مع قلة إقبال مستخدميه على المشاركة وغياب التفاعل

دراسة تتوقع تحوّل «تويـــتر» إلى «منصّة إعلانية»

الدراسة توقعت أن يغدو «تويتر» منفذاً لمتابعة أخبار الشركات والمشاهير. من المصدر

يُعد «تويتر»، وربما أكثر من مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، ساحة مفتوحة للتعبير عن الآراء واكتشاف وجهات النظر المختلفة حول موضوع بعينه، إلى جانب زيادة استخدامه من قِبل العلامات التجارية والمشاهير، وحتى الحكومات، للدعاية لمشروعاتهم، وأيضاً كأداة للتعرف إلى أنماط شخصيات المستخدمين واهتماماتهم وعاداتهم، ويعتمد ذلك كله على ملايين التغريدات التي تُكتب ويُعاد نشرها كل يوم.

ويبحث العاملون في التسويق والصحافة والمهتمون بالدراسات الاجتماعية وسط تغريدات «تويتر»، التي يُقدر عددها بنحو ‬400 مليون يومياً، ويجتهد بعضٌ منهم للبحث عما يشجع الناس على متابعة ما ينشرونه والتفاعل معه، فمن دون تفاعل المستخدمين وآرائهم يفقد «تويتر» قيمته، ويصبح أشبه بوسيلة لنشر الأخبار والإعلانات في اتجاه واحد بشكل أقرب إلى الراديو والتلفزيون. وتتوقع دراسة أميركية اتجاه «تويتر» تدريجياً للاقتراب من هذا الشكل، إذ يعتمد المستخدمون على استقبال رسائل المشاهير والشركات أكثر من كتابة تغريداتهم الخاصة، ويفقد بذلك جانبه التفاعلي المميز.

وسعت الدراسة، التي أجراها كل من الأستاذ المساعد في التسويق بجامعة «بيتسبرغ»، أندرو تي. ستيفن، والباحث أوليفر توبيا، للبحث أولاً عن السبب الذي يدفع مستخدمي «تويتر» إلى إرسال تغريدات، وما إذا كان الهدف هو رغبتهم في نشر أفكارهم وآرائهم للآخرين أم محاولة لزيادة عدد متابعيهم.

وينظر كثير من مستخدمي الموقع، سواء من المشاهير أو غيرهم، إلى عدد المتابعين باعتباره مقياساً للشعبية والانتشار، ومجالاً للمنافسة مع الأصدقاء، وأداة لتقييم الذات.

وحددت الدراسة مجموعة تضم نحو ‬2500 من مستخدمي «تويتر» العاديين، ما يعني أنهم ليسوا من الشخصيات المعروفة أو من ممثلي العلامات التجارية، وتتنوع هذه المجموعة من حيث عدد المتابعين الذي يراوح بين ثلاثة متابعين و‬10 آلاف متابع، وحدد الباحثان نصف المجموعة كمجموعة تحكم والأخرى للاختبار، وتابعا البيانات اليومية عن نشاطهم وعدد التغريدات التي يرسلونها على مدى شهرين.

ولأجل قياس أكثر ما يدفع المستخدمين لزيادة نشاطهم في «تويتر» استعان الباحثان بـ‬100 طالب، وطُلب من كلٍ منهم إنشاء حساب في «تويتر»، واستخدموا في الحسابات الجديدة أسماء تبدو حقيقية، وحددوا موقعهم الجغرافي، وكعادة كثير من المستخدمين الجدد تابع كل منهم بعض الحسابات الشهيرة لمغنين وممثلين، كما كتبوا تغريدات عادية تتضمن جملاً بسيطة تصف جمال اليوم أو صفاء السماء، وذلك بهدف الإيحاء أن الحسابات يستخدمها أشخاص عاديون.

وخلال شهرين قام الطلاب بمتابعة مستخدمي «تويتر» المنضوين تحت مجموعة الاختبار، وهو ما يعني زيادة عدد متابعي كل شخص في هذه المجموعة بمعدل ‬100 متابع، ورصدت الدراسة أثر هذه الزيادة العددية في معدل مشاركة المستخدم في الموقع.

وأظهرت النتائج تبايناً واضحاً بين المستخدمين بحسب أعداد متابعيهم قبل بدء الدراسة؛ إذ لم يطرأ تغيير ملموس على نشاط المغردين ذوي العدد القليل من المتابعين، وكذلك على من يبلغ عدد متابعيهم ‬10 آلاف، ولم يُمثِّل حصولهم على ‬100 متابع جديد إضافة مؤثرة إلى ما لديهم بالفعل، بينما اختلف الأمر في حالة المغردين ذوي العدد المتوسط من المتابعين، فزاد المستخدمون الذين يراوح عدد متابعيهم بين ‬13 و‬26 متابعاً من نشاطهم.

ويُرجِّح ستيفن أن زيادة عدد المتابعين شجعتهم على الوجود وكتابة مزيد من التغريدات، أملاً في جذب جمهور جديد.

وعلى العكس من ذلك، تراجع عدد التغريدات التي يكتبها المستخدمون ذوو العدد الأكبر من المتابعين، بين ‬62 و‬245 متابعاً، بالتوازي مع حصولهم على متابعين جدد.

ويُحلِّل ستيفن موقف الفريق الأخير بأنهم رأوا في زيادة عدد متابعيهم تحقيقاً لمكانة جيدة، وأرادوا المحافظة عليها بتجنب كتابة أي محتوى قد يُغضِب جمهورهم الجديد، وذلك ما جعلهم أكثر حرصاً في كل ما يكتبونه، وبالتالي قلّ معدل مشاركاتهم.

واستناداً إلى هذه النتائج، توصل الباحثان إلى أن الاهتمام الأول لكثير من المستخدمين ينصب على جذب متابعين جدد أكثر من اهتمامهم بالتعبير عن أفكارهم الخاصة من خلال التغريدات، ولذلك تقل مشاركاتهم بالتزامن مع ارتفاع عدد المتابعين، لكن لا تنطبق هذه النتيجة على حسابات المشاهير والشركات والفرق الرياضية، ونحو ذلك؛ فهذه النوعية ستواصل التغريد بالمعلومات أو العروض التي يودّون نشرها بين مستخدمي «تويتر».

ويرى ستيفن أن ذلك سيؤدي إلى تحول «تويتر» من وسيلة للتفاعل الاجتماعي إلى قناة للإعلام والإعلان، ومنفذ تصل من خلاله الشركات والمشاهير إلى المعجبين، ويُحتمل حينها أن يُستخدم بشكل أقرب إلى القوائم البريدية للإعلان عن العروض والمنتجات الجديدة.

وترى الدراسة أن ذلك يُضيف تحدياً جديداً للعاملين في مجال التسويق؛ فسيتعين عليهم البحث عن آليات جديدة للجذب، وتقديم مكافآت لدمج المستخدمين ودفعهم إلى المشاركة والإبقاء على عنصر التفاعل في «تويتر».

ووفق الدراسة، فما يُبطئ من وقوع هذا السيناريو هو تدفق أعضاء جدد على «تويتر»، وغيره من خدمات الإعلام الاجتماعي، لكن مع مُضي الوقت ووصوله إلى حد التشبع، بحيث لا يستقبل مستخدمين جدد، سيكون من الممكن تحوّله إلى منصة إعلانية، ووسيلة لتوصيل المعلومات والأخبار في اتجاه واحد.

تويتر