تُشعر الزائر بأنه على ضفاف «هيفيز» بمياهها «الشافية»

بحيرات أسطورية «تجري» في جناح المجر بـ «إكسبو دبي»

صورة

تحلّ بحيرة هيفيز، التي يعود عمرها إلى ملايين السنين، بألقها وسحرها الأخاذ، ضيفة على «إكسبو 2020 دبي»، في جناح هنغاريا (جمهورية المجر)، في ركن مميز من أركان جناح الدولة الأوروبية، الذي يتزين بممشى للأنهار والبحيرات، إذ شكلت جزءاً مهماً في تضاريس المجر الجغرافية، وبناء إرثها العريق في دراسة الموارد الطبيعية من المياه، وتطويعها منذ قرون في خدمة صحة الإنسان وعلاجه. وحين يصل الزائر، بعد قطعه عدداً من المحطات التي تضيء على تاريخ المياه الحرارية في المجر، إلى منطقة البحيرات بالجناح، سيشعر كأنه حلّق هناك إلى حيث تسكن تلك البحيرات الأسطورية، إذ نجح الفريق المجري الذي صمم الجناح في تجسيد روح تلك البحيرات بشكلها ومكوناتها وألوانها ومحيطها الجغرافي، بدرجة من الإتقان تجعل الزائر يشعر كأنه يقف هناك على ضفاف بحيرة هيفيز الطبيعية، التي يفتخر المجريون بأن العناصر المعدنية الغنية المكونة لمياهها استطاعت أن تشفي ساق الفيلة «نيللي» الشهيرة من داء الروماتيزم، ما مكن الفيلة من العودة إلى عملها في عروض السيرك الوطني في بودابست.

خزان مائي بركاني

تقع بحيرة هيفيز على بعد 200 كيلومتر من العاصمة المجرية بودابست، في الطرف الجنوبي الغربي من «بالاتون»، وهي خزان مائي ذو أصل بركاني، يتغذى باستمرار من ثلاثة ينابيع حرارية، بالإضافة إلى الينابيع الباردة، ما يجعل مياهها في حركة مستمرة، تسبب تغير مياه البحيرة بشكل كامل كل ثلاثة أيام. ويعمل ارتفاع درجة حرارة الماء، والغابات المحمية التي تمتد على العديد من الهكتارات في محيط هيفيز على تشكيل مناخ فريد من نوعه، إذ لا تتجاوز درجة حرارة الماء في الصيف 30 درجة، كما لا تقل عن 26 درجة في فصل الشتاء.

وتخلق الخيمة البخارية التي ترفرف فوق البحيرة وزنابق الماء الحمراء القانية والبيضاء الناصعة التي تطفو على سطح الماء مناخاً مهدئاً وفريداً، بما يشكله من تأثير يرادف التدليك الناعم لأجساد الأشخاص الموجودين في المياه، كما يستخدم الطين الغني بالراديوم المتوافر في مجرى البحيرة في علاج وتخفيف آلام المفاصل وأمراض الجسم الداخلية.

الأكبر وسط أوروبا

وتعد «بالاتون» أكبر بحيرة في وسط أوروبا في غرب المجر، ويبلغ طول البحيرة ذات المياه العذبة نحو 79 كم على امتداد التلال الجنوبية لجبال باكوني، فيما تصل مساحتها الإجمالية إلى 598 كم، لتكون بذلك أكبر من بحيرة جنيف بـ18 كم. وتشكلت بالاتون منذ ما يقارب مليون سنة من خمس بحيرات صغيرة، تمتد في سلسلة من الشمال إلى الجنوب، إلا أنها اندمجت بفعل عوامل التعرية.

ووفقاً لمعلومات مضيفي الجناح المجري، فإن ما يظهر في هيئتها الموجودة في الجناح هو انعكاس حقيقي للواقع، حيث توجد في المناطق المحيطة ببحيرة بالاتون مجموعة متنوعة غنية من الحياة النباتية والحيوانية، كما توجد فيها محمية للحياة البرية في شبه جزيرة تيهاني، ومحمية أخرى في أحواض القصب الواسعة التي تعشش فيها الطيور المائية النادرة، وتمتاز كذلك الحدود الجنوبية للبحيرة بأنها أرض خصبة للغاية، وتشكل أيضاً التربة البركانية في الشمال الغربي من البحيرة المنطقة الرئيسة لزراعة العنب الشهيرة.

وتعد «بالاتون» ثمرة تفاعلات طبيعية نشأت عن جفاف حوض بانونيا الذي تشكل على امتداد 30 مليون سنة، وبقي قائماً نحو تسعة ملايين عام إلى أن تحول إلى بحيرة مياه عذبة، بعد أن أغلقته بحار العالم بشكل كامل، ما أدى إلى تغييرات جيولوجية أنتجت سلسلة من الأنهر والجبال، بالإضافة إلى بحيرة بالاتون. وأسهم التركيب الكيميائي لمياه البحيرة من المكونات الغنية لمعادن المغنيسيوم والكالسيوم والصوديوم في تحويلها إلى واحد من أهم المراكز العلاجية، وأصبحت بالاتون بحلول مطلع القرن الـ20 مركزاً للأبحاث من قبل علماء المياه وعلماء الأحياء المجريين والجيولوجيين، ما أدى إلى إنشاء أول معهد أبحاث بيولوجي في المجر على ساحلها عام 1927.

 

إرث عريق

وتتمتع المجر، المحاطة باليابسة من جميع الجهات، بإرث عريق من خدمات المنتجعات الصحية، لأن أرضها تمثل خزاناً طبيعياً للمياه الحرارية، فضلاً عن تميز المنتجعات الصحية المجرية بعناصر التصميم وفن العمران الروماني والتركي واليوناني. وتمتلك العاصمة بودابست أحد أغنى إمدادات المياه الحرارية في العالم، إذ يوجد بها نحو 450 منتجعاً من حمامات المياه الحرارية. ويرجع تاريخ أول المنتجعات الهنغارية إلى عصور ما قبل الرومان.

ويصحب جناح المجر زواره في رحلات مختلفة لا تقتصر على منطقة البحيرات، فقد صمم الجناح على هيئة ممرات جبلية تتغلغل بين معالم لمواقع طبيعية ساحرة الجمال، وتصاوير وجداريات للمنتجعات الرومانية المشيدة في القصور البيزنطية القديمة، وفي القلاع والأديرة والمتاحف العثمانية، وذلك في طواف يطلع الزائر على أهم منجزات ومشاريع هذا البلد الأوروبي في إمكاناته في العلوم الطبية الطبيعية والعلاجات المائية المدعومة بالتقنيات التكنولوجية المتقدمة.

ينابيع تنعش الجسد والروح

أكدت المؤرخة المجرية غابرييلا فينييس، في كتاباتها عن العلاجات الطبيعية في العصور القديمة، أن الحمامات الرومانية لم تكن أماكن للغسيل اليومي فحسب، بل كانت أيضاً أماكن للرفاهية والشعور بالراحة، ما يتيح فرصة لإنعاش الجسد والروح.

وتشرح فينييس أن الينابيع الساخنة الطبيعية في هنغاريا ثرية بمزيج غني من المعادن التي كانت تُستخدم تقليدياً لعلاجات عدة، في أجواء مهيبة داخل المباني الأثرية ذات الطرز المعمارية الفريدة.

• يفخر المجريون ببحيرة هيفيز الطبيعية، إذ استطاعت العناصر المعدنية الغنية المكوّنة لمياهها أن تشفي ساق الفيلة «نيللي» الشهيرة من داء الروماتيزم.

• 450 منتجعاً من حمامات المياه الحرارية في العاصمة بودابست التي تمتلك أحد أغنى إمدادات المياه الحرارية في العالم.

تويتر