المزيد من الإغلاق يؤدي إلى تعريض الاقتصاد العالمي للركود

«صفر كوفيد» تضع الاقتصاد الصيني في خطر

بعد ما يقرب من شهرين بدأ إغلاق مدينة شنغهاي يخف لكن البلاد بعيدة عن أن تكون خالية من الفيروس. أرشيفية

على مدار الـ20 عاماً الماضية، كانت الصين أكبر مصدر للنمو الاقتصادي العالمي، وأكثر الدول التي يحظى اقتصادها بالثقة الدولية، إذ أسهمت بربع الارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال تلك الفترة.

«صفر كوفيد»

ومنذ الانفتاح بعد وفاة مؤسس جمهورية الصين الشعبية، الزعيم ماو تسي تونغ، اتخذ الحزب الشيوعي نهجاً عملياً لإثراء البلاد، من خلال مزج إصلاحات السوق الحرة مع سيطرة اقتصاد رأسمالية الدولة. إلا أنه يمكن القول حالياً إن اقتصاد الصين في خطر، بسبب سياسة «صفر كوفيد» التي تنتهجها البلاد لمكافحة تفشي فيروس كورونا، والتي تسببت في ركود.

وتقول مجلة «إيكونيميست» إن تلك السياسة تظهر مشكلة أكبر، وهي «النضال الأيديولوجي للرئيس الصيني تشي جين بينغ، لإعادة تشكيل رأسمالية الدولة»، محذرة من أن بقاء الصين في هذا المسار يؤدي إلى تباطؤ نمو اقتصادها، مع عواقب وخيمة عليها وعلى العالم.

قيود الإغلاق

بعد ما يقرب من شهرين، بدأ إغلاق مدينة شنغهاي يخف، لكن البلاد بعيدة كل البعد عن أن تكون خالية من الفيروس، خصوصاً مع تفشي المرض في مدينتي بكين وتيانجين، حيث يعيش أكثر من 200 مليون شخص في ظل قيود إغلاق واقتصاد مترنح. بدورها، تراجعت مبيعات التجزئة في أبريل بنسبة 11% عن العام السابق، كما انخفض الإنتاج الصناعي وحجم الصادرات.

وقد تكافح الصين لتنمو أسرع بكثير من أميركا للمرة الأولى منذ عام 1990، لكن بالنسبة إلى الرئيس بينغ، فإن توقيت الإغلاق مروع، حيث ينعقد المؤتمر الـ20 للحزب في وقت لاحق من العام الجاري، ويعتزم الرئيس تولي فترة رئاسة ثالثة.

تحمل المسؤولية

يتحمل الرئيس بينغ الكثير من المسؤولية عن الضربات المزدوجة التي تحدث للاقتصاد، لسببين، الأول هو سياسة «صفر كوفيد» التي فرضها لمدة 28 شهراً، إذ يخشى أن يؤدي فتح البلاد إلى تفشي موجة من الفيروس. والثاني أنه يرفض استيراد اللقاحات الغربية الأكثر فعالية، مع وجود نحو 100 مليون شخص فوق سن الـ60 لم يحصلوا بعد على الجرعة الثالثة من التطعيم. وبدلاً من ذلك، فإن خطته هي منع انتشار فيروس كورونا قبل العام المقبل.

وخلال العام الجاري، تراجعت الصين عن استضافة كأس آسيا لكرة القدم، لكنها تضع محطات اختبارات وجيشاً من الأطقم الصحية لإجراء فحوص «كورونا». ونظراً لأن «أوميكرون» سريع الانتشار، فإن المزيد من حالات الإصابة بالمرض وما ينجم عنها من الإغلاق، أمر لا مفر منه. ولكن بما أن سياسة «صفر كوفيد» مرتبطة بالرئيس شي بينغ، فإن من الصعب انتقادها شعبياً.

ركود صناعي

وقد تسببت عاصفة من الإجراءات الحكومية الجديدة في ركود صناعة التكنولوجيا الديناميكية التي تسهم بنسبة 8% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تأثر قطاع العقارات، المسؤول عن أكثر من خمس الناتج المحلي الإجمالي، مع انخفاض مبيعات المساكن بنسبة 47% في أبريل، مقارنة بالعام الذي سبقه. وتتطلع الحكومة لأن يساعد برنامج التحفيز الواسع الذي يجري العمل عليه في تحقيق هدف النمو الرسمي البالغ 5.5% لعام 2022. وفي 19 مايو الماضي، حث رئيس الوزراء، لي كه تشيانغ، المسؤولين، على «التصرف بحسم» لاستعادة النمو، كما خفض البنك المركزي معدلات الرهن العقاري، في وقت حاول فيه الحزب الحاكم طمأنة شركات التكنولوجيا. الاقتصاد الأيديولوجي للرئيس له تداعيات كبيرة على العالم. وعلى الرغم من أن برامج التحفيز يمكن أن تؤدي إلى زيادة الطلب، فمن المرجح أن يؤدي المزيد من الإغلاق إلى تعريض الاقتصاد العالمي لخطر الركود.


سلاسل التوريد

لا يمكن، بل من المستحيل، للشركات متعددة الجنسيات تجاهل حجم الصين وتطورها، لكن المزيد من السياسات الحالية سيؤدي للعمل إلى إعادة التوازن لسلاسل التوريد بعيداً عن الصين، كما تفعل شركة «آبل» الأميركية.

وقد تهيمن الشركات الصينية على بعض الصناعات في العقد الثالث من القرن الحالي، لكن من المرجح أن يصبح الغرب مستورداً أكثر حذراً للمنتجات الصينية.

وفي الدبلوماسية، يعني وجود قطاع خاص أقل طموحاً واستقلالية، أن وجود الصين في الخارج سيكون سياسياً فقط، وتقوده الدولة بدرجة أكبر، لكنه أقل فاعلية.

تويتر