أكدوا أن الإمارات توفر مظلة تشريعية لحماية جميع الأطراف بمختلف القطاعات

خبراء: توحيد الصياغة واختصـار البنود وتوضيحها.. آليات فعّالة لمواجهة مشكـلات «عقود الإذعان» (2-2)

صورة

أوصى خبراء في قطاعات اقتصادية ومصرفية وعقارية، بضرورة إنجاز عمليات مراجعة دورية للعقود في مختلف القطاعات، والتعامل بشكل فعال مع شكاوى المتعاملين، بما يتيح حلولاً فعالة لمواجهة مشكلات وتحديات عقود الإذعان.

وأشاروا لـ«الإمارات اليوم»، إلى ضرورة كتابة كل العقود بأساليب ميسرة ومفهومة، وتوفير نسخ بلغات المتعاملين، بشكل يمكّنهم من فهم بنودها، مع اختصار بنود العقود التي تتضمن صفحات عديدة عند الإمكان، وعدم السماح بكتابة بنود العقود بخط صغير يصعب من قراءتها، مقترحين أهمية العمل على تنفيذ مشروعات لتوحيد العقود على مستوى الدولة في مختلف القطاعات.

وأفادوا بأن البنية التشريعية في الإمارات تتيح مناخاً يمتاز بالتطور المستمر في مختلف القطاعات، وبما يتيح القضاء على أي ثغرات تستفيد منها أي جهة، وبما يوفر مظلة تحمي جميع أطراف العلاقة بمختلف القطاعات، مدللين على طرح الدولة قانوناً جديداً لحماية المستهلك، يتسم بمواكبة متغيرات وتطورات الأسواق.


وتفصيلاً، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور جمال الفخري، إن «المراجعة الدورية للعقود في مختلف القطاعات، وتطويرها وفقاً للمتغيرات الحديثة في الأسواق، والاستفادة من ملاحظات وشكاوى المستهلكين بشأن تلك العقود، من الأمور التي تسهم بشكل فعال في حل مشكلات العقود التي تتضمن بنود إذعان».

وأضاف أن «الإمارات تمتاز بالبنية التشريعية المتطورة بشكل مستمر، والتي توفر حماية لجميع الأطراف في المجتمع، سواء للمستثمرين أو الشركات، أو بالنسبة إلى المستهلكين»، مشيراً إلى أن «مراجعة العقود، والاستماع لشكاوى المستهلكين، يظهران عبر تجربة طبقتها الإمارات خلال الأعوام الأخيرة في قطاع السيارات، إذ كانت هناك العديد من الشكاوى للمستهلكين حول بنود وشروط شركات السيارات، حتى تم رصد أبرز تلك الشكاوى، والتعاون مع شركات السيارات في الوصول لصيغة متوازنة، تحت مسمى (العقد الموحد للسيارات)، الذي يعد بمثابة إنجاز في قطاع حماية المستهلك، وتوفير عقود موحدة ومتوازنة لحماية جميع الأطراف».

وأشار إلى أن «التشريعات والقوانين هي التي تحدد معايير العقود المطروحة في الدولة، ولكن وجود جهات محايدة تعمل على المراجعة الدورية، والتدخل لتطوير العقود عند الحاجة من الأمور المهمة لحماية المستهلكين من بنود الإذعان، وهو ما تطبقه الدولة بشكل فعلي في قطاعات عدة».

وأضاف الفخري، أن «بعض الشركات قد تستفيد من العقود لوضع عقود إذعان لمصلحتها في مواجهة المستهلكين، ولكن الاستماع بشكل فعّال لشكاوى المستهلكين، والتحقق منها، يوافران آليات فعالة تنهي تلك المشكلات بشكل تدريجي».

واعتبر أن «القانون الجديد لحماية المستهلك في الإمارات، الذي اعتمد إصداره أخيراً مجلس الوزراء، يعد نموذجاً لأساليب المراجعة والتطوير في البنود والتشريعات الاقتصادية، بما يتواكب مع المتغيرات الحديثة في الأسواق»، لافتاً إلى أن «القانون الجديد سيتيح العديد من المعايير التي توفر بنود حماية جديدة للمستهلكين».

تكثيف الرقابة

من جهته، قال الخبير الاقتصادي، مبارك العامري، إن «تكثيف آليات الرقابة والمتابعة من الجهات التنظيمية بالقطاعات المختلفة على العقود من الأمور المهمة لمواجهة أي بنود إذعان يتضرر منها المتعاملون»، لافتاً إلى أن «الجهات التنظيمية تتسم بالحيادية، وبالتالي فإن مراقبتها بشكل مستمر للعقود وعمليات تطبيقها، يوفر حماية للمتعاملين من أي عمليات استغلال قد تخالف القوانين».

وأضاف أن «مواجهة شكاوى عقود الإذعان يتطلب عمليات مراجعة دورية للعقود، وبحث فرص توحيد العقود على مستوى الدولة في القطاعات المختلفة، وبما يضمن عدم وضع أي بنود تفرض على المستهلكين وتكون بمثابة عقود إذعان، خصوصاً في القطاعات التي لا تتوافر فيها خيارات بديلة عدة».

وأشار إلى أنه «من المهم للجهات التي تضع العقود أن تتيح نسخاً باللغة التي يتعامل بها المتعاملون، سواء الإنجليزية أو العربية، وبشكل واضح وبكلمات مفهومة وغير معقدة، وأن تكون بنود العقود، وخصوصاً المهمة منها مختصرة، حتى يتمكن المتعامل من القراءة والإدراك لتلك البنود»، لافتاً إلى أنه «يوصي أيضاً بأن يتم إعطاء فرصة كافية للمستهلكين بقراءة العقود والتفكير في بنودها قبل التوقيع عليها، والالتزام بشروطها».

