شركات عقارية تخفّض إنفاقها الإعلاني

خفض الشركات للموازنات المخصصة للإنفاق الإعلاني قد يؤثر بشكل إضافي في مبيعات الشركات. تصوير: باتريك كاستيللو

قالت شركات عقارية إنها ستخفض من حجم إنفاقها على النشاط الدعائي والإعلاني خلال المرحلة المقبلة، تلافياً لأي تداعيات محتملة للأزمة المالية على النشاط الاقتصادي.

وحذر خبراء ومديرو شركات عقارية من أن خفض الموازنات المخصصة للإنفاق الاعلاني قد يؤثر بشكل إضافي في مبيعات الشركات، باعتباره أصبح نشاطاً تسويقياً أساسياً وليس مجرد نشاط ترفي.

وقالوا إن وقف النشاط الإعلاني يعطي انطباعاً خاطئاً بتوقف نشاط الشركات العقارية أو أنها تواجه مشكلات جمة في ظل الأزمة، لافتين إلى أن الأزمة العالمية لم تؤثر بشكل كبير في القطاع العقاري في أبوظبي، التي تواجه فجوة طلب كبيرة، وتستمر في تنفيذ مشروعات عقارية ضخمة تحتاج لأعداد كبيرة من الوحدات السكنية.

خفض الإنفاق

وتفصيلاً، قال المدير العام لشركة «كونتيننتال للعقارات»، بلال بسيسو: «إن العديد من الشركات العقارية لجأت إلى خفض إنفاقها الإعلاني والدعائي في إطار خطط شاملة لخفض الإنفاق بشكل عام كضرورة نتيجة طبيعية الأزمة وتحسباً لحدوث ركود يؤثر في هذه الشركات بشكل كبير».

وقال «إن هذا الموقف فرضه الوضع في السوق العالمية، والذي تأثرت به أيضاً السوق المحلية بدرجات مختلفة».

ودعا بسيسو الشركات العقارية إلى «دراسة أسعار العقارات وجعلها مناسبة أكثر للمستهلك النهائي، وكذلك منح المشترين تسهيلات كبيرة في السداد وزيادة عدد الأقساط، حتى يستطيع المستهلك النهائي الشراء وتنشيط السوق، بحيث تلتزم الشركات بتنفيذ خططها السابقة في ما يتعلق بمشروعاتها وإنفاقها الإعلاني».

ومن جهته، يرى المدير العام في إحدى الشركات العقارية في أبوظبي، فضل عدم ذكر اسمه، أن «لجوء العديد من الشركات العقارية لخفض الإنفاق الإعلاني يعد إجراء احترازياً مؤقتاً»، نتيجة لما وصفه «بالحالة النفسية السيئة التي أفرزتها الأزمة العالمية قبل أن تكون انعكاساً حقيقياً لأزمة حقيقية تواجهها الشركات العقارية بالفعل».

وأكد «هذا الوضع مؤقت»، لافتاً إلى أن «السوق تتحرك وتستجيب للإجراءات الحكومية الأخيرة لكن ببطء قليلاً»، مشيراً إلى أنه «لن تمضي شهور حتى يرجع الوضع إلى ما كان عليه»، وتابع «النشاط الإعلاني أصبح ضرورة لزيادة مبيعات الشركات بشكل كبير، وليس مجرد إجراء ترفي يتم اللجوء إليه في بعض الأحيان ووقفه أحياناً أخرى».

مرحلة أساسية

ويختلف المدير العام لشركة «القوة العقارية»، راشد الكتبي، مع مسألة وقف الإنفاق الإعلاني، ويرى أن «النشاط الإعلاني «يعد مرحلة أساسية من مراحل تسويق المشروعات»، ويؤكد أن «خفض الميزانية المخصصة للنشاط الإعلاني والدعائي قد يؤدي لحدوث ركود وضعف في مبيعات الشركات المختلفة».

وقال «إن هناك ميزانية مخصصة للإعلانات في كل شركة لابد أن يتم إنفاقها في البنود المخصصة لها لأنها تسهم في تحقيق أهداف الشركات في بيع منتجاتها».

وأضاف أن «نشر إعلانات عن مشروعات الشركات الجديدة يسهم في بيع الوحدات في المشروعات، خصوصاً في الفترة الصعبة التي يمر بها اقتصاديات العديد من الدول في المرحلة الراهنة نتيجة للأزمة العالمية».

يشار إلى أن العديد من الدراسات قد توقعت ألا يشهد النشاط الإعلاني في دول الخليج زيادة ملحوظة خلال عام 2009 نتيجة للأزمة العالمية، بعد أن شهد النشاط الإعلاني زيادة تراوحت بين 15 و20% العام الماضي، وقدرت هذه الدراسات حجم النشاط الإعلاني بما يتراوح بين ثمانية وتسعة مليارات دولار في دول الخليج، تستحوذ الإمارات على نسبة عالية منه.

