آليات تساعد الشركات في قطاعات الموضة والسفر وصناعة السيارات على تطبيق الاستدامة بشكل صحيح

قال سامي ملكاوي، المدير الإقليمي لدى شركة لينكون في الشرق الأوسط إن المحادثات حول مفهوم الاستدامة توسّعت بشكل متسارع على مدار العقدين الماضيين، ووصلت إلى ذروتها خلال اجتماع مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP26 العام الماضي، حيث التقى قادة العالم في غلاسكو لإلقاء خطابات جدية حول حالة الطوارئ المناخية، وأعلن باحثو مكتب الأرصاد الجوية البريطاني الأسبوع الماضي أن هناك "فرصة 50-50" أن ترتفع درجة حرارة العالم بأكثر من 1.5 درجة مئوية خلال السنوات الخمس المقبلة.

وأضاف: "تمتلك الاستدامة مفهوم أوسع مما يدركه الكثيرين، ولا تقتصر على البيئة فقط، بل تشمل أيضاً المجتمع والاقتصاد، وهو الجانب الذي يستقطب أكبر قدر من الاهتمام في وسائل الإعلام عند الحديث عن الاستدامة. وأدت حرائق الغابات في أستراليا والفيضانات في ألمانيا وارتفاع مستويات سطح البحر في الصين وموجات الحر غير المسبوقة في جنوب آسيا إلى ظهور النتائج الأسوأ لتغير المناخ والتي أدت إلى تكبّد المجتمعات لتكلفة حقيقية وذات آثار سلبية في كل مكان".

وكانت معالجة التحديات المتعلقة بالمناخ مَهمة محصورة بالحكومات خلال معظم فترة القرن العشرين. وانتشر الضباب الدخاني والأنهار الملوثة في جميع أنحاء المملكة المتحدة والولايات المتحدة في فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي نتيجةً لعدم وجود قوانين بيئية تنظّم قطاع الصناعة، والتي تم كبحها في النهاية عن طريق التنظيم. وبعد مرور عقدين من الزمن، قادت المنظمات غير الحكومية مثل "أصدقاء الأرض" حملات تفاعلية للغاية ركّزت على دور الشركات في التسبب بالضرر للبيئة. ودخلت المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) في الاتجاه السائد خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، لكن لم تبدأ الشركات في تبني هذه المسؤولية على أنها خطوة مهمة وجوهرية إلا مؤخراً.

ويركز كل قطاع في عام 2022 على الاستدامة، ليس فقط لتعزيز العلاقات العامة وإنما أيضاً لتحقيق الربح، وقطاع الرفاهية ليس استثناءً عن ذلك. وفيما يلي بعض الأمثلة على كيفية تحقيق الشركات في قطاعات الموضة والسفر وصناعة السيارات للاستدامة بشكل صحيح.

قطاع الأزياء

لطالما كان قطاع الأزياء مصدراً رئيسياً للتسبب بالضرر الكبير للبيئة، حيث يتسبب إنتاج السلع في هذا القطاع بنسبة 10% من انبعاثات الكربون في العالم، ويتم التخلص من 85% من المنسوجات على أساس سنوي. وأدى ظهور الموضة السريعة كالأزياء الجاهزة ذات الأسعار المعقولة والإطلالة الجيدة والتي يتم إنتاجها بثمن بخس ولا تدوم طويلاً إلى تفاقم مشكلة الانبعاثات الضارة.

ومع ذلك، نشهد اليوم اتخاذ العلامات التجارية لبعض الخطوات الإيجابية التي تستحق الاحتفال بها على الرغم من أنّ هذا التغيير قد يُعزى جزئياً إلى ظهور جيل الألفية وجيل Z كجمهور أساسي مهتم بشراء العلامات التجارية الأكثر وعياً اجتماعياً.
وهناك العديد من الأمثلة التي يمكننا ذكرها. يجلب بائعو السلع الفاخرة منتجاتهم إلى الاقتصاد الدائري، حيث أطلقت مجموعة LVMH الفرنسية الفاخرة التي تشمل Dior وGivenchy وLouis Vuitton في محفظتها الفاخرة، منصة لإعادة بيع منتجاتها التي لا يتم شراؤها لوقت طويل أو بقايا النسيج عبر الإنترنت. وقد يحتوي حذاء برادا القادم الذي تشترونه على مادة Econyl، وهو نايلون معاد تدويره ومصنوع من شباك الصيد المهجورة. كما تستخدم فساتين علامة ألكسندر ماكوين مادة أخرى معاد تدويرها، وهي البوليستر، وتحتوي بعض نظارات إمبوريو أرماني على المواد الطبيعية. وعرضت علامة ستيلا مكارتني خلال أسبوع الموضة بباريس الذي يقام في شهر أكتوبر، حقيبة Frayme Mylo، وهي أول حقيبة يد فاخرة في العالم يتم إنتاجها باستخدام مادة mycelium، وهي البنية الجذرية للفطر والتي "لا تقل متانة أو رقياً عن جلد الحيوانات" حسب قول المصممة.

