بعد أن شهد الربع الأخير من عام 2015 أبطأ مُعدل لنمو مبيعات الهواتف الذكية منذ عام 2008

شركات الهواتف الذكية تُركز على الإضافات والمُلحقات للحفاظ على أرباحها

«المؤتمر العالمي للجوال» عُقد في مدينة برشلونة الإسبانية وشكل مسرحاً لعرض الملحقات والقطع الإضافية للأجهزة الذكية. أرشيفية

بعدما مثّلت الهواتف الذكية في مرحلةٍ غير بعيدة جهازاً ثورياً، فإنها تتحول سريعاً إلى سلع تُشبه معظم المنتجات واسعة الانتشار التي يحرص الجميع على اقتنائها. وتُدرك أكبر الشركات المُنتجة للهواتف الذكية هذه الحقيقة، وتتطلع إلى آفاق تتجاوز الأجهزة لجني عائدات إضافية.

تحوّل جديد

ويدل على ذلك، التحوّل الذي يشهده «المؤتمر العالمي للجوال» الذي عُقد في مدينة برشلونة الإسبانية بين 22 و25 من فبراير الجاري، إذ يُمثل الاجتماع السنوي الأبرز لشركات الاتصالات والتكنولوجيا، فيما كان سابقاً ساحةً تعرض فيها الشركات أهم ابتكاراتها في أحدث الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية.

وفي العام الجاري، شكل المؤتمر مسرحاً لعرض الملحقات والقطع الإضافية، ما يُلمح إلى التحول الراهن، وانتشر في أروقة المؤتمر تعبير «قابلية التركيب» أو Modularity لوصف الاتجاه الجديد، إذ يشير إلى القدرة على خلط أجزاء العتاد والبرمجيات أحياناً، والتوفيق بينها في الجهاز.

وقال المُحلل البارز في شركة «مور إنسايتس آند استراتيجي»، باتريك مورهيد: «حين تتشبع الأسواق وتتوقف عن النمو، فإننا نرى مثل هذا دائماً».

ورأى في ما يجري دلالةً مُؤكدة على استعداد الشركات المُصنعة للأجهزة لتبني أفكار مُختلفة جذرياً، في وقت تتزايد فيه صعوبة تمييز الهواتف الذكية عن بعضها.

تباطؤ النمو

ويبدو الاتجاه الحالي استجابةً طبيعية لتباطؤ النمو، إذ ارتفعت خلال الربع الأخير من عام 2015 مبيعات الهواتف الذكية على الصعيد العالمي بنسبة 9.7%، وهو أبطأ مُعدل للنمو منذ عام 2008، بحسب شركة «غارتنر» للأبحاث، في ما ازدادت المبيعات في الأسواق الناضجة مثل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية بنسبة 1.5% فقط.

وبالتالي لم تعد الشركات المُصنعة للأجهزة تُحاول اقتناص أكبر قدر مُمكن من الأرباح ببيع الأجهزة نفسها. وبدلاً من ذلك، فإنها تسعى إلى تحويل الهواتف إلى «بوابات» تسمح لها ببيع الكثير من الأشياء الأخرى الأغلى ثمناً إلى المستهلكين.

وتبحث كل من «أبل» و«غوغل» منذ سنوات في الاستفادة من الأجهزة، باعتبارها منصات تسمح لهما بتسويق برمجيات وخدمات مثل التطبيقات والموسيقى.

بيع العتاد

وتُكيف الشركات المُنتجة للأجهزة هذا النموذج مع بيع العتاد. ومن بين أبرز الأمثلة خلال «المؤتمر العالمي للجوال»، شركة «إل جي» التي كشفت عن هاتفها «جي 5» G5، الذي يرتبط كلياً بمفهوم الوحدات، إذ يُتيح الهاتف ذو الهيكل المعدني، للمستخدمين، إضافة قطع مثل كاميرا مُزودة بخاصية «زوم» بصري، وبطارية إضافية، وأداة لتعزيز الصوت عالي الوضوح. كما تبيع الشركة هذه المُلحقات بشكلٍ مُنفصل، ومن المُرجح أن تُحقق لها أرباحاً أكبر من الهاتف الذي تبيعه بسعر الكلفة تقريباً.

وبالمثل لم تُركز شركة «سوني موبيل» خلال المؤتمر على سلسلة هواتفها الجديدة «إكسبريا إكس»، وإنما على مجموعة من المُلحقات المُصاحبة مثل سماعة الأذن «إكسبريا إير» التي تقرأ للمستخدم رسائل البريد الإلكتروني والتنبيهات الواردة، وكاميرا يُمكن ارتداؤها، وجهاز عرض للصور أو «بروجتكور».

