الشمول المالي الرقمي مسؤولية عالمية

قال جيم يونغ كيم، الرئيس الثاني عشر لمجموعة البنك الدولي في وقت سابق: "باتت جميع الإمكانيات متاحة للوصول إلى الخدمات المالية، وذلك بفضل التقنيات الجديدة ونماذج التحويل والإصلاحات الواعدة التي اتخذت لتعزيز قدرات الأفراد على الوصول إلى تلك الخدمات".
وبعد عشر سنوات على ذلك، نرى أن الفجوة بين الأفراد الذين لديهم إمكانية الوصول وأولئك غير القادرين على الوصول إلى تلك الخدمات تتزايد بوتيرة متسارعة على الرغم من دخول الرقمنة إلى قطاع الخدمات المالية، والجهود الحثيثة التي بذلت لمعالجة الفجوة القائمة، ما يؤكد أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.  

يعزا هذا النقص في الشمول المالي إلى عدم قدرة البعض على الاتصال بالإنترنت ذات النطاق العريض، على الرغم من أن هذه المشكلة خضعت للتدقيق خلال فترة الإغلاق التي أعقبت انتشار فيروس كوفيد-19.
وتظهر الأرقام التي يتم الإبلاغ عنها بانتظام أنه من الصعوبة التغلب على هذه الحجة، إذ يعيش 85٪ من سكان العالم في منطقة تغطيها شبكة الجيل الرابع ، لكن لا يزال ثمة 3.5 مليار شخص غير متصل بالإنترنت ، غالبًا بسبب عدم قدرتهم على تحمل التكاليف، حيث تُظهر الأبحاث أن تكلفة النطاق العريض للأجهزة المحمولة في بعض البلدان أعلى 18 مرة من المعدل الوسطي للرواتب المحلية .

في العام 2015، حددت الأمم المتحدة أهداف التنمية المستدامة  لعام 2030 من أجل تحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع، والتي تشمل 17 هدفاً من ضمنها القضاء على الفقر وعدم المساواة وضمان جودة التعليم والصحة والرفاهية، بالإضافة إلى تحقيق الشمول المالي باعتباره ضروري لنجاح ثمانية من هذه الأهداف. ولكن، بهدف تمكين الجميع من الوصول الآمن إلى الخدمات المالية وعدم التعرض لضغوط كبيرة في السنوات الثماني المقبلة ينبغي تطوير البنية التحتية اللازمة.

انطلاقًا من هذه الحاجة، أطلق تحالف "إديسون" ، وهو مبادرة عالمية تضم 46 منظمة من القطاعين العام والخاص تحدي "حياة مليار شخص"، الذي يهدف إلى تقديم الدعم والتشجيع للحكومات والمنظمات والمؤسسات العالمية المتعهدة بتحسين حياة الأفراد وتمكينها من الوصول إلى الخدمات الرقمية عبر قطاعات الصحة والمالية والتعليم بتكاليف معقولة بحلول عام 2025.

والتزامًا بهذا التحدي، تعهدت ويسترن يونيون بتمكين 300 مليون شخص من الاتصال رقميًا بالاقتصاد العالمي من خلال محافظ  الهاتف المحمول. وكذلك تعهدت مستشفيات أبولو، التي تقدم خدمات الرعاية الصحية عن بُعد إلى 16.5 مليون شخص في العالم، بتوسيع برنامجها والوصول إلى 20 مليون شخص إضافي.
 في العام 2020، حققت ماستركارد هدفها الذي وضعته لخمس سنوات بإدخال 500 مليون شخص ليس لديهم حسابات مصرفية إلى النظام المالي، وتخطط للوصول إلى 500 مليون آخرين خلال السنوات الثلاث المقبلة.

يوجد الكثير من مبادرات الشمول الرقمي في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، ففي السعودية مثلًا، تعمل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على تنفيذ مشروع الشمول الرقمي للمناطق الريفية السعودية وعلى مبادرة نشر النطاق العريض اللاسلكي في المناطق النائية ، بهدف ضمان إيصاله لنحو 3 آلاف منطقة نائية أي ما يقارب 450 ألف أسرة و2.57 مليون نسمة.

وساهمت استراتيجية الشمول الرقمي التي اعتمدها قطر في حصولها على المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر تقييم حقوق النفاذ الرقمي  لعام 2020 (DARE INDEX) الصادر عن المبادرة العالمية لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات الشاملة.
 وفي الإمارات، أعلنت حكومة أبوظبي عن إطلاق الشهر الرقمي في مارس 2020 لتسليط الضوء على أهمية التحول والشمول الرقمي لرؤية  الدولة 2030.

إن الاستمرار في إيجاد طرق، سواء كانت مصرفية أو غير مصرفية، لإشراك الجميع في النظام المالي العالمي كربط الشبكات الرقمية بشبكات التجزئة، يساهم في خدمة المستهلكين بشكل أفضل وأكثر شمولاً. وهذا ما دفع ويسترن يونيون إلى بناء منصة عابرة للحدود تمنح المستهلكين خيارات عدة لإرسال الأموال من أي مكان. وفي ظل تنوع الاحتياجات الفردية وتوسعها، تلعب الشراكات الإستراتيجية  مع مزودي الاتصالات والخدمات المالية دورًا جوهريًا، إذ أن التوسع في النظام البيئي المالي من خلال دمج قدرات منصتنا مع منصات وأسواق خارجية رائدة يخولنا مساعدة المزيد من المستهلكين في مناطق جغرافية وثقافية واقتصادية مختلفة وتلبية احتياجاتهم المالية اليومية.

وقد سلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على أهمية التعاون والتكافل العالمي في الوصول إلى حلول لمكافحة الوباء، وهذا بدوره، يظهر أهمية تسريع التعاون العالمي بين القطاعات لإرساء بنية تحتية تضمن الوصول المتكافئ للجميع وتسهم في تحقيق الشمول المالي والرقمي. فعندما نعالج الفجوة الرقمية، سنكون قادرين على تعزيز الوصول إلى المنتجات والخدمات المالية ونقترب من إرساء عالم أكثر عدلاً وإنصافًا للجميع.

 

تويتر