برمجيات ترسل منشورات آلية وتتفاعل مع المستخدمين الحقيقيين بطريقة تُحاكي الأسلوب البشري

«البوتات الاجتماعية».. جرس يُنبه «تويتر» إلى أهمية تحسين دفاعاته

صورة

برزت خلال السنوات الأخيرة، محاولات عدة للاستفادة من بيانات الشبكات الاجتماعية، مثل «تويتر»، في رصد ودراسة اتجاهات المستخدمين حول موضوعات مختلفة مثل تقييم المنتجات، وتفشي الأمراض، وحالة المرور، والكوارث الطبيعية، والقضايا السياسية.

ومع ذلك، تبقى هذه الشبكات عرضة لهجمات من برمجيات تعرف باسم «البوت الاجتماعي» أو «SocialBot»، وهي أحد أنواع «بوتات» أو «روبوتات» الإنترنت التي تُستخدم لإرسال منشورات آلية، والتفاعل مع المستخدمين الحقيقيين بطريقة تُحاكي الأسلوب البشري، وتستعين هذه البرمجيات ببعض تقنيات الذكاء الاصطناعي والتنقيب في البيانات وتحليلها، وتنتشر بشكل خاص في موقع التدوين المُصغر «تويتر».

وسعت دراسة أجراها باحثون في «الجامعة الاتحادية في ميناس جيرايس» بالبرازيل، إلى استكشاف الاستراتيجيات التي تتبعها هذه البرمجيات، وفرص نجاحها في التسلل إلى «تويتر»، وجذب متابعين حقيقيين، كما درست السمات التي تُرجح تفوق بعض «البوتات الاجتماعية» عن غيرها.

وبعكس ما قد يعتقده البعض بسهولة اكتشاف حسابات «البوتات الاجتماعية» في «تويتر»، بسبب أسلوب كتابة التغريدات، وآليات الدفاع التي يعتمدها الموقع، أكدت نتائج الدراسة نجاحها في النفاد إلى «تويتر»، وتأثيرها الملحوظ وسط مستخدمين حقيقيين.

وبدأ الباحثون بإنشاء 120 «بوتاً اجتماعياً» في «تويتر»، لكل منها ملف شخصي يحمل النوع سواءً كان ذكراً أم أنثى، وعدد قليل من المتابعين من بينهم بعض الروبوتات. ونشرت هذه الحسابات تغريدات بصورة آلية من خلال إعادة نشر ما يكتبه آخرون، أو بتركيب تغريدات بصورة آلية اعتماداً على مجموعة من القواعد تجمع الكلمات الشائعة حول موضوع معين، وتضعها في جملة واحدة.

كما حدد الباحثون لكل «بوت» منها مستوى لنشاطه في «تويتر»، واستهدف مستوى النشاط المرتفع النشر لمرة واحدة على الأقل كل ساعة، بينما استهدف المستوى المنخفض من النشاط، النشر مرة في كل ساعتين، ويُلاحظ هنا أن كلا المستويين يتجاوز نشاط أغلبية المستخدمين العاديين من البشر.

وحدد فريق البحث توقيتاً لخمود الحسابات ليُحاكي وقت النوم، وامتد بين الساعة الـ10 مساءً والتاسعة صباحاً بتوقيت المحيط الهادئ.

ووجه الباحثون «بوتات» لثلاث مجموعات محددة من المستخدمين، ضمت المجموعة الأولى 200 شخص جرى اختيارهم عشوائياً من بين مستخدمي «تويتر»، بينما ضمت الثانية 200 شخص يكتبون بشكل منتظم حول تطوير البرمجيات، أما المجموعة الثالثة فشملت 200 شخص من مطوري البرمجيات المترابطين اجتماعياً في «تويتر».

ومع إطلاق هذه البوتات في «تويتر»، سعى الباحثون أولاً للتعرف إلى ما إذا كان بإمكانها التهرب من آليات الدفاع التي يعتمدها «تويتر» لمنع الحسابات المزيفة والإرسال الآلي. وأظهرت النتائج أنه خلال مدة التجربة التي استمرت 30 يوماً، عطل «تويتر» 38 من بين 120 روبوتاً اجتماعياً، ما يعني أن 69% من الروبوتات الاجتماعية نجحت في تجاوز إجراءات الكشف.