سلامة الوضع

وبدوره، يرى الخبير الاقتصادي المدير العام لشركة تروث للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، أن «النشاط الإعلاني لايزال ضرورة، خصوصاً في وقت الأزمات»، لافتاً إلى أن «استمرار الحملات الإعلانية لا يستهدف فقط الاستمرار في بيع منتجات محددة، بل يفيد في التأكيد على أن الشركة لاتزال قوية ومحتفظة بوضعها في السوق بالرغم من الأزمة».

وتابع «لم تلق الأزمة المالية العالمية حتى الآن بتأثيرات كبيرة على القطاع العقاري في أبوظبي، كما لا توجد في الإمارة أزمة سيولة»، موضحاً أن «هناك فجوة حقيقية كبيرة بين العرض والطلب في أبوظبي، كما توجد معدلات نمو كبيرة نظراً لاستمرار المشروعات العقارية الضخمة والحاجة إلى استقدام عمالة وموظفين وإيجاد سكن مناسب لهم».

وأكد مسلم «تشير الأرقام إلى أن ٦٠٪ على الأقل من مشتري العقارات في أبوظبي إما من المواطنين أو من الوافدين الذين يقومون بشراء العقارات للسكن الدائم أو الاستثمار وليس للمضاربة، وهم سيستمرون في شراء الوحدات السكنية لأنهم يحتاجونها بالفعل».

وحذر من أن «وقف الحملات الإعلانية، خصوصاً بالنسبة للشركات التي كانت تعلن بشكل دائم، سيؤدي إلى إلحاق الضرر بصورة الشركة العقارية ومبيعاتها في الوقت ذاته، حيث قد تعطي انطباعاً خاطئاً بأن الشركة أوقفت نشاطها أو أنها تواجه مشكلات جمة».

وطالب مسلم الشركات «بالاستمرار في نشاطها الإعلاني، لكن مع إجراء دراسات توازن بين عملياتها وبند التكاليف، بحسب وضع كل شركة وحجم ميزانيتها الإعلانية، تتعلق بخفض بعض التكاليف إذا دعت الضرورة إلى ذلك عن طريق تقليل تكرار الإعلان على سبيل المثال، أو تقليل مساحته، أو حذف الألوان منه، مع الاستمرار في النشاط ليس فقط لتسويق المنتج، بل أيضاً للتدليل على استمرار وجود الشركة وقوتها في السوق».

استمرار الإعلان

وفي دبي، قال رئيس مجلس إدارة شركة «القدرة للوساطة العقارية»، وليد الزرعوني «إن بعض الشركات العقارية خفضت إنفاقها الإعلاني بسبب التخوف من انخفاض حجم المبيعات»، وأضاف أن «النشاط الإعلاني أمر مهم جداً، خصوصاً في هذه الفترة، بسبب وجود العديد من الفرص الاستثمارية التي يجب إطلاع المستثمرين عليها».

وأعرب عن اعتقاده بأن «الاستمرار في الحملات الإعلانية أمر ضروري، نظراً لعودة الطلب جزئياً على العقارات الجاهزة والعقارات تحت الإنشاء، الأمر الذي يحتم التواصل مع المستثمرين والمستخدمين النهائيين لتعريفهم بهذه المشروعات».

ويختلف مع هذا الرأي الرئيس التنفيذي لـ«ثراء القابضة»، طارق رمضان، الذي يرى أن «الانخفاض في الانفاق الإعلاني كان كبيراً بسبب عدم وجود حركة في السوق العقارية وعدم وجود تجاوب مع هذه الإعلانات، بحيث أصبح الإنفاق على الإعلان أمراً غير مجدٍ إلى حين عودة النشاط إلى السوق وعودة التمويل العقاري واستقرار الأسعار».

وأوضح «رغم أهمية استمرار التعريف بالأسماء التجارية والمشروعات العقارية إلا أن المطورين العقاريين يولون أهمية أكبر إلى إدارة السيولة، وذلك بهدف التغلب على آثار التباطؤ والاستمرار حتى تحسن الأوضاع».

وذكر رمضان «أن الشركات باتت تلجأ إلى العلاقات العامة كأحد أدوات التسويق بسبب انخفاض كلفتها مقارنة بالإعلان»، منوهاً إلى «ضرورة احتواء نشاطات العلاقات العامة على مضامين مهمة بعيداً عن الترويج المباشر أو نشر اسم الشركة».

تويتر