ارجعو خسائرها إلى غياب العقوبات واهمال مدققي الحسابات وتجاوزات أعضاء مجالس الإدارة

خبراء: ممارسات سلبية بشركات مساهمة عامة تستوجب تــــدخل «الأوراق المالية» بقرارات وعقوبات رادعة

سجلت شركات مساهمة عامة، خسائر متراكمة على مدار سنوات مضت، دون وجود إفصاحات رسمية عن مساءلة مجالس إدارات هذه الشركات، سواء من قبل الجمعيات العمومية أو هيئة الأوراق المالية والسلع. وبحسب البيانات المالية المعلنة لهذه الشركات، طالت خسائر بعضها حقوق المساهمين فيها، واستنزفت رؤوس أموالها، وهبط سعر السهم بالسوق لأقل من «درهم».

من جانبهم، قال خبراء أسواق المال لـ«الإمارات اليوم»، إن هناك تجاوزات وممارسات سلبية تستوجب تدخل هيئة الأوراق المالية والسلع بقرارات دورية وأنظمة جديدة، أو تطبيق عقوبات رادعة وفقاً للأنظمة القائمة، ومن أهمها محاسبة مجالس إدارة الشركات التي تحقق خسائر ربعية متتالية، وعدم الانتظار لمرور عام كامل حتى تتم محاسبتها، بجانب وقف التصويت العشوائي الذي يتم في الجمعيات العمومية، وتطوير آليات للتصويت تضمن فعاليته في مجابهة أي قرار غير سليم يتعلق بإدارة الشركة.

وأرجعوا هذه التجاوزات إلى عدم التزام بعض أعضاء مجالس الإدارة في الشركات المساهمة العامة، والتكتم على الخسائر لسنوات، وغياب الإفصاح الصحيح عن أداء بعض الشركات، بجانب أن هناك تجاوزاً وإهمالاً وتستراً أحياناً على الخسائر من قبل بعض مدققي الحسابات لمصلحة مجالس الإدارة.

منظومة تشريعية

وتفصيلاً، قال الخبير بأسواق المال، مجد معايطة، إن «الإمارات لديها منظومة تشريعية قوية، ونظم للحوكمة تضاهي المعمول به عالمياً، لكن المشكلة تكمن في عدم التزام بعض أعضاء مجالس الإدارة في الشركات المساهمة العامة، بجانب غياب مهنية بعضهم، والتكتم على الخسائر لسنوات»، مؤكداً أن «هذا يتطلب احترام إدارات الشركات لدورهم والتزامهم الحقيقي بمصلحة الشركة، وعدم استغلال مناصبهم ومحاسبة المقصرين».

وأضاف معايطة، أن «غياب الإفصاح الصحيح عن أخبار وأداء بعض الشركات، لاسيما ما يخص تحقيق خسائر، أسهم في تفاقم الوضع، وأثر في سمعة الأسواق»، مشيراً إلى أنه من الصعب أن تقوم هيئة الأوراق المالية بدور «الشرطي» تجاه كل مجلس إدارة شركة، بل لابد من ضمير مهني وأخلاقي يعلي المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، ويمنع أي استغلال للنفوذ.

ووفقاً لقانون الشركات، فإن أعضاء مجلس الإدارة يتمتعون بالصلاحية والمسؤولية عن تخطيط أنشطة المجموعة وتوجيهها، والرقابة عليها، وهم أعضاء مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي ومرؤوسوه المباشرون، ولديهم السلطة والمسؤولية للتخطيط، وإدارة ومراقبة نشاطات المجموعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما ينص القانون على تجنب أعضاء مجلس الإدارة اتخاذ أي إجراء أو موقف يتعارض مع مصلحة الشركة، وعندما ينشأ تضارب محتمل في المصالح، لا يشارك الأعضاء المعنيون في المناقشات، ولا يمارسون أي تأثير في أعضاء مجلس الإدارة الآخرين.

يشار إلى أن عدد الشركات المساهمة العامة المدرجة في سوقي دبي المالي وأبوظبي للأوراق المالية يبلغ 112 شركة، منها 49 شركة في سوق دبي المالي، و63 شركة في سوق أبوظبي للأوراق المالية بقيمة سوقية تدور حول 890 مليار درهم.

عقوبات رادعة

وقال الخبير بأسواق المال (ج.ع)، اكتفى بذكر الأحرف الأولى من اسمه، إن «غياب تطبيق العقوبات الرادعة بحق مجالس إدارات الشركات المساهمة العامة خلال السنوات الماضية، شجّع آخرين على أن ينتهجوا النهج نفسه، ما أدى إلى مزيد من الشركات الخاسرة»، لافتاً إلى وجود نماذج واضحة على ذلك مثل خسائر شركة «أرابتك»، و«تمويل» ومع ذلك، لم يتم اتخاذ إجراءات كافية بحق المخالفين. وتساءل: ما معنى أن يكون رأسمال شركة مليار درهم، بينما لديها ديون وخسائر بقيمة أربعة مليارات درهم؟!

تصويت شكلي

من جانبه، قال الخبير بأسواق المال، جمال عجاج، إن «دور الجمعيات العمومية في متابعة أداء الشركات والتصويت على قراراتها المصيرية، يحتاج إعادة نظر، إذ إن ما يحدث الآن أمر شكلي أكثر منه دور حقيقي، بجانب وجود أقلية من المساهمين ذوي الحصص الكبيرة تتحكم في القرارات المهمة بالشركة، وهذا لابد من إيجاد حل له»، مشدداً على «ضرورة قيام المساهمين بدورهم بشكل فعال، إن غياب هذه الثقافة، يسهم بصورة كبيرة في إطلاق يد أعضاء مجالس الإدارة دون رقيب، بجانب أن عدم تطبيق عقوبات رادعة قوية في السابق بحق المخالفين، أطلق أيضاً يد المتلاعبين بأموال هذه الشركات».