واستهدفت الخطوة التالية للدراسة، البحث في مدى نجاح هذه الروبوتات في التأثير والوجود وسط المجموعات التي استهدفتها. وخلصت الدراسة إلى نتيجة مفاجئة، إذ نجح 120 روبوتاً اجتماعياً في جذب إجمالي 4999 متابعة من 1952 مستخدماً مختلفاً، وجذب ما يزيد على 20% منها عدداً من المتابعين يفوق ما يتوافر لدى 46% من المستخدمين الحقيقيين في «تويتر».

واتجه الباحثون إلى دراسة تقييم حسابات الروبوتات الاجتماعية في خدمة «كلوت» Klout، وهي خدمة على الإنترنت تقيس تأثير الحسابات في «تويتر» وتمنحها درجة تراوح بين صفر و100. ووفق نتائج الدراسة، حققت «البوتات الاجتماعية» ترتيباً ساوى، بل تجاوز في بعض الأحيان، درجة العديد من الشخصيات المعروفة من الأكاديميين والباحثين في مجال الشبكات الاجتماعية.

وفي ما يتعلق بالعوامل التي تقف وراء تفاوت درجة نجاح «الروبوتات الاجتماعية»، بينت النتائج أهمية مستوى نشاط الحساب، إذ كلما زاد نشاط الحساب في نشر التغريدات زادت شعبية «البوتات» في شبكاتها الاجتماعية.

ولا يبدو هذا مفاجئاً، نظراً إلى أن «البوتات» الأكثر نشاطاً يزيد احتمال اطلاع المستخدمين على تغريداتها، ويعني ذلك في الوقت نفسه زيادة احتمالات اكتشافها من جانب آليات الدفاع في «تويتر».

وكان من بين النتائج المثيرة للدهشة، تفوق أداء «البوتات الاجتماعية» التي ولدت تغريدات خاصة بها من مزج الكلمات الشائعة، على نظيرتها التي اعتمدت على إعادة نشر تغريدات الآخرين، ما يُشير إلى عجز مستخدمي «تويتر» عن التمييز بين التغريدات التي كتبها بشر، وتلك التي ألفتها «بوتات» أو برمجيات آلية.

وعزت الدراسة السبب إلى أنه من الشائع في «تويتر» كتابة عدد كبير من التغريدات بأسلوبٍ غير رسمي، ولا يراعي القواعد النحوية، ولذلك يُمكن للنماذج الإحصائية البسيطة إنتاج تغريدات ذات مستوى من الجودة يُماثل تلك التي يكتبها مستخدمون بشريون.

وإضافة إلى ذلك، تفاوت تأثير «البوتات الاجتماعبة» بحسب المجموعات التي استهدفتها، فجذبت أقل عدد من المتابعين وسط مجموعة مطوري البرمجيات المرتبطين ببعضهم بعضا في «تويتر»، في حين حققت أكبر عدد بين المجموعة الثانية التي ضمت أشخاصاً من المعنيين بتطوير البرمجيات وكتبوا عنها بمعدل منتظم.

كما كان للنوع دور في تفاوت تأثير «البوتات»، وعلى الرغم من نجاح «البوتات» التي حملت حساباتها إشارة إلى النوع بالذكر أو الأنثى بمعدل متساوٍ، فإن «البوتات الاجتماعية» التي حملت صفة الأنثى كانت أكثر فاعلية في جذب المتابعين بين أفراد المجموعة الثالثة من مطوري البرمجيات المرتبطين ببعضهم بعضاً.

وترجع أهمية الدراسة، التي جاءت تحت عنوان «استراتيجيات الهندسة العكسية لتسلل (البوتات الاجتماعية) في (تويتر)»، إلى بيانها مدى تعرض «تويتر» للهجمات الآلية بشكل أكثر مما كان معروفاً، الأمر الذي قد يؤثر في مجال تحليل التغريدات بهدف دراسة اهتمامات وآراء الجمهور.

ومن بين الأمور المُثيرة للقلق إمكانية تصميم «بوتات اجتماعية» تستهدف التأثير في فئة محددة من المستخدمين في ما يخص قضية بعينها، مثل تطوير «بوت» ينشر شائعات خاطئة حول مرشح سياسي بطريقة تؤثر في آراء واتجاهات الناخبين.

وكل ذلك يجعل من الدراسة بمثابة جرس إنذار يُنبه «تويتر» لحاجته إلى تحسين أساليبه الدفاعية في مواجهة «البوتات»، وهو أمر ليس من السهولة بمكان نظراً إلى الحاجة لاكتشاف «البوتات الاجتماعية» وإيقافها دون استبعاد مستخدمين حقيقيين.

 

تويتر