّات، وهذه سوق لا يستهان بها تجلس «نتفليكس» على عرشها.

في تلك الأيام أعلنت «استوديوهات يونيفرسال» إطلاق منصتها على الإنترنت «بيكوك» و«باراماونت» بحاجة إلى عام كامل قبل الانتهاء من منصتها «باراماونت بلاس». اضطرت «باراماونت» إلى بيع حقوق المسلسل على «بيكوك» لتصل إلى ذلك الجمهور، و«يلوستون» في ذروته وهو الأعلى مشاهدة داخل أميركا.

في بداية 2021 كانت «باراماونت بلاس» جاهزة، لكن «بيكوك» حصلت على جماهير غفيرة وقعت في عشق «يلوستون» فرفضت إعادة المسلسل إلى «باراماونت» رغم عرض الأخيرة مبلغ تعويض.

يعد «يلوستون» من أغلى المسلسلات في تاريخ الصناعة؛ إذ بلغت ميزانية الموسم الواحد منه بين 200 و250 مليون دولار. وأما شيريدان فاشترى مربع خيول ضخماً في تكساس بـ340 مليون دولار.

• 200 و250 مليون دولار.. الكلفة التي تراوح بينها كل موسم من مواسم العمل.

• خرجت أنباء مؤكدة بخلاف بين نجم المسلسل كيفن كوستنر وشيريدان، جعلت الأول يغادر موقع التصوير ولم يعد قط.


قصتان تمهيديتان

كتب تيلر شيريدان مسلسلين إضافيين يشكلان قصتين تمهيديتين لـ«يلوستون» الأول يسمى «1883»، والثاني «1923»، الأول قصير 10 حلقات فقط يحكي قصة وصول عائلة داتون إلى مونتانا، وهو تحفة فنية تراجيدية لا تُنسى، والثاني وهو من بطولة هاريسون فورد وهيلين ميرين، ويحكي قصة الجيل التالي من عائلة داتون، الذي عاش قبل أحداث المسلسل الأصلي بقرن كامل، وهو الآخر تحفة فنية تم تجديده لموسم ثان.

تويتر