إهمال المدققين

في سياق متصل، قال خبير في أسواق المال، فضل عدم نشر اسمه، إن هناك تجاوزاً وإهمالاً وتستراً أحياناً على الخسائر من قبل بعض مدققي الحسابات لمصلحة مجالس الإدارة، وهذا يستوجب وجود تشريع أو قرار ملزم بضرورة التواصل المباشر بين المدقق والجهة الرقابية، حال رصد خسائر أو مخالفات مالية تؤثر في حقوق المساهمين بالشركة، وعدم حصر التواصل بين المدقق ومجلس الإدارة، مشيراً إلى أن هناك عدم التزام كاف بضوابط الحوكمة من قبل بعض مجالس إدارات الشركات، وإخفاء الخسائر منذ العامين 2008 و2009 في بعض الشركات.

الجهات الرقابية

بدوره، قال خبير أسواق المال، عميد كنعان، إنه «رغم المؤشرات الاقتصادية القوية إلا أن أداء بعض الشركات المساهمة العامة ونتائجها، يستوجب تدخل الجهات الرقابية للوقوف على أسباب الخسارة، لتدارك الأخطاء، ولضمان عدم تكرارها، بجانب أن عدم اتخاذ إجراءات فورية في الوقت المناسب أدى إلى غياب الثقة بالميزانيات العمومية التي تصدرها الشركات أو المدققون الماليون، وهذا يضر سمعة الأسواق، ويؤثر سلباً في المستثمرين»، مشدداً على أهمية الوقوف على أي تلاعبات أو عدم مهنية من جانب القائمين على الشركة وهذه كلها مسؤولية الجهات الرقابية.

من جهته، قال المحلل المالي، وضاح الطه، إنه «على مدار سنوات مضت لم يتم الإفصاح عن أي عقوبات اتخذت بحق أعضاء مجالس إدارة، أو إلغاء تداولاتهم بشكل مفصل، كما يحدث في بعض الأسواق المجاورة، لاسيما السوقين السعودية والعمانية، رغم ما تتمتع به أسواق الإمارات من وجود بنية تشريعية قوية»، مشيراً إلى أن بعض الشركات تمت إضاعة حقوق المساهمين فيها، حيث هبط السعر من تسعة دراهم إلى ما دون الدرهم، ومع ذلك لم تتم محاسبة المسؤولين عن ذلك.

ممارسات الإدارة السابقة

أصدرت شركة «دريك آند سكل» أخيراً، بياناً قالت فيه إنها قامت في بداية عام 2018 بإجراء تحقيقات في ممارسات الإدارة السابقة، ترتب عليها فتح بلاغات جنائية لدى النائب العام الاتحادي، بلغ عددها 15 بلاغاً، وذلك عن الأفعال بمخالفات الإدارة السابقة، والمرتبطة بتضخيم موجودات وقيمة الشركة والشهرة، إضافة إلى مخالفات وأفعال تم توثيقها خلال فترة توليهم إدارة الشركة والشركات التابعة لها، بين 2009 وحتى استقالتهم في 2017. ومن ضمنها الأفعال التي وقعت خلال فترة إدراج الشركة كمساهمة عامة في سوق دبي المالي في عام 2009، ولاتزال جميع هذه البلاغات قيد النظر لدى النائب العام الاتحادي.

%60 من رأس مال شركة مساهمة مقابل مقهى ومطعم

قال مصدر مطلع لـ«الإمارات اليوم» إن شركة أدرجت في عام 2014 وحققت خسائر أكثر من 90% من رأس المال، قام رئيسها التنفيذي في أحد الأعوام بصفقة واحدة بقيمة تعادل 60% من رأس المال مقابل شراء مطعم ومقهى شهير بدبي في مايو 2015، وبعد ذلك قام عضو مجلس إدارة بالانسحاب نتيجة تدقيق فريق تابع له على بيانات الشركة واكتشف وجود 10 ملايين درهم، تم انفاقها كعمولة للشركة التابعة للرئيس التنفيذي، والتي قامت بتقييم المطعم والمقهى ومع ذلك لم يتم محاسبة أحد.

26 شركة حققت خسائر متراكمة من سنوات سابقة

«أرابتك»، «جي جي كو»، «ماركة»، «دريك آند سكل»، «الاتحاد العقارية»، «أمان للتأمين»، «سلامة للتأمين»، «دبي باركس»، «ديار للتطوير»، «شعاع كابيتال»، «دار التكافل للتأمين»، «الرمز للاستثمار والتطوير»، «أملاك»، «الخليج للملاحة»، «تكافل الإمارات»، «سوداتل»، «الخزنة للتأمين»، «ميثاق للتأمين التكافلي»، «إكسا الهلال الأخضر للتأمين»، «إشراق للاستثمار»، «الوطنية للتكافل»، «طاقة»، «بلدكو»، «دار التأمين»، «الاتحاد للتأمين».

شراء شركات خاسرة تابعة لأعضاء مجلس الإدارة

قال مصدر مطلع إن من بين المخالفات التي ارتكبها أعضاء مجلس إدارة احدى الشركات، قيام شركة مساهمة عامة بشراء شركات خاصة خاسرة يمتلكها بعض أعضاء مجلس إدارة هذه الشركة، ما فاقم من خسارتها على مدار سنوات دون مساءلة أيضا.

تويتر