عطلات الإمارات «التكنولوجية»

جورج فهيم

في الدورات السابقة من معرض «جيتكس» لتقنية المعلومات الذي أطفأ الشمعة الثامنة والعشرين من عمره منذ أيام قليلة، كانت شركة واحدة أو حتى مجموعة شركات تتقاسم أدوار البطولة، وتستحوذ على انتباه زوار المعرض بما تعرضه عليهم من أحدث مبتكرات التكنولوجيا ومنجزات العلم، لكن البطولة المطلقة خلال دورة العام الجاري كانت من نصيب المؤسسات والجهات الحكومية في الإمارات، التي أبرزت التطور التكنولوجي في الدولة في عصر ثورة المعلومات والمجتمعات الرقمية الذي لم يبح بالكثير من أسراره إلا لحفنة قليلة من الدول.


وكان برنامج «أداء»، الذي طالب صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتطويره، هو نجم المعرض من دون منازع، وحسب علمي، فإنه أول محاولة في العالم العربي، وربما في الشرق الأوسط لتطويع التكنولوجيا لتكون في خدمة السياسية والحكم، من خلال أكثر من 3000 مؤشر فني يقيس كل كبيرة وصغيرة  في أداء الوزارات والهيئات الاتحادية، وهو يضع بذلك مفهوماً جديداً في الرقابة والمحاسبة والتنسيق بين مختلف الجهات من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة.


وعلى أية حال، لم يكن برنامج «أداء» الشيء الوحيد الذي يجسد التقدم التكنولوجي الحاصل في الدولة، وليس خفياً أن الحكومة الإلكترونية في دبي، التي أخذت على عاتقها طوال السنوات الثماني الماضية مهمة التحول إلى المجتمع الرقمي، تقدم الآن أكثر من 2600 خدمة حكومية إلكترونياً، وأصبحت مقصداً للعديد من الحكومات شرقاً وغرباً طلبا لخبراتها، وكان تميز خدماتها محل إشادة من منظمات دولية عدة وفي تقارير الأمم المتحدة.


وليس سراً أيضا أن «مدينة دبي للإنترنت» التي كانت حجر الزاوية في المشروع التكنولوجي للإمارات أصبحت صاحبة خبرة في مشروعات التوسع الخارجي، لا تقل أهمية عن خبرة موانئ دبي ومطارات دبي، وحصلت على عقود عدة لإنشاء مدن مماثلة في كل من مالطا، والهند، وهناك عقود مهمة كثيرة تنتظر الكشف عنها.


 وقد أبهرت إدارة الجنسية والإقامة في دبي زوار المعرض من خلال عرض جهاز حديث يتيح للمواطنين إدخال جواز سفرهم من ناحية، والحصول على جواز سفر جديد من الناحية الأخرى خلال أقل من خمس دقائق، وجهاز آخر يتيح للكفيل والمكفول الحصول على تأشيرة الزيارة عن طريق الموبايل.  وكانت شرطة أبوظبي سباقة في عرض أحدث تجربة في العالم للتحقق من الهوية، ليس من خلال بصمة العين التي مازال العالم يلهث وراءها، وإنما من خلال بصمة الوجه، وهي تكنولوجيا أكثر تطوراً بثلاثة أجيال على الأقل من تكنولوجيا بصمة العين. وما يقال عن شرطة أبوظبي وجنسية دبي ليس إلا غيضاً من فيض في قائمة طويلة تشمل البلديات والجمارك التي استطاعت أن تقترب من تقديم 100% من خدماتها بصورة إلكترونية.


 وبلغة الأرقام فإن إنفاق الإمارات على تكنولوجيا المعلومات في العام الماضي وفق أقل التقديرات تجاوز 11.4 مليار دولار من إجمالي الأنفاق في منطقة الشرق الأوسط، والذي وصل إلى 73 مليار دولار بنسبة تزيد على 17%، ومن المتوقع له أن يصل إلى 14.1 مليار دولار بحلول عام 2011، وبالتالي فإن الحصاد الذي جنته الإمارات في «جيتكس» كان محصلة لسنوات طويلة من التخطيط المدروس والعمل الجاد والاستثمار المكثف في تنمية العضلات التكنولوجية للدولة.      georgefahim_63@hotmail.com

تويتر