جيد على الورق.. ولا يصلح للشاشة
«ذا وومان إن ذا ويندو».. جو رايت يفقد السيطرة ويلتزم منطقة الأمان
فيلم The Woman in the Window، (المرأة في النافذة)، أسوأ فيلم على «نتفليكس» في النصف الأول من العام. هذا فيلم يريد أن يقول إنه في مصاف كلاسيكيات هوليوود إبان حقبتها الذهبية، وينتهي مثل أي فيلم بوليسي رديء.
أو كدجال يخبرك أن سراً سيكشف وسيصدمك ويجعلك لا تنام الليل من كثرة التفكير فيه، ثم تنتهي القصة كما يخمنها أي مشاهد وهو نائم.
الفيلم مقتبس من رواية أي جي فين وأخرجه الإنجليزي جو رايت، ويبدو كأنه إعادة من فيلم «النافذة الخلفية» للأسطورة ألفريد هيتشكوك. ثم يتحوّل إلى فيلم Gaslight الشهير لجورج كوكر 1944، ومن هناك إلى فيلم Witness to Murder لوري رولاند 1954، قبل أن يتغير مساره ويصل إلى ذروة مبتذلة لا علاقة لها بما شاهدناه.
اقتباس تريسي ليتس ملتزم بأحداث الرواية، لكن هذا مثال لقصة جيدة على الورق ولا تصلح للشاشة. تتصدر آنا فوكس (إيمي آدمز) أحداث القصة، هي طبيبة نفسية للأطفال مصابة برهاب الخروج من المنزل وتحبس نفسها في بيتها الواقع بمنهاتن في نيويورك.
تتعاطى آنا الأدوية التي إذا خلطت بالمشروبات الكحولية تجعل المريض يهلوس ويرى أشياءً لا وجود لها. تمضي آنا وقتها في مشاهدة أفلام كلاسيكية بالأبيض والأسود، وتتحدث مع زوجها (آنثوني ماكي) وابنتها (ماريا بوزمان) بالهاتف، وتتجسس على جيرانها من خلال النافذة.
طبعا لا تزورها غريس كيلي، كما يحدث مع جيمس ستيوارت في «النافذة الخلفية»، إنما زائرها هو طبيبها النفسي ديفيد (وايات راسل) الذي يسكن الطابق السفلي.
تبدأ الأحداث عندما تنتقل عائلة راسل إلى الشقة في البناية المقابلة. عائلة راسل متوترة مؤلفة من زوج مهيمن اسمه أليستير (غاري أولدمان)، وزوجته الصريحة جين (جوليان مور) التي تزور آنا للتضامن معها عندما تتعرض لهجوم من قبل أطفال الحي.
إضافة إلى ابنهما غريب الأطوار المراهق إيثان (فريد هتشنغر). تتوطد علاقة آنا بجين وبعدها بفترة بسيطة تشهد الأولى مقتل الثانية من خلال النافذة. تتصل آنا بالشرطة، لكن لا المفتش ليتل (برايان تايري هنري)، ولا المفتشة نوريلي (جينين سيراليز) يصدقان قصتها، خصوصاً عندما تظهر جين (تجسدها في الظهور الثاني جينيفر جيسن لي) حية ترزق.
هل نرى الحقيقة أم هلوسات آنا المحبوسة في بيتها من تلقاء نفسها، التي من المحتمل أنها تتوهم بسبب طول فترة بقائها في المنزل نتيجة رهاب الخروج.
أخرج جو رايت سابقاً Atonement وPride Prejudice وكلاهما بطولة كيرا نايتلي. لا يسيطر رايت على الفيلم، خصوصاً في جزء الوسط البطيء، ولا يتردد في الإشارة لأفلام «نوار» - وهي أفلام الجريمة الموجة الأولى بالأبيض والأسود في عقدي الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي - شهيرة أولها «النافذة الخلفية» 1954 لألفريد هيتشكوك التي تظهر لقطته على تلفاز آنا بشكل واضح، متبوعاً بلقطة من فيلم «لورا» 1944، ثم لقطة من Spellbound لهيتشكوك أيضاً عام 1945، ثم تلك اللقطة الشهيرة عندما يفك طبيب رباط وجه فنسنت (همفري بوغارت) من فيلم Dark Passage عام 1947.
عندما لا يخفي رايت تأثره بأفلام «نوار» الأربعينات والخمسينات، فإننا نحسب أن عقل آنا يهلوس بسبب تأثير قصص تلك الأفلام التي تشاهدها على حياتها، فعندما ترى جين تقتل من النافذة، فذلك لأن عقلها تأثر بجريمة فيلم «النافذة الخلفية»، وعندما تظهر جين حية ترزق فإننا نحسب آنا تهلوس بسبب تأثرها بشخصية إنغريد بيرغمان في فيلم Gaslight عندما كان زوجها يوهمها أنها مجنونة ليتستر على أنشطته الإجرامية وهكذا.
لو كان هذا منهج رايت لربما كان لدينا فيلم تحفة، لكن الرجل سرعان ما يترك ذلك ويلتزم بقواعد الفيلم البوليسي التقليدية التي لا تثير الاهتمام، بكلمات أخرى يلتزم رايت منطقة الأمان. وعندما نرى النهاية فإنها بمثابة المسمار الأخير في نعش هذا الفيلم الضعيف، لأنه يخرج من النطاق البوليسي ويتحوّل إلى فيلم Scream!
أداء أولدمان ضعيف ولقبض أجره، جوليان مور مهدرة بشكل يستحق رايت عليه المحاكمة، وجنيفر جيسن لي مهدرة بشكل أسوأ من الاثنين. للعلم أن الأول والثانية فائزان أوسكار والثالثة مرشحة. في هذا الزمن فيلمThe Woman in the Window لم يعد حتى مقبولاً على «نتفليكس»، هذا فيلم من زمن ماض ربما في الثمانينات والتسعينات كان هذا النوع من النهايات مقبولاً. اليوم يتوقع الجمهور نهاية أقوى أو مفاجأة أو صدمة أو شيئاً يقلب الفيلم رأساً على عقب، وليس نهاية تقليدية تعكس خوف المخرج من كسر القواعد.
الالتزام بالروايات أو المصدر الأصلي للعمل الفني ليس مقدساً، والمخرج ذو الرؤية الفنية لا يعير مسار القصة في الرواية أي اهتمام لو كان واثقاً برؤيته.
ستيفن كينغ عملاق في الأدب وعندما لم يقتنع الأسطورة ستانلي كوبريك برواية The Shining، فإن الأخير أخذ الشخصية وغير مسار القصة تماماً وكتب تلك النهاية المرعبة، التي رسخت في أذهان الأجيال المتعاقبة منذ عام 1980.
كلمة أخيرة، هناك فيلم «نوار» شهير بنفس عنوان هذا الفيلم إصدار عام 1944 ومن إخراج الألماني فريتز لانغ، مقتبس من رواية مختلفة، وهو أفضل من هذا الفيلم بشكل يفوق التصور، وننصح بمشاهدته بدل إضاعة الوقت على هذا الفيلم التعيس.
• هناك فيلم شهير بالعنوان نفسه، هذا الفيلم إصدار عام 1944، ننصح بمشاهدته بدل إضاعة الوقت على هذا الفيلم التعيس.
• الأسوأ على «نتفليكس» بالنصف الأول من العام.. يريد أن يقول إنه في مصاف كلاسيكيات هوليوود، وينتهي مثل أي فيلم بوليسي رديء.
للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news