مع توافر التقنيات الجديدة بكلفة أقل.. وسرعة تحديث الأجهزة ونظم التشغيل

الصين تتفوّق في استخدامات الهواتف الذكية على أميركا

صورة

على الرغم من حصول الأميركيين على أفضل طرز الهواتف الذكية من شركة «أبل» وغيرها، وربما قبل غيرهم، إلا أن استخدامات الهواتف الذكية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى من العالم لاتزال أقل من إمكانات هذه الأجهزة، على الأقل عند مقارنتها بكيفية استعمال الصينيين لهواتفهم الذكية.

ففي الصين تتجاوز الهواتف مهمة الاتصال وتصفح الإنترنت والتراسل، لتمثل الأجهزة الرئيسة للحوسبة بالنسبة لكثيرين، وتشكل بعض تطبيقات التراسل الفوري منصة للكثير من خدمات الحياة اليومية، كالتسوق والألعاب وحجز المواعيد، فضلاً عن تفوق الصين من ناحية سرعة تحديث الأجهزة وأنظمة التشغيل، وابتكار مقدمي الخدمات لنماذج عمل ناجحة تسمح ببث أحدث المسلسلات والأفلام الأميركية على الهواتف مجاناً.

وتستفيد الصين، في ذلك من العدد الأكبر من مستخدمي الإنترنت في العالم، الذين يصل عددهم إلى 649 مليون شخص، ويعتمد 86% منهم على الأجهزة المحمولة، وتخطى الكثير من الشباب الحواسيب المحمولة مباشرة إلى الهواتف الذكية كمنصة رئيسة للحوسبة، وبالتالي تطورت الهواتف لتضطلع بالمهام المتزايدة الموكلة إليها.

وأسهم في ذلك توافر التقنيات الحديثة بكلفة أقل، ما يسمح للمستخدمين بتغيير الأجهزة بمعدل أسرع يفوق الدول الأخرى، فضلاً عن إتاحة العدد الضخم من المستخدمين تجربة الأفكار الجديدة واختبار جدواها. وتتنافس أكبر الشركات الصينية مثل «علي بابا» و«تينسنت» على إقبال المستخدمين على مجموعة متنوعة من خدمات المحمول تشمل التراسل والتسوق والفيديو وتوصيل الأطعمة.

وبطبيعة الحال لا يمكن تجاهل المشكلات التي تواجهها الإنترنت في الصين من ناحية الحريات واستمرار الرقابة الحكومية المشددة.

لكن كحال الكثير من المتناقضات في الصين وغيرها، أسهمت الرقابة والتضييق في ازدهار ابتكارات محلية تلبي حاجات الأجيال الشابة، وبزوغ تجارب صينية ناجحة واستخدامات للهواتف الذكية تتجاوز مثيلاتها في الولايات المتحدة، حسب ما تناول مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أخيراً.

وتتجاوز مهمة تطبيقات التراسل الفوري في الصين مجرد تبادل الرسائل النصية مع الآخرين، لتمثل شبكة اجتماعية لمتابعة الأصدقاء والمشاهير. وإضافة إلى ميزاتها الاجتماعية، تستفيد التطبيقات من مكبر الصوت والكاميرا وخاصية تحديد المواقع الجغرافية، لتتيح للمستخدمين الألعاب، وحجز المواعيد، وطلب سيارات أجرة، ودفع الفواتير، وتأكيد الحضور في الرحلات الجوية وغيرها الكثير.

وبالتالي تعمل تطبيقات التراسل مثل «وي شات» بمثابة نظام تشغيل للحياة، حسب ما أشار إليه، أخيراً، كوني تشان، من شركة «آندرسن هورويتز» الأميركية لاستثمارات رأس المال المغامر. وتستضيف منصة «وي شات» ملايين من التطبيقات الأخرى داخلها، ما يسمح للمستخدمين بإنجاز الكثير من أمور حياتهم اليومية من خلال تطبيق التراسل الفوري.

وتسهل ميزة التحقق من الهوية في «وي شات» استخدامه في سداد الفواتير، إضافة إلى ملاءمته لمختلف أنظمة تشغيل الهواتف الذكية ما يحرر المستخدم من البقاء رهناً لنظامٍ بعينه كما هي الحال مع تطبيق «آي مسج» من «أبل»، و«هانغ آوتس» من «غوغل».

