يستعير قصة فيلم «ذا نوتبوك»

«الرسالة الأخيرة من عشيقك».. الديكور والملابس وتسريحات الشعر تطغى على الرومانسية

صورة

لو كنت في مزاج يبحث عن أفلام مختلفة عما اعتدت مشاهدته، مزاج يبعدك عن الرعب المكرر، وعن الأكشن الممزوج بكوميديا سخيفة، أو فلنسمّه مزاجاً لأفلام لم تعد تُصنع في هذا الزمن.

لسنا في التسعينات ولسنا في العقد الأول من الألفية، عندما كانت أفلام كهذه تحتل صالات من دور العرض، ما يعكس التغير الكبير الذي طرأ على السينما والذوق العام في السنوات الـ10 الماضية بسبب «نتفليكس»!

إذا كنت في مزاج لدراما رومانسية مبتذلة، كما في مسلسلات الستينات والسبعينات، فستجد ضالتك في The Last Letter From Your Lover، «الرسالة الأخيرة من عشيقك» عنوان مبتذل لفيلم من إنتاجات «نتفليكس» الأصلية، لا يخلو من ابتذال لكنه مقبول جداً في هذه الحالة المزاجية.

كل عناصر مسلسلات «سوب أوبرا»، وهي المقصودة في الفقرة السابقة، موجودة: فقدان الذاكرة، رسائل حب مخبأة أو ضائعة تظهر للعشيقة، شخصية لا تعترف بالرومانسية تجد نفسها منبهرة من نقاوة الحب الخالص، أجواء وملابس الستينات تزين اللقطات، بطلة في منتهى الجمال حائرة بين زوجها الغني المنشغل عنها، وعشيقها الذي يعدها بحب لن تجد بعده حباً!

هناك قصتا حب في هذا الفيلم المقتبس من رواية جوجو موييس بالعنوان نفسه. في الزمن الحالي نرى إيلي (فيليستي جونز) صحافية لا تعترف بالرومانسية، تكلف بالكتابة عن محرر متوفّى، عليها في البداية أن تتجاوز العقبة الماثلة أمامها، وهي موظف أرشيف غير ودود يدعى روري (نبهان رضوان)، كي تصل إلى متعلقات المحرر المتوفى المؤرشفة، وهناك تجد مجموعة رسائل حب موجهة لشخص بحرف J، مرسلة من شخص باسم مستعار هو «بوت».

تقرأ إيلي الرسائل وتبدأ المشاهد الاسترجاعية بقصة جي أو جينيفر ستيرلنغ (شيلين وودلي) في عام 1965، فتاة من الطبقة المخملية تمضي إجازة الصيف مع زوجها لورانس (جو ألوين) في الريفييرا الفرنسية.

يصل مراسل صحيفة أجنبية، أنثوني أوهير (كالوم تيرنر)، ليكتب موضوعاً عن لورانس. يذهب لورانس في رحلة عمل مفاجئة ويترك زوجته وحدها مع الحاشية، تبدأ جينيفر مراسلة أنثوني بحرفها الأول، بينما هو يسمي نفسه بوت، وتنشأ بينهما علاقة رومانسية.

هناك نوعان من الابتذال، حسب خبرة كاتب هذه السطور، الأول ابتذال مسلسلات السبعينات مثل «دالاس» و«نوتس لاندنغ»، وهو مقبول إلى حد كبير حتى لمن يظن نفسه محصناً ضد الابتذال! هو مقبول لأنه وضع قواعد الابتذال الذي تربت عليه أجيال السبعينات والثمانينات.

ثم هناك ابتذال لا يطاق برع فيه المؤلف نيكولاس سباركس، الذي اقتبست منه هوليوود منذ التسعينات وحتى العقد الماضي، وهذا النوع من الابتذال الذي يجعل المشاهد المحصن يلعن اللحظة التي قرر فيها مشاهدة الفيلم!

هذا الفيلم يستعير عناصر من نوعي الابتذال المذكورين و يقدمها بشكل مقبول في القصة الثانية التي تدور أحداثها في رسائل الحب، لكنه يخفق بشكل كامل في القصة الأولى حيث أن ابتذالها غير مقنع أبدا للمشاهد المحصن.

وهكذا لدينا قصتان متشابكتان بينهما 56 عاماً، والفيلم ينتقل بينهما كلما تطورت إحداهما. تنشأ علاقة إيلي وروري من خلال بحثهما عن الرسائل المفقودة، وعما حدث لعاشقي الستينات. وكأننا نشاهد نسخة أخرى، ولن نقول محدثة، من فيلم The Notebook عام 2004 المقتبس من رواية نيكولاس سباركس.

التكرار في الفيلم يخدم غرضاً وحيداً، هو خلق موازاة أو انعكاس أحداث قصة الرسائل على علاقة إيلي وروري، فما يحدث هناك ينعكس هنا، أي أنهما يتأثران برومانسية الرسائل ويسعيان إلى إشعال فتيل الحب بينهما كما حدث مع نظيريهما منذ نصف قرن.

لكنّ هذا يسبب خللاً كبيراً في الفيلم، إذ إنه يضعه في قالب يعرض قصتين متشابهتين بالضبط من دون الانتباه لتفاصيل الفروق الصغيرة بينهما، مثلاً القصتان تبدآن بعداوة لا سبب لها، سوى أن قصص الحب التي تبدأ بخلاف أكثر إثارة من تلك التي تبدأ بشكل عادي، الشخصيات الأربع عانت تجارب سيئة في علاقات سابقة، والأربعة لا يعترفون بذلك والأربعة يشكّون في إمكانية وقوعهم في الحب مجدداً.

القصتان تحويان مشهد رقص العشيقين في ملهى ليلي، الذي يقودهما إلى إمضاء تلك الليلة معاً في وضعية الأزواج، لكن ما لم تنتبه إليه مخرجة الفيلم، أوغاستين فريزيل، أن القصتين والشخصيات الأربع غير مثيرة للاهتمام بالشكل الكافي، هي ليست سيئة لكننا لا نهتم كثيراً لها، خصوصاً إيلي وروري، لأن الرومانسية المشتعلة في قصة الرسائل أقوى بكثير مما يحدث في الوقت الحالي وتطغى عليه تماماً، وهذا ما يسبب خللاً كبيراً في نبرة وتوازن الفيلم.

رسائل الحب في منتهى الرومانسية لكنها ليست نوعية، الديكورات والملابس وتسريحة شعر وودلي رائعة، إلى درجة سرقة انتباه المشاهد عما تقوله أو تفعله الشخصيات في القصة الثانية، تسريحات وودلي وملابسها بشكل عام مستلهمة من أسلوب أناقة سيدة البيت الأبيض الأولى الراحلة، جاكي كينيدي.

هناك نقطة واحدة تستحق التأمل في هذا الفيلم، هي انتقاده بشكل إيحائي لعالمنا الذي يخلو من حميمية الرسائل المكتوبة بخط اليد، إذ يشعر المشاهد بنوع من الدفء العاطفي تجاه لقطات تعرض أوراقاً مكتوبة بحبر، تتقاطع مع لقطات رسائل نصية إلكترونية على شاشة هاتف إيلي، حيث ينقطع الدفء العاطفي فجأة، ويشعر المشاهد برغبة في العودة إلى الماضي الجميل.

• إذا كنت في مزاج لدراما رومانسية مبتذلة، كما في مسلسلات الستينات والسبعينات، فستجد ضالتك في هذا الفيلم.

• ما لم تنتبه إليه مخرجة الفيلم أن القصتين والشخصيات الأربع غير مثيرة للاهتمام بالشكل الكافي.

للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر