الطاقة النووية والغاز في الـ 50 المقبلة

تمثل استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، واستراتيجية الإمارات للأمن المائي 2035، خارطة طريق لقطاع الطاقة والمياه، للاستعداد لدخول مرحلة الـ50 عاماً المقبلة. اليوم نحن ننعم ونحصد ما زرعه الآباء المؤسسون من فكر طموح واستشراف للمستقبل، وبإذن الله سنتمكن من غرس زرع جديد وأفكار جديدة، ستسهم في توفير حياه مريحة وسعيدة للأجيال المقبلة.

ورغم التقدم الحاصل والزخم الكبير في الطاقة المتجددة، فإن مستقبل وأهمية استخدام الطاقة النووية واستخدام الغاز ضمن خليط الطاقة، سيحافظان على مكانتهما في خليط الطاقة بمعظم الدول. فلا غنى عن استخدام الغاز ضمن خليط الطاقة.

إن التخوف الوحيد، الذي يواجه صناعة الطاقة النووية أو صناعة الغاز والنفط في العالم، هو احتمال انخفاض إقبال طلبة المستقبل في العالم على التخصص في هذه المجالات، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر في استدامة هذا التخصص بالجامعات العالمية، والتحول أكثر إلى التخصص في الطاقات المتجددة.

السبب في هذا الأمر هو الرسائل غير الدقيقة، التي تصدر في بعض مناطق العالم، وتوحي بأن المستقبل فقط للطاقة المتجددة.

هذه الرسائل غير دقيقة، وينبغي التصدي لها برسائل مقابلة، تشرح أهمية المصادر الهيدروكربونية والطاقة النووية في الاقتصاد العالمي. أضف إلى ذلك أنه ينبغي وضع برامج تحفيزية للطلبة، للاستمرار في التخصص بالمصادر الهيدروكربونية والطاقة النووية، وتشجيع مراكز البحث والتطوير على تقديم حلول وتقنيات لخفض الانبعاثات أكثر من المصادر الهيدروكربونية.

مثل تقنيات الالتقاط وحجز واستعمال ثاني اوكسيد الكربون. في دولة الإمارات نفخر حقيقةً بشبابنا الذي أثبت يوماً بعد يوم قدرته على اتخاذ القرار الصحيح، والتخصص المناسب، الذي يؤمن لهذه القطاعات في الدولة الكادر البشري المطلوب لتشغيلها، وتطويرها. لذلك يمثل إقبال الشباب من الجنسين على التخصص في قطاعات الطاقة المختلفة في الإمارات مؤشراً مهماً على قدرة هذه القطاعات في التأقلم مع التحولات الحاصلة في الطاقة واجتذاب الكوادر الإمارتية المؤهلة.

ويمثل إصدار الترخيص بدخول أول مفاعل في محطة براكة مرحلة التشغيل، دليلاً لجيل المستقبل بأن قطاع الطاقة النووية قطاع حي وواعد ومستمر في المستقبل، وليس مثلما يعتقد البعض أنه من الماضي. وبالتالي فإن استمرار الإقبال على التخصص فيه، واستمرار الاستثمار في الطاقة النووية، من شأنهما أن يجعلا لهذا المصدر لإنتاج الكهرباء محلاً في خليط الطاقة.

إن مشروع براكة للطاقة النووية يمثل أعلى المعايير في الشفافية، في استخدام هذا المصدر لإنتاج كهرباء نظيفة ومستدامة.

إن الاكتشافات الجديدة الحاصلة في قطاع الغاز ونمو الطلب العالمي، وانخفاض كلفة الغاز على مستوى العالم، سيكون لها أثر كبير في استمرار الغاز كمصدر مهم في خليط الطاقة. وهذا الذي تضمنته استراتيجية الطاقة في الإمارات 2050، بأن الغاز في الإمارات سيستمر يمثل 38% من مصادر الطاقة.

ولاشك في أن اكتشافات الغاز الأخيرة بالإمارات ستسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، للاستخدام داخل الدولة، واستمرار إمداد الأسواق العالمية بالفائض منه.

إن مجالات استخدام الغاز متعددة، والذي يدعم استخدامه قلة الانبعاثات فيه وسهولة نقله وتخزينه، والحاجة له كعامل أساسي في إنتاج الكهرباء، وتحقيق الاستقرار في شبكات النقل على نحو يسهل عمليات دخول طاقة الرياح والطاقة الشمسية في شبكات النقل.

ويعد الهيدروجين أحد المصادر التي تحظى في الوقت الحالي باهتمام كبير من الدول. وأحد الأسباب في ذلك هو تعدد مصادر إنتاجه.

فالهيدروجين يمكن أن ينتج أو يستخلص من حقول النفط أو حقول الغاز، ويمكن أن ينتج من الماء، كما يمكن أن ينتج باستخدام الطاقة الشمسية. ويعتبر استخلاصه من حقول الغاز الأرخص اقتصادياً، ومع استخدام تقنيات التقاط وحجز الانبعاثات المصاحبة له سيكون كذلك من المصادر العديمة الانبعاثات عند الإنتاج.

إن الوصول إلى تقنيات لتخزين الكهرباء، محل اهتمام وطلب من الجهات المشغلة لقطاع الكهرباء، حيث وجود هذه البطاريات بكلف أقل وقدرة على تحمل درجات الحرارة العالية، سيكون له دور في تنمية إنتاج الكهرباء بالمنازل والمباني التجارية، دون الاعتماد أكثر على الشبكة الوطنية الكبيرة.

ولاشك في أن تركيز العالم سيزيد على الربط الكهربائي بين أقاليم مختلفة، لتحقيق أكبر فائدة من اختلاف مواقيت شروق وغروب الشمس، أو الاختلاف بين هبوب الرياح، أو سكونها. وفي منطقة الخليج لدينا نواة لمشروع ناجح بكل المقاييس، ونعمل من خلال منظومة الربط الكهربائي الخليجي، للوصول إلى أقاليم أخرى مجاورة، ستسهم في تحقيق استفادة أكبر من الموارد الطبيعية المتوافرة في الدولة والأقاليم.

وكيل وزارة الطاقة والصناعة

تويتر