أما في منطقة الشرق الأوسط، فتستخدم  علامة الأزياء السعودية الأخلاقية أباديا هنا في المنطقة مخزوناً من مواد المنتجات الفاخرة لإنتاج تصاميم تقليدية مستوحاة من الشرق الأوسط. وتتميز ملابس أباديا بجلودها القادمة من مصادر أخلاقية وتفخر العلامة التجارية لتزويدها الحرفيين الذين يصنعون هذه المنتجات ومعظمهم من النساء، بمصدر دخل مستدام.

قطاع السفر

السفر مثل الموضة، لم يكن قطاع مرتبط بالاستدامة البتة. وتشير الإحصاءات إلى أنّ قطاع الطيران مسؤول عن حوالي 2.4% من انبعاثات الكربون العالمية، وحوالي 5% من الاحتباس الحراري.
وأدت السياحة الكثيفة في وجهات مثل البندقية وبالي إلى آثار اجتماعية وبيئية سلبية، في حين أن المجتمعات الساحلية المعتمدة على السياحة كما في تايلاند وجزر المالديف ومدغشقر تشعر بتأثير تغيّر المناخ من خلال ارتفاع مستويات سطح البحر.

ونظراً لأن التركيبة السكانية لعشاق السفر الفاخر أصبحت مركزة في فئة الشباب الأكثر وعياً بالمناخ، أصبحت تستجيب الشركات العاملة في هذا المجال لأهمية توفير وجهات وتجارب أكثر استدامة. وعرضت هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) هنا في الإمارات العربية المتحدة ثلاثة من مشاريع السياحة البيئية لديها في حدث سوق السفر العربي الأخير. وسيُفتتح منتجع البريدي الفاخر من فئة الخمس نجوم والتابع لشركة شروق العام المقبل وسيكون مجاور لمشروع سفاري الشارقة، أكبر حديقة محمية في المنطقة لرحلات سفاري الحياة البرية خارج أفريقيا. وتتعاون "شروق" مع هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة لضمان حصول الأنواع البرية التي تعيش في الحديقة على أفضل معاملة.

كما نشهد تطوراً يستحق الاهتمام في المملكة العربية السعودية، ومثل العديد من الإنجازات التي نجدها في المملكة، هناك مشاريع رائعة في البحر الأحمر كالأرخبيل المكون من 90 جزيرة والذي يضم أميالاً من الصحاري الشاملة والمناظر الطبيعية ذات البراكين والأودية والتي تهدف جميعها إلى وضع معايير جديدة في السياحة المتجددة والتنمية المستدامة وتوفير الفرص للمجتمعات المحلية والتجربة الإقليمية الرائدة في "السياحة الطبيعية".

وستستخدم هذه الوجهة السياحية الضخمة مولدات الوقود الحيوي لتشغيل منشآتها، والتي ستعتمد بنسبة 100% على الطاقة المتجددة. وتستهدف أكثر من 75% من المباني في المشروع حصد تصنيف LEED البلاتيني، وهو أعلى تصنيف يُستخدم لقياس استدامة المبنى وكفاءة الموارد.

صناعة السيارات

هناك العديد من الطرق لتحقيق الاستدامة بالنسبة لشركات صناعة السيارات الفاخرة. وتُعدّ الكهربة طريقاً واضحاً للاستدامة، لكن بالنسبة للسيارات غير الكهربائية، هناك الكثير من السبل التي يتمّ اتباعها لبناء مستقبل أنظف.

وتلعب علامة لينكون دورها في هذا المجال عبر استكشاف الاستدامة من خلال عدة وسائل. وكشفت الشركة خلال الشهر الماضي عن سيارة الدفع الرباعي لينكون ستار ذات المفهوم الكهربائي والتي تمتاز بإمكانيات التصميم الرائعة والمستقبلية. وتم تصميمها لتكون الملاذ الأمثل للركاب وجسر يجمع بين الجمالية المستقبلية وتجربة القيادة الذاتية المتطورة والتقنيات التجريبية والأداء المذهل.

وتخطط علامة لينكون، التي احتفلت بالذكرى المئوية لتأسيسها العام الماضي ، لإطلاق أربع سيارات كهربائية بحلول عام 2026. وعلى الرغم من أننا ندرك أن المستقبل سيكون كهربائياً لبعض الوقت، إلا أننا اتخذنا أيضاً خطوات مستدامة في سياراتنا المختلفة. فعلى سبيل المثال، تتميز سيارة سيدان متوسطة الحجم MKZ بمقاعد من الجلد الصناعي، وتم تضمين رغوة البولي يوريثان القائمة على فول الصويا في وسائد مقاعدها وظهر المقاعد منذ عام 2010، وهي خطوة متبعة أيضاً في سيارة الدفع الرباعي الفاخرة والرائدة لدينا نافيجيتور.

وأطلقنا منذ أكثر من عقد من الزمن أيضاً سيارة MKZ Hybrid، أول مركبة هجينة لدينا على الإطلاق. وتركز علامة لينكون  على تحسين كفاءة استهلاك الوقود وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في أحدث طرازاتها، والتي تعدّ جميعها أكثر مراعاة للبيئة من سابقاتها.

 

تويتر