الركود الاقتصادي فرصة أمام شركات الطيران الخليجية

»طيران الإمارات« نجحت في تكوين علامة تجارية قوية ومنافسة. تصوير: باتريك كاستيللو

قال مركز «آسيا ـ المحيط الهادي للطيران»، في تقرير صادر عنه إن «شركات الطيران الخليجية في وضع جيد للغاية للاستفادة من موجة التراجع الاقتصادي المطوّلة المتوقعة»، مشيراً إلى أن الشركات الخليجية ستخرج من الأزمة بحضور دولي مؤثر في خريطة صناعة الطيران العالمية، وقدرة أكبر على الوصول إلى الأسواق من خلال شبكات خطوط قوية ومتشعبة.

وأشار التقرير إلى أن «طيران الإمارات» و«طيران الاتحاد»، وبدرجة أقل «الخطوط الجوية القطرية»، طوّرت شبكة خطوط بصورة تجعلها قادرة على الاستفادة من الفرص المتاحة بفاعلية أكبر مما كان متاحاً لها قبل ثلاث سنوات، وأنه نتيجة لذلك فإنها تتمتع الآن بمقدرة غير عادية على الربط بين المدن مع كل خط طيران جديد تفتتحه.

وأوضح المركز أن «المستقبل الايجابي الذي ينتظر شركات الطيران الخليجية يستفيد كثيراً من التوجهات العالمية نحو تحرير الأسواق، التي أدى عدم الأخذ بها في الماضي إلى الحدّ من فرص التوسع بسبب القيـود التـي تفرضهـا الحكـومات عـلى عمـل شـركات الطـيران الأجنبية في أسواقها المحلية».

سياسات التحرير

وقال التقرير إن «العديد من الخطوط الأوروبية، التي تعمل عليها شركات الطيران الخليجية الآن، كانت خاضعة في الماضي لحماية مكثفة نتيجة للقيود الواردة في اتفاقات حقوق الطيران الثنائية، والتي تحجب ما يعرف باسم الحرية السادسة عن شركات الطيران الخارجية مثل الشركات الخليجية».

وأضاف «هذه التطورات تعني أن فتح البوابات الجوية الرئيسة للسوق الأوروبية تولد مزيداً من فرص النمو المحتملة، التي تستند إلى ربط الوجهات الجوية المختلفة لتكوين شبكات بالمقارنة مع الأسواق المستغلة بالكامل».

وأشار التقرير إلى أن المزايا التي حصلت عليها شركات الطيران الخليجية تشكل تهديداً مباشراً لأسواق الرحلات الطويلة لشركات الطيران الأوروبية، التي لم تفلح ضغوطها عن ثني الحكومات الأوروبية عن المضي قدماً في تحرير الأسواق، وضمان حق العمل لشركات الطيران الأخرى.

وأوضح أن «الحاجة إلى تطبيق سياسات التحرير نبعت من الطبيعة المتداخلة والمعقدة لصناعة النقل الجوي، إذ إن «طيران الامارات» و«الاتحاد» و«الخطوط القطرية»، وغيرها من الشركات الخليجية الأخرى، تعد من أكبر المشترين لطائرات «الإيرباص» أوروبية الصنع، ما يعني أن كل طائرة تشتريها الشركات الخليجية تضع في الوقت نفسه ضغوطاً على الحكومات الأوروبية لمنح رخص عمل لخطوط جديدة لشركات الطيران الخليجية المشتراة لهذه الطائرات».

وأكد التقرير أن شركات الطيران الخليجية تتمتع بميزة تنافسية أخرى تتمثل في توسط قلب العالم جغرافياً، ما يجعلها قادرة على تسيير رحلات من دون توقف إلى معظم مناطق العالم، ليس فقط بسبب الجيل الحديث من أساطيل الطائرات التي تملكها هذه الشركات أو التي تعاقدت على شرائها، وإنما أيضاً بسبب الدور الحيوي الذي تلعبه هذه الشركات في استراتجيات التنمية في دولها.

علامات تجارية قوية

ولفت المركز في تقريره إلى أن شركات الطيران الخليجية نجحت في تكوين علامات تجارية قوية، خصوصا «طيران الامارات» التي تتمتع بكفاءة عالية في إدارة مواردها الاقتصادية، واستثمرت بقوة خلال العقد الماضي في ترسيخ مكانة علامتها التجارية، ليس فقط من خلال أنشطة التسويق الرياضي، وإنما أيضاً من خلال الاستثمار المكثف في تطوير المنتج.