وفي ما يتعلق بالمدفوعات الرقمية، تعد الهواتف الذكية في الصين حافظات فعلية للنقود، ويلجأ كثيرون من المتحمسين للتكنولوجيا إلى سداد أثمان السلع والخدمات بوساطة الهواتف التي تقبل على نطاق واسع، ولا تعتمد على تحديث الباعة لأجهزتهم القديمة على غرار ما تحتاج إليه تقنيات مثل «أبل باي».

وترتبط تطبيقات مثل «وي شات» بحساب مصرفي أو بطاقة ائتمانية، ولا تحتاج إلى تمرير الهاتف على جهاز معين، بل يكفي للمستخدم الوصول إلى حساب التاجر في التطبيق وتحويل النقود إليه.

ويواجه «وي شات» منافسة كبيرة من «علي باي» الذي حاكى في البداية نظام «باي بال» واستهدف ضمان التحويلات المالية في موقع «علي بابا» للتجارة الإلكترونية، وتطور لاحقاً ليصير بديلاً مرناً لسداد الإيجارات والفواتير وإقراض الأصدقاء، والادخار والحصول على قروض، بما يحفز جوانب من الاقتصاد لا تحظى بخدمة كافية من المصارف.

وبعكس الولايات المتحدة التي ينتظر فيها البعض انتهاء التعاقد مع شركة الاتصالات أو تعرض الأجهزة للكسر أو سوء حالتها قبل الإقدام على شراء طرز أحدث من الهواتف الذكية، غالباً ما يحظى المهتمون بالتكنولوجيا في الصين بهاتف جديد كل عام تقريباً.

وما ييسر ذلك توافر هواتف رخيصة بنظام «أندرويد» من إنتاج شركات مثل «هواوي» و«لي تي في» تباع على الإنترنت من دون احتساب الميزانيات الباهظة للدعاية في الهواتف الأميركية، فضلاً عن توافر خدمات الاتصالات من دون عقود، ما يسمح للمستخدمين الحصول على تقنيات أحدث، وكاميرات ومعالجات وشاشات أفضل. وحتى بالنسبة لمستخدمي هواتف «آي فون» في الصين، يقدم كثيرون على بيعها في سوقِ ضخمة للأجهزة المستعملة والحصول على الطراز الأحدث فور طرحه.

ويمثل تخصيص الهواتف لتلائم الأذواق الشخصية جزءاً من ثقافة التحديث، فمثلاً تتيح شركة «شياومي» عرضاً على هواتفها اللوحية الرائجة «مي نوت» يسمح للمستخدم بالحصول على جهاز بغطاء خلفي من «البامبو» بدلاً من آخر مزود بغطاء زجاجي مجاناً.

وكما هي الحال بالنسبة لسرعة تحديث الهواتف الذكية، يحصل الصينيون على تحديثات لأنظمة التشغيل أسرع. وفي حين يتوجب على مُستخدمي هواتف «سامسونغ غالاكسي» في الولايات المتحدة مثلاً الانتظار حتى ترسل الشركة المصنعة التحديث إلى شركات الاتصالات، تتجاوز «شياومي» دور مزودي خدمات الاتصالات.

وتدفع «شياومي» التحديثات المجانية لنسختها من نظام «أندرويد» المعروفة باسم «ميو» MIUI بمعدل أسبوعي غالباً. ويُمكن للمستخدمين المتحمسين التسجيل والحصول على التحديثات المتكررة واختبار النسخ التجريبية، بينما تصل التحديثات للمستخدمين العاديين كل شهر.

ومن بين أوجه الاختلاف الأخرى في استخدامات الهواتف الذكية في الصين عن الولايات المتحدة أنها لا تعد خياراً ثانوياً في ما يتعلق بمشاهدة العروض التلفزيونية والأفلام، ويتوافر في أغلب الأحوال محتوى ذو جودة عالية يبث على الإنترنت.

وساعدت التحديات التاريخية التي واجهتها الصين في حماية الملكية الفكرية السوق على ابتكار نماذج أعمال جديدة في الإعلام، وأقنعت خدمات مثل «يوكو تودو» Youku Tudou، و«آي كي» iQiyi، و«تينسنت فيديو» بعض المتمسكين بالقرصنة بالتخلي عنها، وتوفير محتوى قانوني من الفيديو وجني المال نظير الإعلانات، ودفع المستخدمين لمقابل مالي نظير مشاهدة خالية من الإعلانات.

تويتر