الخيارات والمقارنة

وأشار الخبير المصرفي، أمجد نصر، إلى أن «مواجهة تحديات العقود التي تتضمن أي بنود إذعان يتطلب عدداً من الأمور لتوفير علاقة متوازنة في التعاملات، وتشمل وجود خيارات متعددة للجهات المقدمة للعقود، وفي الوقت نفسه من المهم أن يلجأ المتعاملون للمقارنة بين العقود والخيارات الممنوحة فيها، سواء بالنسبة إلى المصارف أو لشركات التأمين على سبيل المثال، فهناك العديد من الطرق التي تتيح المقارنة بين الخدمات والعقود، ومنها مواقع متخصصة على الإنترنت في قطاعات مختلفة، وهو ما يجعل المتعامل أمام خيارات عدة، يختار منها ما يناسبه، وفي الوقت نفسه يرفع من حدة التنافسية التي تحسن بنود العقود، وتسهم في إلغاء أي بنود سابقة للإذعان».

وأضاف أن «البيئة التشريعية في الإمارات تتيح جهات محايدة تشرف على العقود والخدمات، وفقاً للمتغيرات السوقية الحديثة، والتي بموجبها يتم إصدار التعليمات التي توفر الحماية لجميع الأطراف».

وأشار إلى أن «هناك بعض التحديات في أنظمة العقود بمجالات عدة، قد تسهم في تمرير عدد من بنود عقود الإذعان، فليس من المنطقي أن تكون العقود بلغة غير لغة المتعامل، ولا يستطيع فهمها بسهولة، لاسيما وأنها تتضمن مصطلحات فنية في القطاع الذي تتضمنه العقود، إضافة إلى أن بعض الجهات تصيغ العقود ببنود متعددة عبر صفحات كثيرة، وبخط صغير للغاية، بما يجعل من الصعب على المتعامل قراءة العقد بشكل واضح، أو فهم الشروط قبل التوقيع عليها»، داعياً إلى ضرورة أن يهتم المتعاملون بقراءة صيغ العقود بفترة كافية قبل التوقيع عليها، سواء من خلال المواقع الإلكترونية للجهات التي تتيح تلك العقود، أو بطلب منه للجهات المسؤولة للحصول على نسخة لقراءتها قبيل التوقيع عليها.

واعتبر أن «مراجعة العقود بشكل دوري من الجهات المشرّعة والمسؤولة عن تطبيق المعايير التنظيمية بكل قطاع، من الأمور المهمة للقضاء بشكل تدريجي على تحديات عقود الإذعان».

قابلة للتطوير

بدورها، قالت الخبيرة المصرفية، عواطف الهرمودي، إن «التشريعات المصرفية في الدولة توفر حماية لكلا الطرفين، سواء للمصارف أو المستهلكين، إضافة إلى أن التشريعات بالدولة قابلة للتطوير بشكل مستمر، وخصوصاً مع امتياز الاقتصاد المحلي بسمات الانفتاح على العالم، وبالتالي تتم الاستفادة من أحدث التجارب العالمية، وتكون الدولة سباقة بدورها في خطوات تشريعية مختلفة».

وأشارت إلى أن «بنود الإذعان في العقود هي التي يضعها طرف من جهته، ولا يحق للطرف الآخر التدخل في تغييرها أو صلاحية إلغائها»، لافتة إلى أن «معظم عقود البنوك تتضمن بنوداً ثابتة، لا يمكن للمتعامل تغييرها، وهي البنود المتعلقة بنسبة الأرباح وطبيعتها، وأن تكون النسب ثابتة أو متغيرة، ونوع المعاملة، وتختلف من بنك لآخر».

وأضافت أن «تلك البنود قد لا تتناسب مع احتياجات المتعاملين، ولكنها من جهة أخرى تخضع لمعايير البنوك، وسياساتها التي تحمي مصالحها في المعاملات، كما تتعلق بعض البنود أيضاً بالسياسات المصرفية التي تحدد المعاملات في الأسواق».

صيغة موحدة

قال الخبير العقاري، وليد الزرعوني، إن «كثيراً من التشريعات العقارية في دولة الإمارات تعمل على حماية المستهلك النهائي، من خلال إيجاد بنية تشريعية تحمي حق المستثمر العقاري، ورغم ذلك نحن بحاجة إلى الوصول إلى صيغة موحدة لعقود البيع والإيجارات، فضلاً عن ضرورة أن تكون هناك فترة لاتخاذ القرار»، مضيفاً أن كثيراً من الدول الغربية تقوم بإعطاء فرصة قبل الموافقة على العقود تراوح بين ثلاثة وأربعة أسابيع، وهو ما يصب في حماية المستهلك النهائي، ولاسيما في القطاع العقاري.

قانون جديد

اعتمد مجلس الوزراء، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أخيراً، إصدار قانون اتحادي بشأن حماية المستهلك، والذي يأتي في ضوء الجهود الحكومية لتحقيق التطوير المستمر للتشريعات التي تمس حياة المواطنين والمقيمين في الدولة، وبما يحقق الحماية للمستهلكين، واستقرار الأسعار، وفق أفضل الممارسات.

ويتوافق القانون مع القانون الخليجي الموحد بشأن حماية المستهلك، وبما يحقق التكامل التشريعي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث يهدف القانون إلى مواصلة توفير الحماية الكافية للمستهلكين، في ضوء التطور التكنولوجي والنمو المتسارع في التجارة الإلكترونية، وضمان وصول السلع والخدمات وفق أنماط إنتاج وتوزيع تلبي احتياجات المستهلكين، والحد من أي ممارسات قد تكون لها نتائج سلبية على المستهلكين.

 

 

تويتر