أما شركة «إتش بي» الأميركية فلم ترغب من عرض هاتفها «إليت إكس 3» Elite x3 تقديم مجرد هاتف جديد، بل طرحت الشركة، التي تُركز على المتعاملين من الشركات، الجهاز كعقل يعمل مع كمبيوتر مكتبي أو محمول، مع ملحقات منفصلة مثل شاشة ولوحة مفاتيح وقاعدة تركيب.

بدورها، تعتمد شركة «شياومي» الصينية هذا النموذج منذ سنوات. ومن بدايتها المُبكرة سعت الشركة إلى طرح هواتفها بأسعار منخفضة، ما يجعل منها أجهزة يسهل شراؤها، وتُمثل منصة بداية للمستخدمين يُمكنهم بعدها إضافة برمجيات وعتاد مثل الشواحن، وأجهزة تنقية الهواء، والدرّاجات النارية «سكوتر».

وكشفت «شياومي» خلال المؤتمر عن أحدث هواتفها الذكية «ماي 5» Mi5 الذي يتوافر بهيكل من الزجاج والسيراميك ومعالج من نوع «كوالكوم سنابدراغون 820»، بسعر 250 دولاراً. وفي حين أن «ماي 5» قد لا يُكسب الشركة أرباحاً طائلة، فإن الملحقات والقطع التكميلية ربما تأتي بالمكاسب المنشودة.

وقال نائب رئيس «شياومي»، هوجو بارا: «يُقاس نجاحنا بمعايير تختلف عن الشركات الأخرى». وأضاف: «نرغب في تحويل المتعاملين إلى مستهلكين مُتكررين»، مشيراً إلى أن المنتجات الأخرى مثل الدراجات النارية وأجهزة تنقية الهواء تُوفر هوامش ربح أفضل كثيراً من الهواتف.

شركات الاتصالات

وتستفيد شركات الاتصالات أيضاً من تبني هذا النموذج، إذ يُتيح لها توافر الهواتف بأسعار رخيصة، تقديم خطط للخدمات أغلى سعراً، إضافة إلى الملحقات التي تتمتع بهوامش أكبر للربح. ويقدم العديد من شركات الاتصالات حوافز لموظفيها لتشجيعهم على بيع ملحقات الهواتف.

وأطلقت وحدة «برايت ستار» Brightstar التابعة لمجموعة «سوفتبانك» اليابانية للإنترنت والاتصالات خط انتاجها الخاص بحافظات الهواتف والشواحن. وتعمل الوحدة أساساً في توزيع الهواتف وتوفير خدمات لتجار التجزئة، وتهدف من بيع ملحقات خاصة، إلى مساعدة شركات البيع بالتجزئة والاتصالات على زيادة المبيعات المُضافة. واستندت «برايت ستار» في هذه الخطوة على بيانات تعود لشركة «إيه بي آي ريسيرش» للأبحاث تظهر بلوغ العائدات العالمية لملحقات الهواتف 81.5 مليار دولار خلال عام 2015، وتوقعت ارتفاعها إلى 101 مليار دولار في عام 2020.

أمّا بالنسبة لشركة «سامسونغ إلكترونيكس»، فإنها تُحقق إيرادات تفوق مُختلف الشركات الأخرى التي تصنع هواتف ذكية بنظام تشغيل «أندرويد»، لكن تحركاتها تُدلل على إدراكها نهاية مرحلة الهواتف الذكية، سبيلاً مضموناً لتحقيق الأرباح.

وخلال حدثها الرئيس في «المؤتمر العالمي للجوال» للكشف عن أحدث هواتفها الذكية «جالاكسي إس 7» خطف جهاز الواقع الافتراضي «سامسونغ جير 360» Samsung Gear 360 المُصمم للعمل مع الهاتف، الأضواء والاهتمام.

وشبه مورهيد الوضع القائم بما حدث عقب اتجاه سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصية إلى التباطؤ، وبعدها حافظت الكاميرات والأقراص المُدمجة على السوق، وأعرب عن اعتقاده بمحاولة «سامسونغ» و«إل جي» القيام بالأمر نفسه. وتعليقاً على فعالية «سامسونغ» في المؤتمر، قال مورهيد: «بدلاً من أن يكون الهاتف هو المنتج الرئيس، رأيت الواقع الافتراضي».

تويتر