وأضاف أن «(طيران الاتحاد) تتمتع على نحو خاص بدعم حكومي قوي، وتملك أسطولاً حديثاً من الطائرات الشابة، كما أنها وصلت إلى درجـة عالية من الاحتراف في كفاءة استخدام الموارد».

وتوقع التقرير أن تواصل شركات الطيران الخليجية النمو في الوقت الذي تتعرض فيه بقية الشركات للكساد، مشيراً إلى أن «طيران الإمارات» و«طيران الاتحاد» و«الخطوط الجوية القطرية» سترفع طاقة أساطيلها بنسبة تزيد على 10٪، خصوصا خلال 12 ـ 18 شهراً المقبلة، التي ستشهد تسلم العديد من طلبيات الطائرات الجديدة، وليس هناك نية لدى هذه الشركات للتراجع عن وتيرة الطلبيات في الوقت الحالي.

ضغوط مؤقتة

وقال التقرير إن «زيادة طاقة الأساطيل الخليجية تأتي في الوقت الذي تقوم فيه معظم شركات الطيران الأوروبية والآسيوية بخفض طاقة الأساطيل لديها للتواكب مع الانخفاض المتوقع في أعداد المسافرين وحركـة الشحن الجـوي نتيجة لأزمة الاقتصاد العالمي».

وأوضح أنه «ليس معنى ذلك أن شركات الطـيران الخليجيـة محصّنـة ضـد الضغـوط الماليـة للأزمـة الاقتصاديـة، لكنها في الوقـت نفسـه في وضـع يسمـح لها بامتصاص هذه الضغوط»، مشيراً إلى أن خطط التوسع ستضغط حتماً على العوائد، إلا أن انخفاض أسعار الوقود والنمو الناتج عن «تشبيك» الوجهـات التي تطـير إليهـا سيعـوض الآثار السلبية.

وأشار إلى أنه حتى بافتراض أن «طيران الإمارات» غير قادرة على مواصلة المستوى الحالي من الأرباح، إلا أنها ستكون في وضع يسمـح لها بمـواصلة التوسـع وتحقـيق هـامش معقـول من الأرباح يتواكب مع خفض التكاليف.

وقال التقرير إن «(طيران الاتحاد) تمر بمرحلة مختلفة من التطور، وليس من المتوقـع أن تبدأ في تحقيق أرباح إلا في العقد المقبل».

ولخص التقرير معادلة التوازن في السوق الإماراتية بالقول إن «(طيران الامارات) ستظل مسيطرة، إلا أنها ستواجه تحدياً متزايداً من جانب (طيران الاتحاد)».

ولفت إلى أن «طيران الإمارات» تواجه ـ على الرغم من كونها المشغل الأكبر في المنطقة ـ تحدياً متصاعدا من شركات الطيران الأجنبيـة التي رفعت حصتها من إجمالي طاقة الأسـاطيل العـاملة، نتيجـة سياسـة الأجـواء المفتوحة.

عوامل التطوير 

  قال تقرير «مركز آسيا ـ المحيط الهادي للطيران»: إن «هناك أربعة عوامل تساعد على تطوير سوق رحلات الطيران قصيرة المدى، في مقدمها الإسراع في عمليات تحرير أسواق الطيران في دول الشرق الأوسط، التي كانت مقيدة في الماضي، ويتمثل العامل الثاني في ظهور شركات الطيران الاقتصادي، والنمو الكبير المتوقع في طاقة أساطـيلها، بينما يتمثل العامل الثالث في زيادة الوزن النسبي لشريحة السكان الذين تقل أعمارهم عن 52 عاماً مقارنة مع إجمالي السكان، ويتمثل العامل الرابع والأخير في تنامي الوعي بعامل المنافسة السعرية في أسواق النمو الجديدة». وأوضح أنه «بصرف النظر عما سيحدث للاقتصاد العالمي، فإن دولاً في الشرق الأوسط تملك مخزوناً ضخماً من الثروة، وهذا يشير إلى أن السنوات القليلة المقبلة ستشهد نمواً استثنائياً في الرحلات قصيرة الأجل».

تويتر