دراسة: تقنيات تعقب حــركة العين بدلاً من كلمات المرور التقليــدية

دراسة: طرق التحقق المستندة على المقاييس الحيوية ستحقق نجاحاً وانتشاراً في المستقبل. أرشيفية

على الرغم من بعض أوجه القصور التي ترافق استخدام كلمات المرور العادية، كاحتمال نسيانها أو تعرضها للسرقة، إلا أنها تظل الوسيلة الأهم والأوسع انتشاراً للتحقق من الهوية الإلكترونية وحماية البيانات الشخصية في الحواسب والحسابات المصرفية والبريد الإلكتروني ومواقع الإنترنت.

واحتفظت كلمات المرور بمكانتها حتى عقب الاتجاه إلى اعتماد القياسات الحيوية، مثل بصمات الأصابع والصوت وقزحية العين، كوسائل أكثر أمناً للتحقق، ولم تنتشر هذه الأساليب على الرغم مما توفره من مميزات، مثل اختلافها بين كل شخص وآخر، وقلة اختراقها.

وترى دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة «واشنطن» الأميركية أن أحد الأسباب التي تعيق انتشار مثل هذه الأنظمة هو إهمالها النسبي للمستخدمين، فلا يراعي تصميمها غالباً توفير السهولة والراحة، متوقعة أنه في حال راعى القائمون على تصميم أنظمة التحقق بالقياسات الحيوية آراء وتفضيلات المستخدمين أن تتفوق على كلمات المرور التقليدية.

وتعتقد الباحثة سيسيليا أراغون أن طريقة تفاعل المستخدمين مع أجهزة القياسات الحيوية هي العامل الأساسي في تحديد مستقبلها، وبداية للتعامل معها كأنظمة اجتماعية تقنية لا تتطلب فقط توفير الفاعلية والدقة، لكن يجب أن يثق بها المستخدمون ويقبلوها، وألا يصيبهم الإحباط جراء استعمالها.

وترى أهمية الجمع بين تطوير الجانب التقني وتحسين واجهة الاستخدام في الوقت نفسه للتأكد من ملاءمة التقنية للمستخدمين، إضافة إلى استيعاب آراء جميع الأطراف المشاركة أولاً بأول أثناء تصميم نظام للتحقق من الهوية يعتمد على المقاييس الحيوية أو البيومترية.

وتضمنت الدراسة التي عُرضت نتائجها الشهر الماضي في المؤتمر الدولي حول المقاييس الحيوية في إسبانيا، اختبار طريقة للتحقق من هوية المستخدمين اعتماداً على تعقب حركة العين، وتعتمد على تسجيل طبيعة الحركة المميزة لعين المستخدم في فترة زمنية محددة خلال متابعته لعنصر متحرك على الشاشة.

وصمم الباحثون نموذجاً أولياً على الحاسب يحاكي سحب النقود من «آلة الصراف الآلي» باعتبارها عملية مألوفة لكثير من المستخدمين، وتضمن واجهة استخدام شبيهة بالموجودة في الآلات العادية، واختبرت التجربة ثلاث طرق للتحقق، أولها الطريقة التقليدية باستخدام رقم التعريف الشخصي، الذي يتألف من أربعة أرقام، والثانية تعتمد على تتبع حركة العين من خلال عرض يشبه ألعاب الفيديو، وتضم شبكة من تسع دوائر تضئ كل منها تباعاً بترتيب عشوائي، وتتضمن كل منها نقطة حمراء، ما إن تصل إلى قلب الدائرة حتى يخفت ضوؤها بعد ثوانٍ، ويكون على المستخدم توجيه نظره إلى الدائرة المضيئة إلى أن ينتهي من الدوائر التسع، فيما اعتمدت الطريقة الثالثة على تعقب حركة العين لكن من خلال تمرين للقراءة؛ إذ يطلب من المستخدم قراءة نص شعري مع رصد حركة عينه على الكلمات إلى أن يكمل قراءة النص.

وقارنت الدراسة بين الأنظمة الثلاثة من حيث الوقت الذي يستغرقه استعمال كل منها، وعدد المرات التي يطلب فيها من المستخدم إعادة المحاولة، بجانب رأي المشاركين في التجربة في درجة أمان كل منها، وما توفره من راحة في الاستخدام.

وبحسب النتائج كان نظام التحقق التقليدي القائم على إدخال الرقم التعريفي في المركز الأول بفضل سرعته والاعتياد على استخدامه وواجهته المريحة، وفضل المشاركون أسلوب التحقق الثاني على تمرين القراءة، كما تمكنوا من الانتهاء منه أسرع، ورأى أغلبهم أن استخدام التقنيات المتقدمة في التحقق من الهوية يوفر مستوى أعلى من الأمان مقارنة مع نظام التحقق المستعمل في أغلب آلات الصراف الآلي، لكن ثقتهم بنظم تعقب حركة العين تأثرت بسبب فشلهم في تخطيها خلال المحاولة الأولى.

وتوصلت الدراسة إلى أهمية أن تعرض مثل هذه النظم للمستخدمين رسائل مناسبة تشرح موضع الخطأ وتتضمن إرشادات بما ينبغي عليهم فعله، إضافة إلى الاستعانة بآراء المستخدمين خلال تصميم النماذج الأولية، وهو ما سيجعل هذه النظم قابلة للاستخدام.

واستخدم الباحثون لتنفيذ تقنية تتبع العين كاميرات وجهاز لتتبع الحركة المميزة لعين المستخدم. ويعتزم الباحثون تطوير نظام لتتبع حركة العين للأجهزة التي تتضمن استعمال الكاميرات كالحواسب المكتبية.

وبشكل عام تواجه نظم التحقق المستندة على المقاييس الحيوية المُميِزة لكل شخص تحديات عدة منها ما يتعلق بالجوانب التقنية، وضرورة تحسين سرعة ودقة القياس، ورفع قدرتها على مواجهة السرقة ومحاولات الخداع، وما تثيره من مخاوف تتعلق بسرقة وإساءة استخدام بيانات الأشخاص من قبل الحكومات أو أي جهات أخرى، إلى جانب تقبل الناس استخدامها.

ورأت الدراسة أنه على الرغم من الاعتماد على كلمات المرور لسنوات إلا أن طرق التحقق المستندة على المقاييس الحيوية ستحقق نجاحاً وانتشاراً في المستقبل، ولن يضطر المستخدمون إلى تكوين كلمات مرور صعبة وتذكرها أو حمل بطاقات خاصة أينما ذهبوا. 

 

تويتر